بالصور..''شعبان''.. الجرايد لـ''أكل العيش'' مش لـ''القراية''
-
عرض 3 صورة
-
عرض 3 صورة
-
عرض 3 صورة
كتبت- يسرا سلامة:
بجوار رصيف ممتد بالقرب من ميدان النهضة، يفترش ''شعبان'' وبضاعته الأرض، مجموعة من الجرائد والمجلات والكتب، المتنوعة، شكلًا ومضمونًا، هي رزقه الأوحد لما يقرب نصف القرن، لم يفرق معه كثيرًا يوم حرية الصحافة، فالأمور لا تتغير كما يرى، والحال كما هو عليه منذ عقود.
بجلبابه البسيط يستعد ''شعبان'' للعمل يوميًا في التاسعة مساءًا، ليكون متأهبًا لاستقبال الطبعة الأولى من جرائد اليوم التالي، تأتيه وجبة الجرائد من عربات المطابع، تكون يده أول من يتلمسها، ينقلها إلى القارئ، دون أن يعرف فحواها، يتحدث عن نفسه دون حرج ''أنا راجل جاهل ما بعرفش اقرأ''.
لا يعتبر ''شعبان'' الستيني أن عدم معرفته للقراءة عائقًا للدراية بما يدور في البلاد، أو على صفحات الجرائد التي يبيعها، فالأخبار تظهر علي زبائنه، في حديثهم المقتضب معه، أو في سيماهم فور استلامهم لجرائدهم المعتادة، ''خبرة السنين'' كما يقول، علمته البيع والشراء والتعامل مع أصحاب المطابع والزبائن، وخبايا ما يجري في المحروسة من دون أن يفتح جريدة للاطلاع.
ابتسامة صباحية يستقبل بها ''شعبان'' زبائنه، ملوحًا بيده لهم، جعلته يفطن للزبائن الجديدة ماذا تريد، ''أنا أشوف الزبون واقف علي الفرشة أعرف طلبه ايه''، اليوم العالمي لحرية الصحافة حدث لا يأبه له ''شعبان'' كثيرًا، عدد الجرائد هي ما لاحظه كفارق بين عهد الرؤساء السابقين ''أنور السادات'' و''محمد حسني مبارك'' و''محمد مرسي''، ففي زمن ''السادات'' ''ثلاث جرايد بس'' اقتصرت على المؤسسات القومية، لكي يزيد العدد في عهد مبارك وإلى الآن، فيما خف عدد المبيعات بمرور الوقت.
حمد ورضا يغلبان على حال ''شعبان'' من رزق ورق صاحبة الجلالة، رغم اعترافه أن ''البيع مش زي زمان''، يبرر الرجل ذلك بأن التليفزيون يسرد الأخبار جميعها في المساء، ويرد ما يقول بالجرائد فور صدورها، يتذكر ''شعبان'' وقت حكم الرئيس الراحل ''السادات''، ''كان البيع كتير جدًا'' يذكر جريدة اسمها ''مايو'' كانت مبيعاتها الأسبوعية لديه فقط تتجاوز 1500 نسخة، بينما لا يذكر أن جريدة معارضة بعينها كانت لها الغلبة وقت حكم ''مبارك''.
لا يختار البائع جريدة واحدة تقفز على قمة مبيعاته، ''كل جرنان وليه زبونه .. ده عايز المصري واحد تاني اتعود على الأهرام''، بعض من الجرائد يستقبلها علي فرشته دون أن يكون لها عائد كبير، ''فيه جرايد كتير منظر ومش بتبيع''، يقولها مشيرًا لعدد منها غطته الأتربة، ''لازم آخد الجرايد دي حتى لو مش هتبيع عشان لو زبون طلبها''، آملًا أن يتم الاقبال على الجرائد ببداية موسم الانتخابات الرئاسية، فمع الأحداث السياسية الساخنة يزداد الإقبال على شراء الصحف، على حد تعبيره.
في الثانية عشر من ظهر اليوم التالي، تنتهي مهمة البائع الستيني، يستعد للعودة إلى منزله في منطقة ''أم المصريين'' بالجيزة، يترك مهمة حزم المرتجع من الجرائد لابنه ''محمد'' الذي يعد بمثابه ''يده اليمني''، يقوم بما لا يستطيعه ''شعبان''، يترك الجرائد الأسبوعية والكتب والمجلات في أحد العمارات المجاورة لفرشته، فيما لا تشغله زيادة حرية الصحافة من عدمه، حاملًا معه حلم وحيد هو معاش حكومي يؤمن الباقي له من الأيام.
لمتابعة أهم وأحدث الأخبار اشترك الآن في خدمة مصراوي للرسائل القصيرة.. للاشتراك...اضغط هنا
فيديو قد يعجبك: