مستمعون يكتبون عن ''نوستالجيا'' الإذاعة المصرية
كتبت - نيرة الشريف:
"البرنامج العام"، "إذاعة القرآن الكريم"، "ابتهالات نصر الدين طوبار والنقشبندي"، "صوت أبله فضيلة"، وبرامج دكتورة هاجر سعد الدين، "صوت أمال فهمي" و"حلقات ألف ليلة وليلة، كل من تلك المفردات التالية يحمل شعورا وإحساسا مختلفا للجيل الذي اعتاد أن يستمع إلي برامج الإذاعة المصرية، وأصبحت مفردة من مفردات طفولته ومراهقته، ترتبط أيضا بشخوص اعتدت السماع بصحبتهم والذين دوما ما كانوا الجد أو الجدة، فتعود لتتذكر عند السماع أولئك الطيبون الذين اعتدت السماع معهم، وأحيانا تشم رائحتهم ورائحة المكان الذي اعتدت السماع فيه، يحمل برنامجا ما من برامج الإذاعة المصرية ذلك الحنين لشخص أو مكان أو وقت مرّ.
في الذكري الثمانين للإذاعة المصرية يكتب مستمعون عن "نوستالجيا" الإذاعة، وما تحمله لهم برامجهم من ذكريات.
آية علم الدين: عن ذلك الصندوق السحري الأسود
لم يكن هذا الصندوق السحري الأسود الذي تصدح منه الأغاني والأخبار وتلاوات القرآن ليلا و نهارا في بيتنا مجرد جهاز في البيت، بل كان كائنا حيا نعيش معه، ويمتعنا صوته، ونحدثه أحيانا كما كان الممثلون يفعلون في مسرحية "ريا وسكينة".
كان الراديو صديقا مقربا لي و لأسرتي، بل و لأسر مصرية كثيرة كانت تعتبره صديقا يعيش في خلفية حياتها الصوتية شاهدا على كل أحداثها، عن نفسي كان جدول يومي منذ الصغر مرتبطا بالراديو و بإذاعتي القرآن الكريم و البرنامج العام تحديدا، ففي مرحلة الدراسة كنت أصحو على صوت القرآن الكريم ينساب بتلاوات عذبة من الشيخ محمد رفعت مصحوبا بذلك التشويش الخفيف الذي يضفي على التلاوة طعما خاصا يُشعرك و كأن صوته يأتيك من السماء مباشرة والملائكة تجلس بجواره تتغزل في عذوبة صنع الله في صوته، بعدها تدير أمي المؤشر ليلتقط موجات إذاعة البرنامج العام الذي كان يصحبنا في رحلة مدتها ساعة أو أكثر قدر اتساع أوقاتنا قبل الذهاب إلى المدارس والجامعات ، أو قدر مكوثنا في البيت في الإجازات ، فمن أغنية "يا صباح الخير ياللى معانا" بصوت أم كلثوم مرورا ببرنامج "طريق السلامة" الذي يشرح حالة المرور ونصائح إرشادية لسائقي السيارات في الصباح، إلى برنامج "همسة عتاب" الذي كنت أسمعه في الإجازات يحكي مشاكل المواطنين مع المصالح الحكومية إلى برنامج "أبله فضيلة" الذي كنت أعشقه مثلي مثل أبناء جيلي جميعا. كل هذه البرامج شكلت جزءا كبيرا في وعيي ووعي جيلي عندما كانت الأسر المصرية تتشابه في تفاصيل حياتها حد الاستنساخ.
كم من الليالي كان أبي يسهر فيها بجوار إذاعة القرآن الكريم ليسجل حفلة خاصة للشيخ مصطفى إسماعيل ، وكم من ليال صيفية كنا نجلس أنا وأختي في الشرفة ندير محرك الراديو على إذاعة الأغاني لنعيش لمدة ساعة أو ساعتين في عالم حفلات أم كلثوم العذبة. و كم من 31 مارس كنا نحرص أنا وهي على الجلوس بجوار الراديو طوال اليوم لنسمع جميع أغاني عبد الحليم حافظ وحكاياته في احتفال الإذاعة بذكرى وفاته. وحتى الآن في صخب عالم الانترنت و الموبايل و الفضائيات لم يستطع جهازا آخر أن يحتل من حياتنا ما احتله هذا الساحر الأسود، الذي يجلس في ركنه المخصص بالبيت يعيش في خلفية أحداثنا و يشاركنا تفاصيلها جميعا من حزن إلى سرور بلا ملل . كل عام وإذاعاتنا المصرية بخير.
آيه علم الدين- 32 عاما- مهندسة معمارية.
حازم أحمد: راديو الأمس واليوم
يعتبر " الراديو" من إبداعات الزمن الجميل على الرغم من استمرار عملية البث حتى وقتنا هذا، ولكن شتان بين الماضي والحاضر في الإذاعة وتحديدا في عمليات البث عبر ترددات الراديو، يتفوق فيها الماضي عن اليوم بكثير بعزوبة اللحن واختيار الموضوع " البرنامج" مع لباقة المتحدث، كل هذه المفردات تصنع للمستمع بيئة يكثر بداخلها أجواء المتعة وأيضا حسن المتابعة.
فمنذ ثلاثون عاما مرت كانت الإذاعة المصرية تتزين بثوب غير الذي ترتديه الآن، أغاني أم كلثوم وعبد الحليم حافظ ومحمد عبد الوهاب ومنيرة المهدية وكل هؤلاء من عمالقة الزمن الجميل، كانوا هم الثوب الأصيل لإذاعة الراديو ومنهم وصولا للمسحراتي وفوازير ألف ليلة وليلة، وإذاعة القرآن الكريم، ومحطات الأغاني وحديثا نجوم FM ، ويلا كورة وغيرها من البرامج الشبابية التي أضفت أنواع البهجة السمعية للمستمع، ففكرة الراديو أو الإذاعة عموما لم تندثر ولكنها تغيرت من حال إلي حال كغيرها من التراث الذي تغير لونه ورائحته مع مر الزمان والمكان.
حازم أحمد، 30 سنة، صحفي
هبة أحمد: الحنين لـ"الراديو" يغلبني
تحتفل الإذاعة المصرية اليوم بذكراها الثمانين فأجدها فرصة جيدة لألصق أذنيّ بجهاز الراديو كلما سنحت الظروف، لأترقب إعادات بعض البرامج التي قدمتها الإذاعة على مدار تاريخها، والتي طالما ترقبتها وتابعتها خلال إذاعتها المنتظمة منذ سنوات.
تمثل الإذاعة المصرية باختلاف محطاتها لأبناء السبعينيات والثمانينيات ركنًا هامًا من أركان اليوم، حين أتذكر كيف كنت أقضى يومي وأنا طفلة أجدني لا إراديًا أربط أوقاتي بإذاعة برنامج كذا أو مسلسل كذا بدءًا من استيقاظي عند سماع قرآن السادسة صباحًا على إذاعة البرنامج (المحطة الأكثر ارتباطًا وحميمية بالنسبة إلىّ) مرورًا بالفقرات المحببة يوم الجمعة "ساعة لقلبك ومن الجاني"، ثم يُختتم يومي ما بين "كتابٌ عربيّ علم العالم" أثناء فترة الدراسة التي أنام فيها ما قبل الثانية عشرة، أو تمتد سهرتي إلى "زيارة لمكتبة فلان" و"قرأت وسمعت ورأيت" و"سهرة إذاعية مع مسرحية" وغيرها من السهرات الممتعة في فترات الإجازة، والتي أحفظ فيها جدول الإذاعة عن ظهر قلب.
نُصاب نحن كجيلي السبعينيات والثمانينيات بنوبات نوستالجيا حنينية تمثل الإذاعة وبرامجها جزءًا هامًا منها، ولعل أغلبنا يلاحظ الإقبال الكبير على سماع هذه البرامج القديمة على موقع يوتيوب وربما بنسب مشاهدة تتفوق على الكثير من فيديوهات البرامج المعاصرة.
هبه أحمد- 28 عاما- مترجمة وصحفية.
لمتابعة أهم وأحدث الأخبار اشترك الآن في خدمة مصراوي للرسائل القصيرة.. للاشتراك...اضغط هنا
فيديو قد يعجبك: