التضامن مع غزة.. فتش عن النظام
كتبت - أماني بهجت:
صامدةٌ كالصخر، محاصرة ولا مفر من حصارها، البحر من أمامها والمُحتل من خلفها، تأبى غزة إلا أن تسطر فصلاً جديداً في الصمود بعد توالي العمليات المختلفة عليها بدءاً من "الرصاص المصبوب" لـ "عامود السحاب" وصولاً لـ "الجرف الصامد".
ثلاثة عمليات قام بها الجيش الإسرائيلي ضد فلسطين ما بين 2008 و2014 يختلف الوضع في مصر، ويبقى الوضع كما هو في الجارة المحتلة.
"غزة غزة رمز العزة" الهتاف الذي لطالما طغى على أي فعالية تقام في مصر لنُصرة غزة، شباب بُحت حناجرهم وهم يهتفون بالعزة للجار المحتل، منهم من تمكن من اللقاء ومنهم من ينتظر. تتغير الأنظمة وتتوالى على مصر وتستمر العمليات ويتغير الموقف من نظامٍ لأخر.
بدأت عملية "الرصاص المصبوب" في ديسمبر 2008 واستمرت لمنتصف يناير 2009، وكان الموقف الرسمي المصري آنذاك يلتزم العمل على التهدئة وإصدار بيانات تشجب وتدين ما حدث بالإضافة إلى جلسات مجلس الشعب برئاسة "أحمد فتحي السرور" التي اشتعلت بالتصفيق للموقف المصري، وعلى أرض الواقع ظل معبر رفح الحدودي مغلقاً طوال أيام القصف والتي دامت أكثر من عشرين يوماً وخلّفت ورائها أكثر من 1400 شهيد وما يقرب من 5000 مصاب.
كان الرد الشعبي أقوى وأكثر صلابة من الموقف الرسمي، وفي الوقت ذاته قرر "أحمد دومه" ذو السابعة عشر ربيعاً واثنين من زملائه بالتسلسل إلى فلسطين وكسر الحصار عن غزة، وفور عودته للحدود المصرية تم القبض عليه وتحويله لمحاكمة عسكرية قضت بسجنه لمدة عام وغرامة 2000 جنية، وخرجت مظاهرات عدة من الجامعات المصرية والنقابات في شتى ربوع مطالبة بوقف العدوان على غزة، وتم اعتقال بعض الطلاب على إثرها وكان منهم "محمود عمر"، يحكي "محمود" والذي كان على علاقة بطلاب الإخوان في هذا الوقت "تم الدعوة بتنظيم فعاليات على مستوى الجمهورية كأسبوع لنصرة غزة بس الأمن عِرف قبل المظاهرات فكان فيه احتمالية الغائها بس لقينا الناس العادية بتشارك يمكن أكتر من الإخوان".
يعرب "محمود" عن دهشته من الأعداد الذي رآها تنضم للمظاهرات سواء من الطلاب العاديين أو من المواطنين من عرف بالقضية، ويروي قصة اعتقاله بـ "لاظوغلي" "اتقبض علي أنا و11 واحد تانيين واتحولنا لأمن الدولة في لاظوغلي، بس الموضوع اتعمل عنه كلام كتير فخرجنا بعدها"، يؤكد "محمود" على أن علاقته لم تنتهي بالقضية الفلسطينية ففي عام 2012 وأثناء عملية "عامود السحاب" كان واحداً ممن يجمعون التبرعات وإرسالها لفلسطين.
