إعلان

ديليفري وكول سنتر.. ''إن فاتك الميري''

04:52 م الأربعاء 30 أبريل 2014

كتبت - نوريهان سيف الدين:
احتفالات ''عيد العمال'' تقترب وشعارات احتفاء ترفع، أيادٍ تحمل معاول بناء، تروس دائرة في حركة الحياة اليومية، هتافات خلدتها الذاكرة المصرية ''المنحة يا ريّـس''، وأمل في زيادة مرتب أو معاش (وألاقي وظيفة لأبني بدل المرمطة اللي مش جايبة همها)- على حد وصف رشدي محمد، الموظف بالتأمينات والمعاشات)، والذي قارن بين شقاء أكثر من 30 عاما في وظيفته الحكومية، إلا أنه مطمئن أن هناك ''معاش'' ينتظره بعد بلوغ سن التقاعد، على العكس من نجله (اللي صرفت تقله دهب على تعليمه وراح اشتغل مندوب مبيعات).

في دائرة رحلة الأعمال في مصر، يقف الموظف والطبيب والمهندس والعامل، ويقف معهم أيضا ''عامل الديليفري والكول سنتر ومندوب المبيعات''، جميعهم شخصت أبصارهم في انتظار رواتبهم، يتحملون عناء أعمالهم، إلا أن هناك دائما ما يصبرهم وهي ''أهي شغلانة أحسن من مفيش''.

استند ''ناصر'' على دراجته النارية المثبت على مؤخرتها ''قفص بلاستيك''، يلتقط أنفاسه بعد الانتهاء من توصيل طلبية لأحد الشقق المجاورة لـ''السوبر ماركت'' الذي يعمل به، دقائق قليلة وقفها في الظل لحين تحضير الطلبية الأخرى واستلام العنوان، أكثر من 20 عام يعمل فيها بهذا المحل متنقلا من وظيفة لأخرى جميعها ارتبطت بالبقالة، وحين انصرف كل عمال ''الديليفري''؛ لم يجد غضاضة أن يقوم هو بتوصيل الطلبات.

''ناصر الباشا'' الأربعيني والأب لـ''أحمد و سارة''، من ''عامل ثلاجة'' إلى ''ديليفري'' يقول عنها: ''شغلانة صعبة بس أهي بتساعد جنب الشغلانة الأساسية، صحيح أنا موظف هنا وعليا تامين وباخد مرتب، بس المرتب قليل جدا هيعمل ايه دلوقت!''

يكمل ''الباشا'' حديثه فيقول: ''أي مكان بيشغل عامل ديليفري بيكون عارف أنه كبيره شهر والتاني وهيمشي يشوف شغلانة تانية، وأغلبهم بيكون في فترة اجازات المدارس، بس الناس مضطرة عشان مفيش شغل في البلد، هو لما بيروح لو معاه موتوسيكل بيكون أحسن له، لو مفيش يبأه هيمضي وصل أمانة بقيمة الموتوسيكل، يعني متكتف عشان يعرف يقبض لقمته''.

الاحتفال بعيد العمال لدى ''ناصر'' أمر غير ذي جدوى، فهو يراه ''للأفندية بتوع الحكومة بس''، إلا أنه يعود فيقول: ''دلوقت الحكومة أحسن في كل حاجة، على الأقل لك مواعيد بتروح وتيجي فيها وعارف مرتبك جايلك وممكن تتثبت، إنما هنا إنت مش عارف إيه جاي بعد كدا، دلوقت عملوا أقل موظف ياخد 1200 جنيه ودول يفتحو بيت، إنما الديليفري بياخد أقل من ألف وبيتمرمط على الأخر''، متذكرا مقولة قديمة ''إن فاتك الميري اتمرمغ في ترابه''.

لم يكن ''مصطفى النوبي'' بعيدا عن رأي ''الباشا'' فيما يتعلق بـ''فوات الميري وترابه''، فعمله كموظف خدمة عملاء ''كول سنتر'' بإحدى شركات الاتصالات وخدمات الإنترنت، ومن قبله مندوبا للمبيعات جعله يؤمن بأن أي وظيفة بالقطاع الخاص حاليا لن تفيده سوى في ''مرتب عالي بس مش مضمونة وثابتة''.

''النوبي'' الدارس للآداب العبرية بجامعة عين شمس، ترك فرص العمل بمطار القاهرة وهيئة الاستعلامات، واختار وظيفة ''الكول سنتر'' لأنها ''هوجة وطلعت في الكام سنة اللي فاتت''، قائلا: ''كنت كل ما تسأل حد اتخرج بتشتغل ايه يقول لك (كول سنتر)''، فهي لا تحتاج لمهارات مسبقة، كل ما تحتاجه هو ''ترد على التليفونات وتبيع منها''.

''إحنا مش عمال ومش تابعين للدولة يعني مفيش عيد عمال''.. قالها ''نوبي'' متذكرا دورة العمل بشركته والشركات في نفس المجال، مضيفا: ''الحكومة بتكون مواعيدها ثابتة، إنما هنا حتى الورديات والأجازات بتكون بالتناوب''، ليكمل: ''مفروض عليك إنك تلتزم حتى بملابس رسمية (كلاسيك) وممنوع (الكوتشي والجينز والتيشيرت) إلا يومين في الاسبوع''.

حقوق العامل في معرفة تفاصيل وظيفته المنصوص عليها عقدا تكون أحيانا غير معروفة في هذا المجال من الأعمال، فالموظف ''بيمضي أوراق كتير وبتتكتب الشروط بعد كدا''، ولكنه يستطيع معرفة شروط العمل من خلال زملائه في نفس المجال، موضحا ''مفيش عقود ولا تأمينات إلا بعد 6 شهور، هو بيكون عارف إن الشغلانة صعبة وأغلب المشتغلين فيها من طلبة الجامعات أو مش هيكمل أكتر من شهرين تلاتة، فمستحيل يأمن على حد إلا المستمر معاه''.

خمس سنوات متنقلا من عمل لآخر جعلت ''مصطفى النوبي'' يخلص لنتيجة ''أكيد شغل الحكومة أحسن، أنا مثلا لو كنت اشتغلت حكومي (ولو حتى دفعت رشوة عشان أشتغل) كان زماني اتعينت واتثبتت، أينعم أنت في أي مكان برة هتاخد فلوس وممكن أكتر، بس بتخسر استقرار نفسي كبير، ومش بتكسب غير (مجرد اسم مكان) تحطه في CV بتاعك''.

لمتابعة أهم وأحدث الأخبار اشترك الآن في خدمة مصراوي للرسائل القصيرة.. للاشتراك...اضغط هنا

فيديو قد يعجبك: