نوادر الإذاعة.. الشيخ رفعت طلب فتوى بجواز التلاوة أمام الميكروفون

03:44 م الأحد 01 يونيو 2014

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتب- أحمد الليثي:

في صباح يوم 31 مايو من عام 1934، كان الجميع على أهبة الاستعداد، حكومة وشعبا ينتظرون خروج الصوت من ذلك الصندوق الصغير المُسمى ''راديو''. الملك يُشرف بنفسه، والعاملون بدار الإذاعة يتأهبون للحظة الانطلاق، غير أن من يملك لحظة البدء، كان سببا في العطلة المؤقتة، لم يكن عامل تقنيا أو مسئولا غاضبا، لكنه الشيخ ''محمد رفعت'' أهم قارئ للقرآن الكريم في بر مصر، حضر يومها بعدما تخطى صيته مسجد السيدة زينب ليتلو آيات الذكر الحكيم كأول ما يُذاع عبر الأثير، فيما كانت المفاجأة وقت أن اشترط الشيخ رفعت من الحضور أن يحضروا له فتوى من مفتي الديار تبيح قراءة كلام الله أمام تلك ''الحديدة- الميكروفون''.

حكاية ضمن مئات من نوادر الإذاعة المصرية، يرويها الأديب والكاتب الصحفي خالد إسماعيل لـ''مصراوي'' بمناسبة مرور 80 عاما على ميلاد المبنى العتيق، يحكي صاحب باب ''ميكروفون'' بمجلة الإذاعة والتليفزيون، المهتم بـ''الراديو وحكاياته'' عن الإذاعات قبل إنشاء الإذاعة المصرية عام 1934 فيقول إنه كانت هناك إذاعات أهلية مملوكة لأصحاب رءوس الأموال، لكنها لم تكن تستعمل في توعية الرأي العام أو نشر الثقافة، إنما كانت مهمة بعضها تسهيل تجارة المخدرات؛ من خلال استغلال موجاتها وأغانيها كإشارات ''كان في أغنية مشهورة لليلى مراد بتقول (الجو رايق وصافي والبحر موجه موافي) كانت بتستخدم كإشارة لخلو المكان من الشرطة ووصول البضاعة''.

في بدايات الإذاعة لم تكن هناك تسجيلات للأغاني -تُذاع فيما بعد- فكان المطرب وفرقته يتوجهون ليقيموا حفلهم داخل أروقة المكان على الهواء مباشرة، ويدلل ''إسماعيل'' على ذلك الأمر بواقعة غريبة تمت وقت وقوع العدوان الثلاثي على مصر، وقتها كانت فرقة الفنان كارم محمود تجهز لبروفة غنائية في انتظاره لغناء ''الله أكبر فوق كيد المعتدي''، فيما تم الإعلان عن اعتداء من جانب العدو، قبل حضور ''كارم''، فخرجت الفرقة تلقائيا تنشد الكلمات في شكل كورال جماعي، وصارت أغنية المرحلة التي تشعل الحماس في نفوس المصريين.

لم يقتصر تأثير الإذاعة على الدور المجتمعي في توحيد نسيج الشعب المصري من الإسكندرية لأسوان، فقد تنبهت الحكومة لتأثيرها السياسي في ربوع الوطن العربي كافة ''المذيع أحمد سعيد كان بمثابة محرض سياسي للشعوب العربية.. ووصل الأمر للمواطن العربي بعد عام 56 إنه لما يشتري راديو يقول أنا عايز راديو أحمد سعيد''، ظل صيت الإذاعي الكبير مدويا حتى حضرت نكسة 67 وقت أن ظل ''سعيد'' يذيع بيانات اكتساح الجيش المصري لنظيره العبري لمدة أربعة أيام –حتى يوم 9 يونيو- غير أن النتيجة جاءت عكسية، كذلك كان إعلان نبأ النكسة على الشعب من خلال الإذاعة بأغنية ''عدى النهار'' المعبرة عن الواقع ومحاولة تجاوزه ''الناس مبقتش تصدق الإذاعة من وقتها.. حتى في حرب أكتوبر كانت الناس بتكدب الخبر لحد ما جه التأكيد من الإذاعات الخارجية وبدأت الثقة ترجع تاني شوية شوية''.

يقول صاحب باب ''ميكروفون'' إن ''صفية المهندس'' كانت أول عنصر نسائي داخل الإذاعة، فيما يروي عن دخول أبله فضيلة للمكان عبر الصدفة ''كانت خريجة حقوق وحاولت تمتهن بالمحاماة لكنها فشلت.. وحاولت في الإذاعة.. لما سمع بابا شارو صوتها رشحها تحكي حواديت للأطفال وبقت أشهر مذيعة في الراديو''.

قبل ظهور التليفزيون كان الراديو هو مسرح النجوم والمكان الأهم لشهرتهم، فكانت أبرز قصص الأدباء تُذاع كمسلسلات إذاعية، فإن لاقت نجاحا تحولت إلى فيلم سينمائي ''حسن ونعيمة، وسمارة، وقصة حياة سيد درويش، وأفواه وأرانب، وغيرها كتير اتعرفت من الإذاعة قبل ما تاخد صيتها في السيما والتليفزيون فيما بعد''، ويشير ''إسماعيل'' إلى أن فيلم ''شئ من العذاب'' الذي قامت ببطولته سعاد حسني ويحيى شاهين، بدأ في الإذاعة بمسلسل شهير وكان أول ظهور للفنانة ''نيلى'' التى لعبت دور البطولة أمام موسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب.

الإعلامي الكبير حمدي الكنيسي.. الأديب الذي سرقه الإعلام.. (حوار)