شباب فرقتهم الأيدلوجيات وجمّعتهم القضية الفلسطينية، أبوا أن يكتفوا بمقعد المُشاهد وأخذوا على عاتقهم أن يكونوا بجانب إخوانهم حتى تحت القصف ، بدأ الأمر عندما قامت قوات الإحتلال باغتيال القيادي بـ"حماس" "أحمد الجعبري" مما أثار غضب واستنفار حماس فقامت بالرد بإطلاق صورايخ تجاه إسرائيل مما أسفر عن مقتل 7 إسرائليين، فبدأت العمليات العسكرية ضد "غزة" في نوفمبر 2012، تغيّر الموقف الرسمي في مصر، حيث قامت مصر بسحب سفيرها بـ"تل أبيب"، وأوفد "مرسي" رئيس الجمهورية آنذالك "هشام قنديل" رئيس مجلس الوزراء على رأس وفد يضم عدد من الوزراء والمستشارين.
في الوقت نفسه تزايدت الضغوط الشعبية وقام الشباب من مختلف التيارات والتوجهات بإعداد قوافل وجمع تبرعات لإيصالها لـ "فلسطين"، في الوقت الذي كان حلم المرور بجانب "رفح" المصرية ورؤية رفح الفلسطينية مجرد أمنيات مؤجلّة، قرر "محمد أحمد" المشاركة في القافلة المتوجهة ل"غزة" بل وجمع تبرعات لها من القاهرة الكبرى كلها، يحكي "محمد" أن الموضوع بدأ بمبادرة فردية "إحنا قررنا إننا هنروح ونطلع مع القوافل اللي هتودي المساعدات، لحد ما وصلنا رفح المصرية مكناش عارفين هنعرف نعدي وندخل ولا لأ".
يسرد "محمد" التفاصيل ويحكي بصوت متهدج عن إحساسه عند الانتقال من رفح المصرية لرفح الفلسطينية ورؤية شاطئ غزة "مكنتش مصدق، محدش مننا كان مصدق إننا خلاص وصلنا فلسطين، تم نقلنا في عربيات السلطة الفلسطينية وكان طيارات الاستطلاع بتحوم فوقنا وبنشوف القصف طول ما احنا ماشيين".
يردف قائلاً "فرحة الناس بينا هناك كانت لا توصف، أحاسيس ممتزجة ومختلفة، من أكتر المواقف اللي مش هنساها عند المشرحة وجثة طفل مشوهه تماماً داخله والدته كانت تقول الحمد لله والناس بتزغرد في ثبات ويقولوا شهيد.. شهيد ويكبروا".
ويُكمل عن نهاية الرحلة "3 أيام وليلتين عمرنا ما هننساهم أي حد راح غزة في 2012 هيتمنى لو يروح حتى تحت القصف دلوقتي، أو أضعف الإيمان يوصّل مساعدات".
وفي يوليو 2014 قامت إسرائيل بشن عملية "الجرف الصامد" بعد مقتل 3 إسرائليين كان قد تم اختطافهم، واشتعلت أعمال عنف قام مستوطنين على إثرها بقتل وحرق "محمد أبو خضيرة" واندلعت الاشتباكات وقامت إسرائيل بالرد بالعملية العسكرية.
وفي الجانب المصري أصدرت الخارجية المصرية بياناً بعد إطلاق العملية بيوم أعربت فيه عن إدانة مصر لهذه الاعتداءات التي أدت إلي مقتل وإصابة العشرات من الفلسطينيين، وحذرت من خطورة استمرارا لأوضاع الراهنة وضرورة أن تعمل إسرائيل على احتواء الموقف من خلال وقف كافة العمليات العسكرية، وبأن تتحلى بأقصى درجات ضبط النفس وتتوقف عن إجراءات العقاب الجماعي ضد الشعب الفلسطيني ومنع الانزلاق إلى حلقة مفرغة من العنف، في حين أن معبر رفح لايزال مغلقاً بعد إغلاقه منذ تظاهرات 30 يونيو 2013 والأعمال العسكرية التي تقوم بها القوات المسلحة في سيناء لضبط الأمن.
لمتابعة أهم وأحدث الأخبار اشترك الآن في خدمة مصراوي للرسائل القصيرة.. للاشتراك...اضغط هنا
فيديو قد يعجبك: