''مريم'': طالبة بدرجة مرشدة سياحية
كتبت-رنا الجميعي:
بملامح تعلوها الطفولة والمرح، ظلت "مريم بلال" تتحدث بعفوية إلى السياح القادمين من فرنسا، بالإنجليزية مشيرة إلى مسجد "أحمد ابن طولون" وتاريخه، يُمكن الظن أنها مرشدة سياحية قادمة مع الأجانب، إلا أنها لم تدخل إلى كلية "الآثار" ولا إلى أي كلية حتى الآن.
مريم تُنهي عامها الأخير بمرحلة الثانوية العامة، وفي يوم الانتظار الكبير للنتيجة، لم تستطع ترقب النتيجة بصمت في بيتها، وقررت أن تأخذها والدتها إلى مسجد السلطان حسن، المسجد الذي تتخذه "مريم" ملجأ إليها، فكرت فتاة الثانوية أن يومها سيتلخص في زيارة المسجد
فقط، إلا أن القدر خبأ لها تفاصيل أخرى.
سمعت "مريم" تأفف بعض الأجانب المارين بجانبهم من طمع القائمين على مسجد السلطان حسن، تحب الفتاة التعرف على ناس جدد، لذا لم يكن لديها خوف من التعرف عليهم "أنا عندي صحاب أجانب أصلًا"، فلما سألتهم عما حدث، تذمروا من معاملة عاملي المسجد "كانوا بيلحوا عليهم في الفلوس"، وكما قالت إحدى السائحات أنها "حصلها صدمة ثقافية لما شافت اللي حصل".
لم ترد "مريم" أن يأخذ الأجانب تلك الفكرة الخاطئة عن مصر، تحدثت بحمية وتلقائية عن تراث مصر الذي يمتلكه المصريون، وعليهم ألا يشوهوا صورة ذلك التاريخ، قررت أن تصاحبهم في جولتهم دون مقابل، وبدلًا من أن تظل الفتاة في انتظار نتيجة الثانوية برهبة طيلة اليوم، بدأت في نسيان النتيجة والتفتت إلى أصدقائها الجدد.
اصطحبت "مريم" الخمسة أجانب، أربعة نساء ورجل، إلى مسجد "أحمد ابن طولون"، بعدما أغلق في وجههم مسجد "السلطان حسن" لسوء حظهم، في الرابعة عصرًا، كما هو المقرر، تحكي فتاة الثانوية أن الفرنسيين ظلوا في خشية من مريم وعائلتها، لم يعتقدوا أنهم سيجدوا بتلك السهولة من لا يستغلهم، ظنت الفتاة أن الأجانب خائفين أن يُختطفوا، وما إن وصلوا لابن طولون "مامتهم فضلت تبوس فيا بوس هستيري".
لم يسلم السائحون من إلحاح العاملين، ففي مسجد "ابن طولون"، حدث مشهد قريب من السابق، لكن في تلك المرة كان الموقف أشد وطأة بصحبة مريم وعائلتها، ظلت "مريم" تحكي عن تاريخ المسجد لهم، فخلفيتها التاريخية استطاعت أن توسعها، مع قراءاتها بكتب كثيرة.
لم تكن تلك الجولة الأولى لها مع أجانب، منذ عام ونصف وبالصدفة، تعرفت فتاة الثانوية على أجانب مروا بجانب إحدى السلاسل البشرية لجمعية رسالة، والتي تشترك بها "مريم"، ظن الأجانب أنها مظاهرة، فقامت فتاة الثانوية بالتوضيح أنها سلسلة للتأكيد على الأخلاق، ومن هنا استطاعت التعرف عليهم، حتى اعتقدوا أنها أجنبية مسيحية، ودُهشوا حينما علموا أنها مسلمة مصرية، منذ ذلك الموقف "كان موقف لذيذ، وأنا شايفة الانبهار عليهم"، ومن وقت لآخر تصطحب "مريم" من يريد التعرف على تراث مصر، وبدأت في قراءة مصادر كثيرة، حتى لتراها تظنها مرشدة سياحية.
بعد انتهاء الجولة بمسجد "أحمد ابن طولون"، عادت "مريم" إلى البيت، وهي موقنة أن تلك الأقدار جاءت بموعدها "نستني قرف النتيجة"، حتى ظهرت نتيجة الثانوية، وحصلت الفتاة على 75 %، ببساطة تتحدث "مريم" أنها تحب السياسة، ودّت لو حصلت على مجموع يمكنها من الالتحاق بكلية لدراسة المزيد من السياسة.
مع حب "مريم" لتاريخ مصر، والحمية التي تمتاز بها في الدفاع عن ذلك التراث، ومستنكرة أفعال البعض لاستغلال السياح، جعلها تود الالتحاق بآثار، ولكن النتيجة لم تكن في صالحها، وتضع في حسبانها امتلاكها للغة قوية "بعرف انجليزي وأسباني"، تفكر بالالتحاق بكلية الآداب قسم لغة عبرية، فالعبري يقرب كثيرًا للعربية، وتعلمها أسهل من لغات أخرى، كما تقول "مريم".
لمتابعة أهم وأحدث الأخبار اشترك الآن في خدمة مصراوي للرسائل القصيرة.. للاشتراك...اضغط هنا
فيديو قد يعجبك: