مصراوي يحاور دمية ''صنع في مصر'': الباندا هتوحشني
-
عرض 6 صورة
-
عرض 6 صورة
-
عرض 6 صورة
-
عرض 6 صورة
-
عرض 6 صورة
-
عرض 6 صورة
حوار- محمد مهدي:
''باندا'' ضخمة الحجم، خفيفة الحركة، تظهر في فيلم ''صنع في مصر'' للفنان ''أحمد حلمي'' تشاركه بطولة العمل مشهد بمشهد، وكلمة بكلمة، تُثير ضحكات الجمهور بحركاتها وتصرفاتها، بينما لا يعلم الكثير أن وراء حركة تلك الدمية ''محمد سَلام'' واحد من أهم محركي العرائس في مصر، الذي قَدم أداء رائع رغم صعوبة العيش بداخل جسد ''الباندا'' لساعات طويلة خلال تصوير الفيلم.
البدايات تتزين غالبا بالفضول والشغف وربما الحظ، ثم تُدشن لها دربا تسير عليه بتمهل لحين الوصول لنقطة الانطلاق الحقيقية، هكذا كان حال الشاب ''محمد سلام'' حينما دلف إلى اللجنة الفنية بكلية تجارة بجامعة عين شمس، بجسده النحيل وملامحه البشوشة، باحثا عن هواية يمارسها أثناء دراسته ''اخترت انضم لفريق الاستعراضات.. كنت حابب أقوم بنشاط مش أكتر''، يذكر ''سَلام'' تلك اللحظات وهو خارجا لتوه من عرض ''سنوحي'' الذي يشارك في استعراضاته وتحريك العرائس به بداخل مسرح القاهرة للعرائس.
عامان فقط احتاجهما الفتى المنضم حديثا لعالم الاستعراض-حينذاك- ليَفرض وجوده على الساحة الجامعية، بعد حصوله على المركز الأول على مستوى الجامعات المصرية ثم العام الذي يليه، مبشرا بموهبة جديدة تحمس لها مدربه الدكتور عماد سعيد، الرئيس الحالي للبيت الفني للفنون الشعبية ''قالي تعالى اشتغل معايا في مسرح البالون، ودي أول مرة كنت هأظهر فيها كمحترف''.
بداخل مسرح البالون تقدم صاحب الموهبة الشابة نحو الفنان ''محمد كشك'' مخرج العرض-مدير مسرح العرائس-، ليبدأ البروفات، ليكتشف أنه سيظهر في استعراضات صغيرة الزمن خلال مسرحية للأطفال، لم يهتم بالأمر لكن لَفت انتباهه تلك العرائس الساكنة التي دبت فيها الحياة فور حضور محركي العرائس ''إتجننت.. العرايس دي إبداع وفن وفِكر''، لم يملك زمام نفسه، اندفع وسط المحركين يزاحمهم أماكنهم بدافع الوَلع، يحاول التعلم لتتوالى خطواته المنظمة على سِلم الابداع.
يعتقد المعجون بمياه الموهبة أن القدر دفعه إلى التوغل في عالم العرائس عندما وقع بين يديه إعلان لمسرح القاهرة للعرائس عام 2004 ببدء مدرسة لتعليم كافة فنون التحريك-نظراته تتجه كل لحظة نحو اللوحة المضيئة باسم المسرح أثناء الحديث عنه- انضم إليها وظل لمدة عامين يتشرب سِر الصنعة، يدخل عالم العرائس، يتعلم أنواعها ''خيال الظل والمابتشو والجوانتي والماريونت والبِدل والباتوه''، يدرس حركاتها، خامتها، يخوض تجربة شاقة لكنها ممتعة، جعلته يقتنص المركز الأول من بين 500 طالب، ليحفظ له مكان ثابت في مسرح الدولة ''أنا موظف في وزارة الثقافة''.
نوقف حديثنا قليلا ريثما يلتقط طفل صورة تذكارية مع ''سَلام'' ثم نُكمل، يحكي عن فرحته الكبيرة عند تلقيه عرض ''صنع في مصر''، بترشيح من معلمه ''كشك'' المسؤول عن العرائس الماريونت بالفيلم، كان قد عمل من قَبل في 6 أجزاء من مسلسل الأطفال ''ظاظا وجرجير'' محركا للدمية ''لولي'' ولـ ''مستكة''، ووضع بصماته في إعلانات شركات محمول كبرى، وبرامج في التليفزيون المصري وقنوات خاصة، وحضر أكثر من30 عرض دولي، فبات مع مرور الزمن يلعب منفردا في منطقة ''الماسكات الكبيرة''.
''خبرتي وشغلي في الاستعراض فادوني'' بدونها لضاعت فرصة مرت من بين يدي 15 شخص قبله، لم يحالفهم النجاح في الاختبار الذي أجري لهم بأداء مشهد صغير من داخل الباندا أمام ''أحمد حلمي'' و''عمرو سلامة''، لكنه تمكن من المرور من تلك المهمة، ليحصل على نسخة مكتوبة من الفيلم ويبدأ في التحضير.
يصمت ''سَلام'' قليلا كأنه يلتقط خيوط الأحداث، يحكي عن أول يوم تصوير، ارتباكه، تحضيره الخاطئ لشَكل الشخصية، تصويب المخرج، مساعدته ومساندته له، محاولة التكيّف على جسد الدمية المكونة من 8 قطع من فيبر وسَفنج وشَعر- ''وزنها كبير جدًا.. تحس إن خمسة مكتفينك والجو صعب''، لكنه تجاوز الأمر سريعا وتأقلم عليه خاصة بعد إجراء تعديل في جسد الدمية بالتنسيق مع مصممها ''توماس''.
أثناء التصوير اكتشف طاقم العمل أن ''مُحرك الدمية'' يحتاج لساعة وعشر دقائق لارتداء أجزاء الباندا، ومثلهم عند الانتهاء من التصوير، لذا قرر أن يُنهي الأزمة ويظل مرتديا الباندا طوال ساعات التصوير وينزعها عن جسده في منتصف اليوم عندما تأتي ساعة الراحة.
شيء قد يُدهش البعض كما قال ''سَلام'' أن أصعب المشاهد التي كان يؤديها هي التي يظهر فيها جالسا، لأنه كان يفقد تحكمه بشكل كبير في حركة فم الباندا ''كنت بعصر نفسي عشان أحركها وبتطلع حركة صغيرة''، وأسهل المشاهد هي التي يتحرك فيها ''ببقى مبسوط فيها ومنطلق''.
من المشاهد القاسية التي تذكرها ''سَلام'' ضاحكا، مشهد سقوط ''الباندا'' بداخل حمام سباحة، علقّ بجسد الدمية لنصف ساعة على المياه طافيا في انتظار الغرق، وحينما نزلت إلى القاع شعر فجأة بضيق تنفس بعد أن تكدست أجزاء الدمية على وجهه ''رفعت إيديا اليمين كإشارة اتفقنا عليها عشان يلحقوني''، انقذه ''توماس'' وخلع غطاء الرأس عنه ليتنفس، وأخرجه 7 فنيين من المياه بصعوبة بعد أن زاد وزن الدمية المبتلة.
''أكتر الكواليس اللي معلمة في قلبي جدعنة حلمي'' كلمات تصدر عنه بفرحة، فبطل العمل ساعده في إتقان الدور بجلسات وأحاديث مستمرة عن الشخصية، اهتمامه بحَمل أي مواد ثقيلة- من المفترض أن تظهر في يد الباندا خلال المشاهد- حتى لا يُرهقه ''رغم إنه نِجم وكان يقدر يركز في دوره وميفكرش فيا''، فضلا عن مناداته للعاملين بسرعة مساعدته في إزالة أجزاء الدمية عقب انتهاء التصوير ''روحه حلوة ودي تكفيني''.
'' فاهم وله مدرسة في الإخراج'' هكذا وصف ''عمرو سلامة'' مخرج العمل، فأجواء العمل ممتعة، والكلمة الطيبة والإشادات تلاحقه عقب كل مشهد ''دايما يقدرني.. شغل حلو، أدائك كويس''، وما سهل عليه الأمر أنه محب لأعمال ''سلامة'' ومتابع جيد لها، لذا لم يجدا صعوبة في التفاهم.
للباندا مكانة خاصة في قلب ''سَلام'' رغم تلك الحالة القاسية التي مرت به خلال فترة التصوير ''منكرش إنها تعبتني ونزِلت حوالي 9 كيلو من وزني بسببها''، إلا أن قلبه تعلق بها، بعد أن أمضيا وقت ليس بهين ملتصقين ببعضهما ''هتوحشني.. دي عروستي لازم أحبها''.
بعد انتهاء الفيلم شَعر قائد الباندا بغصة في حلقه ''مبحبش أفارق ناس بحبها.. أنا عِشري''، حاول أن يداري دموعه المختزنة بداخل عيناه، واتجه إلى فريق العمل قام بتوديعهم بشكل سريع وغادرهم ''كان يوم صعب''.
ردود الفعل من أساتذته وزملائه وقبلهم أسرته حول دوره ونجاح الفيلم تزيده فرحا على فرح، تشعره بالمسؤولية ''حاسس أني كان مفروض أتعب أكتر وأعمل مشاهد أقوى''، عادة تلازمه دائما عدم الرضا عن نفسه والبحث عن الأفضل، لكنه يُدرك أن ''صنع في مصر'' خطوة هامة في طريقة، وأن القادم أفضل ''مستني حاجة على نفس الشكل.. لو سينما تاني يبقى أنا ماشي صح''.
لمتابعة أهم وأحدث الأخبار اشترك الآن في خدمة مصراوي للرسائل القصيرة.. للاشتراك...اضغط هنا
فيديو قد يعجبك: