سرير ''المرض'' لا يعرف انتخابات ''بروفايل)
كتبت- دعاء الفولي:
لم يتوقف السرير عن احتضانهم، منذ أن نادى أولهم ''عيش.. حرية.. عدالة اجتماعية''، أضحى للثورة سمات، يعرفها الجميع، يمر بها قليلون، يغبطهم البعض، يُطلقون عليهم ''أبطال''، لا يرون هم أنفسهم بنفس الطريقة، أصبح بعضهم ''ثوري'' مصادفة، زُج به في طريق المظاهرات، والنتيجة رصاصة مُستقرة بجسده، آخر ذهب بقدميه إليها، لم يعترض أن تضرب جسده الضعيف، ظنًا منه أن الدولة الجديدة المتشربة بروح الثورة سُتحييه بعلاج، لم يحدث ذلك، مات منهم من مات على نفس السرير، بعضهم يقبع فوقه حتى الآن، والسرير يشهد على أحداث عدة، انتخابات مجلس شعب، شورى، رئاسة وها هي الثانية تقترب، تهتز جنباته لنحيب الجالس فوقه، حزنًا ألا يجد من يهتم به في ازدحام ''انتخابات'' مصر التي لا تأتيه ثمارها.
مر عليه من مر، ''صابرين علي'' السكندرية تشكو لله، يسمعها هو خفية، يذكر ''السرير'' يوم أن جاءته مُصابة بطلق ناري في العمود الفقري، 28 يناير 2011، فقدت على إثره التحكم في الجهاز الهضمي والبولي، وخلل في جذور الأعصاب القطنية، بالكاد كانت تستطيع تحريك جذعها، يشاهدها عندما يزورها الناس للاطمئنان عليها، تتبسم في وجوههم، ثم تعاود دموعها عقب رحيلهم، الألم يتراكم، تُوعد أن السفر سيأتي يومًا لعلاج التلف الحادث، لكنه لم يحين، عملية بقصر العيني تتبعها فترة انتظار طويلة، يسبقها الموت، يُصعق السرير، رغم علمه أنه آت لا محالة، المرأة التي لم تتجاوز ال41 عامًا تذهب روحها لحظة بلحظة حتى تصمت عن الابتسام والبكاء للأبد، تُرفع من السرير، لتذهب للمثوى الأخير في 2 فبراير 2013، والدولة غارقة حتى أذنيها في خارطة طريق يرسمها رئيس من بعده آخر.
السرير لازال هناك في أحد الجنبات يضم لكنفه الدكتورة ''وفاء خليفة''، صاحبته منذ أحداث محمد محمود 2011، بعد إصابتها بعدة قنابل غاز مسيل للدموع في الظهر، من مسافة 10 أمتار أو أقل، حدث ذلك، اكتمل الأمر بخطأ جراحي أصابها بسرطان في النخاع الشوكي، بات السرير مكروهًا ل''خليفة''، رغمًا عنها بقيت عليه، فارقته أخيرًا في أكتوبر 2013، ربما كانت تحلم بذلك في ساعات نومها القليلة بمعزل عن الألم، فارقته ولم تحصل على اهتمام بالعلاج، بينما يعلو صوت الرئيس الجديد المؤقت عن مصر الجديدة، لا يعلم أنها ''وفاء خليفة'' لم تحيا حتى تراها.
للسرير أقران، أسرّة أخرى لمصابين من أحداث عدة، ''منة أحمد''، ''أحمد شمس''، ''أحمد جمعة''، ''معوض عادل''، الثورة، محمد محمود، ماسبيرو، مجلس الوزراء، يُمنّون وأهاليهم بعلاج؛ فينتظرونه، بينما ينتظر باقي الشعب الانتخابات، يرونها بابًا للأمل، ويتمنى المصابون أن تتوسط لهم عند الدولة كي تهتم، والسرير هناك، لازال يُردد أن العلاج فرض عين على الدولة مهما كُثرت انتخاباتها.
لمتابعة أهم وأحدث الأخبار اشترك الآن في خدمة مصراوي للرسائل القصيرة.. للاشتراك...اضغط هنا
فيديو قد يعجبك: