فلسطينيون يروون حكايات الوصال مع مصر
كتبت-دعاء الفولي:
تربطهم بها تفاصيل، تهفو أرواحهم إليها أحيانًا، فلسطينيو الجنسية هم، غير أن مصر وما يحدث بها لا يغيب عن بالهم، يعاتبونها إذا بغى عليهم بعض أهلها، يحفظون لها مكانة خاصة ولدت بعد زيارة أو أكثر، تظل ملامح ما عاشوه فيها من حلو ومُر حاضرة، وقد يبالغ بعضهم في الحب فيطلق على ابنته اسم إحدى محافظاتها، بينما يقبع آخرون ببلدهم ينتظر فرصة للمجيء، يفصلون بين الموقف الرسمي للدولة مما ألمّ بهم من نوائب وموقف الشعب قدر استطاعتهم.
إني سميتها سيناء
منذ خمس سنوات كانت المرة الأولى لـ''سعيد يعقوب'' حيث أتى لمصر، بمحافظة المنصورة استقر للعمل ''الناس لما بيعرفوا إني فلسطيني بيعاملوني أفضل''، كانت هي أول مكان يزوره بعد ما خرج من القدس بفلسطين المحتلة حيث يقطن، بعد عامين قرر العودة مع الوالدة والأم وأربعة أبنا، نازلًا بمدينة شرم الشيخ هذه الزيارة للترفيه ''قضينا أسبوع كامل كنا مبسوطين كتير''.
كانت لتلك الرحلة آثارًا بنفس الرجل الأربعيني، يسأله الأولاد بين حين وآخر عن تكرارها غير أن ظروف الانتقال لا تسمح؛ احتفظ يعقوب بشيء يذكره بالزيارة الأخيرة ''سميت أصغر بنت عندي سيناء''، يقولها بادئًا حديثه مع أي مصري تعبيرًا عن امتنانه، لم يسأله الأبناء ولا الزوجة سبب ذلك لأنهم يعرفون ''اخترت سيناء تحديدًا عشان أبين إننا واحد حتى لو مرينا بمشاكل'' أما الابنة الصغرى فعمرها لما يبلغ العامين بعد، يعايش والد الخمس أبناء بعض آل غزة الذين يعتريهم غضب بسبب إغلاق معبر رفح ومما يقال عنهم بمصر ''لكن بحاول أفهمهم إن هادول قلة قليلة مش الغالبية ''.
التكعيبة وأشياء أخرى
من نابلس أتت ''قرنفل زياد'' للقاهرة منذ عدة أعوام، مع الأصدقاء طافت شوارعها، لم يخلُ الأمر من قضاء بعض الوقت في الإسكندرية ''الناس هنا بفلسطينن بيطلعوا لمصر على إنها سند.. لكنهم معصبين من حملات التشوية في الإعلام المصري.. والأمر بيتعدى ذلك إن بعض المصريين بيشمتوا في الموتى''، نبرة مرارة لا تخفى، رغم ذلك ''القاهرة لسة بلدي الثاني.. مش راح أخد 80 مليون بني آدم بخطأ البعض''.
معرض الكتاب هو أول ما جمع قرنفل بالقاهرة، تذكر توافد أعداد ضخمة إليه ''أول مرة أشوف ناس هالقد بتقرأ وبتشتري كتب''، حتى أن الفتاة النابلسية اتصلت بوالدها ما إن وطأت أرضها ''قولتله يا الله بابا لو تشوف أد إيه القاهرة كبيرة وفيها تنوع إنساني مذهل''، تذكر المقاهي التي لا تُغلق أبدًا، على رأسها مقهى التكعيبة بوسط البلد ''عنا الحياة بتتوقف بليل عشان الاحتلال''، كما أنها لم تبتعد عن باقي المعالم ''الهرم لم يستهويني كثيرًا لكن المتحف المصري كان بودي أقعد جواه علطول''، بجانب الانبهار أصابها شيء من الحزن عندما رأت المشردين بشوارع العاصمة ''كيف بتسمح الدولة إنهم يناموا بالشارع هيك''، أما المظهر العام لشوارع العاصمة فلا يُشبه بلدتها ''ما عندكم زرع في البلكونات.. مباني وفقط''.
بالإسكندرية قضت قرنفل يومًا واحدًا ''عم بحسد أهلها عالسمك بتاعهم''، تقولها ضاحكة قبل أن تسرد مكونات أكلة ''الكشري'' التي أحبتها كذلك دون تذكر اسمها، للقاهرة عندها مواصفات تحكيها عندما يسألها أحدهم ''أصدقائي اللي بحبهم من قلبي والكتب وريحة الهدوء الصبح وآخر الليل''.
لولا معبر رفح..
ثمة فروق بين الحكومات والشعوب، تعي ''أمل اليازجي'' الكاتبة التي تسكن بغزة ذلك ''الشعب إرادة حرة لا تقيدها مصالح ولا استراتيجيات، وإن كان هذا لا يعفي الشعب من مسئوليته تجاه إخوة الدين واللغة والروح''، لم تزور أمل مصر يومًا، تسمع عنها وتعرف بعض أهلها فقط، حبسها معبر رفح عن ذلك، تعتبر مصر امتدادًا لبلدها؛ فتنتظر تيسيرًا أكبر يسمح لها بالقدوم وطبع ديوانها الشعري الأول هنا ''أشعر بانتماء فطري لمصر''.
حفل التوقيع الأول
من غزة إلى السعودية اعتادت ''سماح المزين'' السفر، كانت طفلة قضت فترة من حياتها بالبلد الحرام، تمر بمصر مع كل رحلة، عندما كبرت لم ينقطع حبل وصالها معها ''لأن لدي أصول مصرية''، ظلت الكاتبة الغزاوية تعتبر مصر بيتًا ثانيًا، حالفها الحظ في الدخول والخروج بسهولة كلما أرادت ''القاهرة لها سحر ليلي مختلف''، حتى جاءت مصادفة توقيع كتابها الأول، كان ذلك بمكتبة ألف عام 2012 ''اتعرفت على شباب ومثقفين كثيرين''.
لا تعتد المزين بالنخبة المصرية وما تُصدره للإعلام ''هذا حال أغلب الشعوب العربية.. النخبة لا تُمثل الشعب''، لديها ثقة أنه سيأتي يومًا يحتفل فيه الشعبان سويًا بالنصر دون أي اعتبارات أخرى، على حد قولها.
لمتابعة أهم وأحدث الأخبار اشترك الآن في خدمة مصراوي للرسائل القصيرة.. للاشتراك...اضغط هنا
فيديو قد يعجبك: