إعلان

بالصور- أهالي ''أطفيح'' .. جمعتهم الهموم وفرقتهم السياسة

07:22 م الأحد 25 مايو 2014


كتبت - رنا الجميعي ويسرا سلامة:

خارج حدود العمران المزدحم، يقبع مركز ''أطفيح'' بمحافظة حلوان، على طول الطريق الزراعي الممتد وبعيد عن ضجيج السياسة تبدو القرية هادئة في موسم الانتخابات، فهنا لافتات اعتلت واجهات القري تأييدًا للمشير السيسي، سواء من رجال حملته، أو أشخاص وافقوه بشكل شخصي، أو أحزابًا تنحاز له وواحدة زجها حزب الكرامة بالقرية تأييدًا لـ''صباحي''.

إلا أن بعض ساكني القرى بمركز أطفيح، تستتر في صمت، لتخبأ عما تدعمه، ليصعد حديث الاختلاف بين أهالي القرية عند وطئ السياسية، كفر قنديل وقرية الصالحية، ضمن القرى التابعة لأطفيح الذي يعتبر من أعلى نسب التأييد للرئيس السابق ''محمد مرسي'' في انتخابات الرئاسة بنسبة تتجاوز 80%، منهم من اختار الصمت والمقاطعة، ومنهم من حسم قراره بالمشاركة.

بيوت متلاصقة، أطفال يلهون بالشوارع، وعجوز يمدد جسده بجانب باب مشرع لا يخاف من وصده، يعطي سكينة وطمأنينة لأناس يأمنون على حياتهم بين بعضهم، ومع دنو وقت الانتخابات، مع تزاحم اللافتات على الطريق الرئيسي، غير أن طرقات القريتين الصغار لا تعلو شوارعها تأييدًا لأحد، سوى بعض البيوت التي أعلنت بشكل فردي، وأحيانًا بخط اليد على جدار البيت، وبرغم السكينة التي تملأ الطرقات، إلا أن ظاهرها لا يعرف عن التنابذ والاختلاف في صدور الأهالي، ليغض الأهالي الطرف عن آرائهم حتى يتجنبوا شر الخلاف.

نساء الصالحية..تطرف لـ''مرسي'' و''السيسي''

وبداخل بيت برز طوبه الأحمر، لم تفكر ''نجاح سعيد'' في البوح عن مرشحها التي تنوي التصويت له في الانتخابات الرئاسية، ''السيسي طبعًا''، إصبعها الذي انغمس مرة تلو المرة عقب التصويت في صندوق يري أن الرجل العسكري هو ما سيعيد الأمان للبلدة ولها، ''نفسي يخلصنا من الإرهاب ويحافظ علي البلد، بيحس بينا وبالغلبان''، أمنيات وأحلام حملتها ''نجاح'' للرئيس القادم.

بجسدها النحيل قررت ''نجاح'' الذهاب إلي مدرسة ''الصالحية'' برفقة نسوة من عائلتها من أجل التصويت، لا تتوقف أحلام السيدة عند عودة الأمان للقرية، بعد شكاوي من السرقة و''التثبيت'' من قطاع الطريق، لتمتد أحلامها لأولادها الأربعة، الباحثون عن العمل بعد العلم، ليجد أكبرهم الطريق إلي قهوة بلدي في مدينة الصف، ''نفسي يتوظف ويعرف يصرف علينا''.

لا تجد السيدة سوي مياه الزير في بيتها، لتلقيه علي مسيرات من القرية تمر أمام بيتها من جماعة الإخوان المسلمين، ''بيعدوا من هنا عشان عارفين إننا مؤيدين للسيسي، وبيشاوروا بعلامة رابعة''، تنزعج السيدة من الهتافات التي تسمعها من المسيرات نكاية في الجيش والشرطة، تري السيدة إن خروج المراة في المسيرات لا يصح أن تخرج فيها السيدات بصوت عال، بحسب رأيها.

تتسم بتلقائية الحديث، وروح حلوة تسري بها، تقول بعفوية ''هنتخب السيسي''، أسباب الست ''قمر'' تتلخص في رغبتها رؤية الدولة بأمان، وأنه ''رجل طيب''، تؤيده بقوة، لم تقعدها الأمطار في استفتاء دستور 2014 ونزلت لتقول ''نعم''، أعطت صوتها في الانتخابات السابقة ل''أحمد شفيق''، وبخفة دمها راوغت سيدات الإخوان، جئن لأخذها بسيارة للجنة الانتخاب، حتى تؤيد ''مرسي''، وافقتهن، لتذهب إلى اللجنة لانتخاب ''شفيق''.

علي مسافة منهم ليست بالبعيدة، بدأت تلاحقها الدمعات، التي علقت بحافتي عينيها، حينما تذكرت الطفل الصغير الذي ظل ينادي على أمه التي قتلت في فض اعتصام رابعة، لتعلن ''أم هشام'' موقفها من الانتخابات الحالية، وهو المقاطعة، فهي لا ترى ''السيسي'' عارفًا بالبلاد، ولن تسير الدولة للأفضل ''هيبقى فيه صراع دايم''، وأضيف على الأيام السيئة بالنسبة لربة المنزل، مشكلة قطاع الطرق، الذين تواجدوا منذ أحداث الثلاثين من يونيو، حسبما تقول.

لم تنضم السيدة الأربعينية لمراحل التعليم، تتحدث بثقة من فطن لبواطن الأمور، لا ترى أية شرعية في النظام والانتخابات الحالية، ''الشرعية الحقيقية للرئيس السابق''، الذي لا تتنازل عن مطلب عودته، ليكمل فترته الرئاسية، ولا تتوان عن الدفاع عنه حينما يُقال لها أنه لم يصلح بالبلاد ''مكنش هيبني البلد في يوم وليلة''، وحجتها أن الشعب قد عانى أيام الرئيس المخلوع لثلاثين سنة ولم يتكلم، وتعتبر رؤية مرسي في خطبه بالنسبة لها ''زي رؤية رمضان''.

''أم محمد'' و''أم مروان'' كانا علي نفس موقف المقاطعة في الانتخابات، بعد أن سقطت أرواح الشباب في رابعة العدوية والنهضة، بحسب قوليهما، ''انتخب ليه والرئيس بتاعي مرسي لسة موجود'' قالتها ''أم محمد'' متهكمة، لتلحقها ''أم مروان'' بأن ''السيسي هو اللي جاي''، يبررن قرار مقاطعتهن للصندوق.

''أم فتحي'' سيدة أخري، لن تذهب للتصويت في الانتخابات الرئاسية؛ بسبب عدم وجود بطاقة شخصية معها، ''قدمت علي طلب بطاقة من الانتخابات اللي فاتت، ولسة ما وصلتش''، إجراءات البطاقة الشخصية لها لم تمنعها للمشاركة في الانتخابات السابقة بحشد نساء القرية للتصويت، ''كنت بجمع الستات عشان نصوت لـ''مرسي''، اختارت السيدة المكوث في المنزل هذه المرة، بعد قرار مقاطعتها للإنتخابات.

البطالة والكهرباء ..أزمات للـ''الرئيس القادم''

وعلي رغم تباعد السياسية بين نساء القرية النائية، إلا أن اتفاق يجري بين حديثهم عن مشكلات القرية، فانقطاع الكهرباء المتكرر جاء علي لسانهن، ولم يختلف رجال القرية كثيرًا في سرد أزماتها، قالها ''أسامة'' أحد أبناء الصالحية ''المياه بالنهار والكهرباء بالليل''، معبرًا عن أزمة الانقطاع في المياه نهارًا، والكهرباء ليلًا.

الرعاية الصحية تأتي ثاني مشكلات أهالي القرية، ليؤكد رجال تحدثوا لـ''مصراوي'' إن مستشفى ''الصالحية'' ''مربوطة'' أمما أبنائها بلسان أحد أبناء القرية، لمدة ثلاث سنوات لتجديدها، ولم يجد مرضي القرية سوي الذهاب إلي قرية ''الكدية'' المجاورة للذهاب إي مركزها، والذي حتي تنقص به أدوية العلاج لمرضي القرية، ليأتي وحش البطالة ملتهمًا نصف سباب القرية ورجالها، ليأخذ الحبل من كتف النصف الآخر لأبناء ''أطفيح''، العاملين في مصنع الطوب، بحثًا عن الرزق.

الاختلاف الدائر بين نساء القرية، امتد بدوره بين رجالها، يندفع بالكلام، ليقول ما بقلبه، دون أن يأبه لحديث أحد معارض له، ليقول ''عاوزين رجل عسكري، دا شعب عاوز يضرب بالجزمة''، معبرًا عن رأيه الرجل القروي ''عبد الرؤوف محمد''، متحمسًا لتأييد ''السيسي''، رغم انتخابه في المرة الماضية لمرسي ''قالولي دا راجل دين''، لكنه لم يجد بدًا من انتخاب مرشح عسكري، تتحول نظرته إلى ضرورة إدارة البلاد بحزم.

يتراوح رأيه بين المرشحين، يرى ''السيسي'' قد خالف قراره، مبينًا أن العقد شريعة المتعاقدين، بإنتقاد عدم وجود برنامج انتخابي لـ''السيسي''، مضيفًا ''هو قال إنه مش هيترشح''، رغم كبره بنظره لتوليه أمر البلاد بوقت حرج، ويميل للمرشح الرئاسي ''حمدين صباحي''.

ينتقد الحاج ''سيد عبد الخالق'' ترشح ''السيسي'' لعظم القضايا التي تعاني منها مصر ''البلد دي عاوزة نبي''، ويعرف أن قريته الصغيرة ''كفر قنديل'' تميل برأي معظمها لمرسي في الانتخابات السابقة لبُعدها عن عيون الحكومة ''ناسيانا هنا''، ويعدد مشكلات الكفر ''الكهرباء مقطوعة، مفيش وظايف، ولا خدمات''، ولا يرى الأهالي سوى جماعة الإخوان، ليجدوا بمرسي المنقذ لهم ''باع لهم الأمل والوهم''، ويقوم بإدلاء صوته له هو أيضًا، يأمل بوضع أفضل إلا أنه لم يحدث، لا يتبع شخصًا أو سياسة بعينها ما يهمه حال البلد ''أنا عاوز بطرس، بس يقوم بالبلد دي''.

وعلي الوجه الآخر، عبر ''أحمد معوض'' أحد أقارب الحاج ''سيد'' عن تأييده المطلق لـ''السيسي''، مصدقًا علي ما سمعه من الرجل في فترة الدعاية الانتخابية وما بعدها، منتميا أن يتمسك ''السيسي'' بتحقيق العدالة الاجتماعية، والتخلص من الانفلات الأمني الذي جاب بالقرية، مضيفًا أن ''حديثه قريب من القلب، وحاسس إن ايديه نضيفة'' ومثنيًا على قرارات اتخذتها الدولة في بداية الإصلاح، مثل تخفيض راتب رئيس الجمهورية.

ويضيف ''معوض'' إن رجال الحزب الوطني المعروفين في ''أطفيح'' مؤيدون لـ''السيسي''، سواء بعقد مؤتمرات داعمه لهم في فترة الدعاية، أو بتعليق لافتات ممهورة بأسمائهم لتأييده''، ويضيف ''معوض'' والذي كان يشغل منصب أمين للحزب الوطني سابقًا إن من المهم في حال نجاح ''السيسي'' أن يتعاون الشعب معه، للتخلص من مشكلات القرية، مثل البطالة والفقر وقلة التنمية.

لمتابعة أهم وأحدث الأخبار اشترك الآن في خدمة مصراوي للرسائل القصيرة.. للاشتراك...اضغط هنا

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان