أنيس منصور.. حكاية الذي طاف العالم في 200 يوم
كتبت-دعاء الفولي:
لحكايته تفاصيل، عاشها على مدى 87 عام، بين الجد، الهزل، الحب، السياسة، الحزن والكتابة التي جمعت كل هذه المفردات في جعبتها، إذا كان لكل شخص سمت مُحدد، فالأحرف هي الوصف الأمثل للكاتب الراحل ''أنيس منصور''، في الثامن عشر من أغسطس يحل يوم ميلاده الذي كان عام 1924، بمدينة المنصورة حيث جاء للدنيا، بدأ كل شيء، من كُتاب صغير لتحفيظ القرآن، إلى قسم الفلسفة بكلية الآداب، جامعة القاهرة، ثم التفرغ للكتابة فقط حتى الممات.
في صالون الكاتب عباس محمود العقاد كانت لمنصور أيام، رواها في أكثر من موضع، أثرت في شخصيته، قابل فيه توفيق الحكيم، طه حسين، سلامة موسى وغيرهم، قال عنه ''لو سُئلت: ماالذي تتمنى أن تشربه دون أن تفيق؟، لقلت: عصير الكتب، خلاصة الفكر، مسحوق الفلسفة''، في تلك الفترة كانت مؤسسة الأهرام هي مقر عمله بعد انتقاله من دار أخبار اليوم التي بدأ فيها العمل الصحفي متتلمذًا على يد علي ومصطفى أمين، تلك الفترة في السبعينات وما قبلها كانت ذهبية في حياته، إذ أصبح رئيسًا لدار المعارف وأصدر مجلة الكواكب، غير أنه لم يعترف يومًا أنه صحفي بشكل خالص، فكان يعتبر نفسه أديب يكتب في الصحافة.
بين الترجمة والأديب الراحل علاقة ود، كان يتشرّب النص الأجنبي، ثم يُحوله لعربية فصيحة، حيث ترجم ما يقارب من 9 مسرحيات و5 روايات و12 كتاب لفلاسفة أوروبيين، أما أدب الرحلات فقد تميز فيه، حيث ألف ''أنت في اليابان''، ''اليمن ذلك المجهول''، ''أعجب الرحلات في التاريخ'' وأشهرهم على الإطلاق كتاب ''حول العالم في 200 يوم''، إذ وضع فيه خلاصة رحلاته في الدول، كالهند والفلبين وسنغافورة وهونج كونج، كان ثمنه حين الطبع للمرة الأولى عام 1963، ستون قرشًا للنسخة العادية وسبعون للفاخرة، ثم ارتفع ثمن النسخة مرارا مع كل طبعة جديدة.
''ليس أروع ولا أمتع من رؤية بلد جديد.. من معرفة شيء جديد.. من الخوف من جديد.. والقلق من جديد.. والاطمئنان من جديد''، تلك كانت عقيدة منصور في طواف بلاد الله، يفتخر بها ويتحدث عنها، وعن إنجازاته داخل الرحلة، كانفراده بإجراء حوار صحفي مع الدالاي لاما، رئيس ''التبت'' الذي لم يستطع أحدهم الوصول إليه وتم نشر صورة لمنصور بجواره بجريدة الأخبار.
رغم الرحلات والكتابة عن المرأة والتندر من الزواج، إلا أن الفلسفة كانت صاحبته الدائمة، يقرأ فيها قدر استطاعته، حتى قال عنه طه حسين أنه أكبر قارئ في العالم العربي، يُحول اللغات المختلفة التي يفقهها إلى أسلوب خاص به بعد أن يستوعبها جيدًا، وكما كان مميزًا في الكتابة، كان له طقوس مختلفة تُشبهه، كعدم قدرته على الكتابة نهارًا، أو النوم لساعات طويلة، كما كان لا يكتب إلا بالـ''بيجاما''.
لمتابعة أهم وأحدث الأخبار اشترك الآن في خدمة مصراوي للرسائل القصيرة.. للاشتراك...اضغط هنا
فيديو قد يعجبك: