إعلان

''بالصور: مصراوي في قسم علاج الإدمان بمستشفى العباسية.. ''من وسط الضلمة نور''

11:49 ص الأربعاء 11 يونيو 2014

كتبت-رنا الجميعي وأماني بهجت ودعاء الفولي:

قريبًا من مدخل مستشفى العباسية للصحة النفسية، كان المبنيان الضخمان يواجهان بعضهما البعض، لافتة خضراء يُشبه لونها المساحات الزراعية في المشفى، كُتب عليها ''وحدة الرجال الجديدة''، أسفلها جملة ''قسم إدمان الرجال''، ملامح القسم بالداخل جديدة، غُرف لم يدخلها مرضى بعد، صفين من الأسرّة المرتبة، رتوش من الدهان على مكاتب الاستقبال، وجوه بدا عليها الفرحة، أطباء وممرضون وأخصائيون نفسيون أنهوا للتو احتفالهم بافتتاح وحدتين جديدتين للتأهيل بقسم علاج الإدمان، مندوبون من منظمة الأمم المتحدة جاءوهم ضيوفًا ليشهدوا ولادة القسم، بعد عام من العمل على تطويره.

مرحلة علاج مختلفة

في الدور الثاني من وحدة الرجال المطورة، يحتوي المركز على أقسام؛ إزالة السموم، إعادة التأهيل، حالات التشخيص المزدوج وقسم التدريب والتطوير، في برنامج يمتد لثلاث أشهر، يمر المريض بمراحل، أولها قسم ''إزالة السموم'' الموجود منذ عام 2001، وكذلك ''إعادة التأهيل''، الذي يضم 30 سرير، وبعد افتتاح قسمين جديدين لإعادة التأهيل وصل عدد الأسرّة 120، تتضمن كل غرفة ست منها، العلاج المباشر ليس الطريق الوحيد لتأهيل المريض، كما يقول دكتور ''عبد الرحمن حماد''، مدير وحدة علاج الإدمان، حيث يتكامل معه الأنشطة الرياضية والترفيهية.

غرفة للأنشطة الرياضية، امتلأت أركانها بآلات جديدة، أخرى تحوي منضدة للبنج بونج، كافيتريا يلتزم فيها المريض بتناول وجباته الثلاث بمواعيد، يمتلأ اليوم في المركز من الثامنة صباحًا حتى العاشرة مساء، بأنشطة مختلفة ''بنحاول ننظم حياته بشكل يشغله عن الإدمان''، حيث يعتقد المرضى أن قضاء أوقاتهم لا ينتظم إلا برفقة المخدرات ''لكن لما بيلاقي نفسه بيلعب رياضة وبيتكلم ويخرج بيحس إنه ممكن يعيش بدونه''، ''العلاج بالفن''، أمر آخر يعهد إليه الأطباء بالقسم، في غرفة يتراص بها فرش مائية، صلصال، أواني فخارية صغيرة ولوحات، يقول عنها ''حماد''، من أفضل طرق العلاج.

مدمن سابق ومُعالج حالي

متوسط القامة، سكندري المنشأ، أسمر اللون، في بداية الأربعينات، جلس ''رمضان'' أحد أعضاء الفريق العلاجي الذي يضم ثمانية أطباء، أربعون ممرض، أربع أخصائيين نفسيين وثلاث اجتماعيين، يروي حكايته مع الإدمان ''متعافي بقالي سنة وأربع شهور و17 يوم''، قالها بفخر متحدثًا عن رحلته الطويلة مع المرض، وكيف أصبح من الفريق الذي يعالج المدمنين ''جيت هنا من إسكندرية عشان أبقى جزء من إنقاذ ناس كتير اتجهوا للإدمان''.

''رمضان'' الذي بدأ إدمانه صبيًا في الرابعة عشر وبدأ العلاج في الأربعين، عانى طوال الست وعشرين عاماً الذين أمضاهم وهو يجرب كل أنواع المخدرات ''من أول السجاير لحد الهروين''، دفعته التجربة لخطوة العلاج أخيراً ''مريت بنفس التجربة وعارف اللي بيحس بيه المريض من أعراض انسحاب.. حاولت أبطل 18 مرة قبل آخر واحدة''، لهذا يعلم أن المريض تأتيه أوقات ينتكس فيها ''بيرجع أسوأ من الأول ومبيبقاش فيه إرادة خالص، بيوصل للقاع''، هنا يتواصل معه الرجل الأربعيني كي يُعيده لخط العلاج مرة أخرى ''فيه اتنين كانوا في إسكندرية وجبتهم وخلصوا علاجهم هنا''، يرى أن مهنته الحالية تستلزم الصبر على المرضى، لكنها تُدخل السعادة على نفسه.

لم يكتفي بكونه معالجاً ولكنه يحاول تطوير نفسه باستمرار ''درست في زمالة المدمنين في إسكندرية، الإنسان بيتعلم يبقى سوي، بل أحياناً أحسن من السوي، الواحد بقى عنده مبادئ أخلاقية وروحانية''.

قلة موارد ومساعي كثيرة

العلاج الجماعي هو جزء من البرنامج التأهيلي لمريض الإدمان، يبدأ فيها المرضى بمشاركة خبراتهم سويًا، ماذا يفعلون حينما تأتيهم خاطرة بتعاطي المخدرات ثانية، كيف يفلت أحدهم من التفكير، فيما الآخر يعاني بتركيزه على الفكرة ذاتها، الثرثرة معًا، والمشاركة بأعداد تسري عن نفسها، هو جزء من البرنامج الذي يشرف على تنظيمه ''علاء نبيل''، رئيس الممرضين بالقسم، يعمل على خلق جو من الألفة مع المرضى ''بنعمل حفلات وبنخرج نروح سينيمات عشان ميحسوش إنهم في سجن''، رغم أن جلسات العلاج الجماعي تُلاقي بعض التعنت من قبل المرضى في البداية ''بس بعد ما بيقعد مرة بيستريح''، لكن ذلك لا يجعل جلسات العلاج الفردي مستثناه، إذ تقوم كل منهما بدور معين ''الجلسات الفردية بتبقى مع المعالج اللي بيثق فيه المريض وفيها أسرار شخصية أكتر''.

بعض حالات تعاطي المخدرات تختلف عن غيرها، فالمريض يأتي أحيانًا مصحوبًا باضطراب نفسي نتيجة الإدمان، ما يستدعي دخوله قسم التشخيص المزدوج، ومعاملته بشكل مختلف عن المريض العادي، على حد قول الدكتور ''حماد''، لا تستقبل المستشفى الرجال فقط ''فيه سيدات لكن ليهم 30 سرير''، رغم الأقسام الجديدة، إلا أن عدد الأسرة للمدمنين بالمستشفى هو 150 فقط، ضمن 500 سرير لمرضى الإدمان في المستشفيات الحكومية على مستوى الجمهورية ''ودة مبيكفيش لأنه عدد المدمنين تقريبًا 3 مليون''، حيث تعاني الأقسام من قلة الموارد ''المريض الواحد بيكلف الدولة في حدود 200 جنيه في اليوم من أكل وشرب وعلاج وسرير''.

بين قسم إعادة التأهيل بالمستشفى الحكومي وأي مثيل له في وحدة خاصة فروق عدة ''إن بره وحدات التأهيل بتبقى بيزنس بفلوس مش للعلاج''، قال ''نبيل''. خمسة آلاف جنيه هو متوسط المبلغ الذي يتعين على المريض دفعه في الشهر بالمراكز الخاصة ''والرقابة مبتبقاش ضخمة''، في المقابل يُشترط على المدمنين الذين يتم علاجهم في المستشفى الحكومي ''إنهم ييجوا بمزاجهم.. لأن وحدات التأهيل الخاصة جزء منها بيعتمد العنف مع المرضى.. وعشان لو حد جاي مغصوب احتمالية إنه يكمل أقل بكتير من شخص اختار يتعالج''، على حد قول ''حماد''، بينما أكد ''نبيل'' أن تكلفة العلاج في القسم مجانية ''المريض بيدفع تذكرة دخول جنيه وبتعمل له جواب بالعلاج''.

لمتابعة أهم وأحدث الأخبار اشترك الآن في خدمة مصراوي للرسائل القصيرة.. للاشتراك...اضغط هنا

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان