لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

الطلاب المعتقلون.. ''شقا'' عام دراسي يضيع والسبب: ''تعذر نقل الطلاب أمنيًا''

07:19 ص الإثنين 12 مايو 2014

كتبت – دعاء الفولي:

بين جنبات السجن، نظر ''إسلام فتحي'' خارج سور زنزانته بمعتقل ''وادي النطرون'' ينتظر ضوءًا يأتيه من الخارج، يُخبره أن ميعاد الخروج قد حان، أو أن امتحانات هذا العام لن تضيع عليه، ''محمود فرحات'' الطالب بكلية الهندسة جامعة الأزهر، أرسله الوالدان من المنصورة للقاهرة كي يدرس، يحاول استيعاب كيفية تدبير أموال سنة جديدة سيعيدها بالكلية، إذا ما فاتته امتحانات هذا الفصل، أما ''عبد الرحمن البغدادي'' فيتمسك بآخر تلابيب الحلم، على أمل أن تُسفر جلسته القادمة عن خروج، يستطيع به إكمال امتحاناته بكلية الهندسة بالجامعة الأمريكية، ليس بيد الطلاب الثلاثة شيئًا، سوى ورقات يتناقلها الأهل والأصدقاء من مصلحة السجون للجامعات، تتحكم بمستقبل عام كامل، قد يُلغى أو يتم بجرة قلم.

3756 هو عدد الطلاب المعتقلين من الجامعات المختلفة على مستوى الجمهورية، بين الخاصة والحكومية والأزهر، يسعى أعضاء حملة ''امتحنوا المعتقلين'' التي نظمتها حركة ''الحرية للطلاب'' لتقديم الأوراق اللازمة والإجراءات كي يتنسى لهم انهاء اختبارات آخر العام داخل السجن، لم تُفلح محاولاتهم إلا قليلًا، عراقيل تأتي من مصلحة السجون، وتارة من إدارة الجامعة أو مديرية الأمن والقسم المسئول، لا توجد أسباب واضحة لفشل العملية إلا جمل ثابتة في معظم المرات أهمها ''تعذر نقل الطلاب أمنيًا''.

20 ديسمبر كان ''البغدادي'' مع أحد أصدقائه بمنطقة عباس العقاد، اشتبه به أحد الضباط عقب انتهاء مسيرة مؤيدة للرئيس السابق، محمد مرسي؛ فاعتقله مع آخرين، تم ترحيله إلى قسم أول مدينة نصر، ثم إلى سجن أبو زعبل ''التهم شروع في قتل ظابط والانضمام لجماعة محظورة وتعدي على ظابط''، قال ''علي البغدادي''، شقيق طالب الجامعة الأمريكية المُحتجز ''بس بعد كدة النيابة لما حققت لقت إن التهم معليهاش أدلة فاتهموه بالتظاهر دون إذن وتكدير الصفو العام''، رغم أنه لم يكن في مسيرة - على حد قول الأخ.

تأجيل ثم تأجيل، تلك هي حال ''البغدادي'' طالب السنة الأخيرة بالكلية، قبل القبض عليه ''كان الثالث على دفعته بهندسة ميكانيكا'' لم يحاول الأهل حتى الآن تقديم أوراقه لامتحان آخر العام ''عندنا أمل إن الجلسة الجايه يتحكمله بإخلاء سبيل''، 100 ألف جنيه وسجن خمس سنوات هو الحكم الذي طال ''البغدادي'' وزملائه، قدم المحامون طعن عليه، ''السنة دي ضاعت على عبد الرحمن لو مخرجش هنقدم طلب للجامعة وهيبدأ من أول السنة الجاية''، يرى أهل الطالب المجتهد أن ''الحكم سياسي''، كما أن القضية لا حيثيات واضحة لها.

42 طالب هو عدد المعتقلين من جامعة القاهرة، يترافع ''محمود عثمان'' عن ثلاثة منهم، يتابع مع بقية المحامين الوضع، لم يتمكنوا من إتمام عملية امتحان المعتقلين ''تم وعدنا من النائب العام إن فيه مجموعة على الأقل من الطلبة هيمتحنوا لكن محصلش''، لم يتم الإفراج حتى الآن سوى عن 3 طلاب، أحدهم توفيت والدته في الطريق إلى جلسة محاكمته ''فمصلحة السجون في وادي النطرون طالبوا بالإفراج عنه''، أثار ذلك حفيظة باقي المعتقلين ''بيقولولنا يعني لازم آباءنا وأمهاتنا تموت عشان يرضوا يخرجونا''.

''فاطمة سراج'' المحامية بمركز حرية الفكر والتعبير، وأحد المسؤولين عن قضايا الطلاب المعتقلين، أكدت أن التعنت يأتي من جهات عدة، بداية من إدارة جامعة عين شمس التي رفضت أن يذهب معيدوها إلى السجن لامتحان الطلبة ''عميدة كلية الصيدلة مثلا قالت لنا أنا معنديش معيدين يروحوا السجن''، ورفض إدارات الجامعات بصفة عامة استقبال الطلاب بلجان خاصة فيها، لأن الأمن الإداري للجامعة لن يستطيع تحمل تبعات وجود الطلاب المسجونين بداخلها ''خايفين ليبقى صعب السيطرة على زملاء المعتقلين أما يشوفوهم''.

بجامعة القاهرة استطاع المحامون إقناع الإدارة بنقل معيدين لسجن استقبال طرة لإجراء الاختبار، رغم وجودهم بوادي النطرون ''بس مصلحة السجون قالت هيتم نقلهم طرة عشان مجهز أكتر للامتحان''، ذهب المعيدون بالفعل لمكان السجن في الميعاد المُتفق عليه ''لكن إدارة السجون مجابتش حد''، لم يتم إخبار أحد أن إدارة السجن غير مستعدة لنقل الطلاب بسبب الحالة الأمنية على حد قولهم، إلا يوم الامتحان نفسه.

قبل تقدير الجيد جدًا بدرجتين كانت نتيجة الفصل الدراسي الأول ل''فتحي'' طالب كلية آداب القاهرة، قسم اللغات الشرقية، تذكر والدته ''سناء محمد'' تفاصيل الاعتقال التي علمتها منه فيما بعد، 16 يناير آخر أيام امتحاناته، بين هرج الجامعة وسقوط المصابين ''ركب مع واحد مضروب بخرطوش عربية الإسعاف عشان مكنش معاه حد''، بمستشفى العجوزة تم الإبلاغ عن وجوده ''واتقبض عليه من هناك''، ليستقر منذ ذلك الحين بسجن وادي النطرون، لم تأل الوالدة جهدًا لعمل إجراءات الامتحان ''الجدول طلع قبل امتحاناته اللي بدأت 3/5 بكام يوم''، صورة من الجدول وتقديم الأوراق لنيابة الجيزة التابع لها على أمل أن تأخذ دورتها المعتادة بين الجامعة ومصلحة السجون ''لكن محدش رد من النيابة علينا''.

الاكتئاب الذي ضرب الطالب العشريني كان للأمل الضئيل الذي صاحبه عندما علم احتمالية دخوله الامتحان، ثم ضياعه المفاجيء، الكتب الدراسية التي قرأها داخل محبسه أصبحت دون فائدة، عندما اندلعت الأحداث في الفصل الأول لم يُفكر هو أو والدته في ترك المحاضرات ''كنت بقوله خلي بالك من نفسك لكن الدراسة أهم من أي حاجة''، 19/5 تنتهي آخر امتحانات ''فتحي''، تُفوض الأم الأمر لله، أسئلتها دون ردود ''دول حتى ملقوش معاه أحراز للقضية ومع ذلك متهمينه بمخالفة قانون التظاهر، تيجي إزاي دي؟''.

في حالة فشل محاولات أعضاء حملة ''الحرية للطلاب''، لامتحان المعتقلين ''هنرفع قضايا على الدولة ونطالبهم بعمل إمتحانات استثنائية ليهم''، هكذا قال ''سعيد عبد الغني''، أحد أعضاء الحملة، موضحًا أن الإجراءات تبدأ بإثبات قيد الطالب للكلية ثم إرسال القيد وجدول الامتحان للنيابة العامة التي ترسل للنائب العام بدورها والذي يخاطب مصلحة السجون، ثم يتبقى إخطار الجامعات بأن تُرسل سيارات للطلاب، ورغم انتهاء أوراق معظم الطلاب فتوقف الأمر يعود أحيانًا للمديرية أو القسم ''بيرفضوا ينقلوا الطلبة سواء من السجن لآخر أو إلى لجنة عشان عدم قدرتهم على الحفاظ على الحالة الأمنية''.

حظ أفضل ساعد ''فرحات'' طالب هندسة الأزهر المعتقل بوادي النطرون على بدء امتحاناته بالداخل، قدمت حملة ''امتحنوا المعتقلين'' أوراقه كالبقية، فقوبلت بالموافقة من إدارة الجامعة على استكمال الأوراق، شريطة أن يتكفل الأهل بإرسال سيارة إلى السجن، المقدرة المادية لهم لم تسمح بذلك، لولا التبرعات التي جمعتها الحملة وبعض المراكز الحقوقية، ليتكفلوا بنقل السيارة بالمعيدين، وعقد أول امتحان لطالب السنة الأولى بهندسة مدني.

مركز طلخا محافظة المنصورة، هو مسكن الطالب الأصلي، جاء للقاهرة للتعليم على حد قول الوالدة ''ملوش في السياسة''، 25 يناير 2014، هو يوم القبض عليه من محيط الجامعة، كان آخر يوم بامتحانات الفصل الأول، زجاجة خل ومشروب غاز كانا سبب القبض عليه، ألزمته الوالدة بوضعهم دائمًا في حقيبة ظهره بسبب اشتباكات جامعة الأزهر ''لأنه كان بيمتحن وسط موت''، آملة أن يساعداه على تخطي رائحة الغاز داخل اللجنة، لا تعلم أنهم سيكونا حرزًا في القضية فيما بعد.

عانى طالب الأزهر من تجديد الحبس تسعة مرات، يقبع بعنبر ''ليمان 430'' منذ أربع شهور، هناك ذاكر المواد المقررة عليه، ستستمر اختباراته حتى 18 يونيو القادم، بين الأحد والأربعاء ميعاد الامتحان، لا تعلم الأم كيف ستوفر سيارة مرتان في الأسبوع ''المرة اللي فاتت بتوع الحملة وفروا عربية معرفش المرة الجاية هنعرف نلاقي سواق ولا لأ''، أيام طوال بين انتظار انتهاء الامتحانات بسلام، وانتظار الجلسة القادمة منتصف يونيو على أمل الخروج، بينما تتضرع كي تستقر حالة قدمه اليُمنى التي أصيبت ب45 شذية خرطوش قبيل القبض عليه، ولم يستطع طبيب السجن التعامل معهم ''لأنه قال إن الرصاص جنب العصب''.

لمتابعة أهم وأحدث الأخبار اشترك الآن في خدمة مصراوي للرسائل القصيرة.. للاشتراك...اضغط هنا

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان