لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

''عبد المجيد''.. درويش ''محفوظ'' في دنيا الله

03:38 م السبت 30 أغسطس 2014

''عبد المجيد''.. درويش ''محفوظ'' في دنيا الله

حوار - ويسرا سلامة وندى سامي:

على أحد المقاعد المنزوية بقهوة ''الكمال'' بوسط البلد، يجلس يحتسى كوبا من الشاي، تقترب الذكرى ومعها تعيد ذاكرة ''إبراهيم عبد المجيد'' سنوات كان برفقة أديب نوبل.. رحلة محفوظية طويلة خاضها ينهل من عبق رواياته وعبير أبطالها، فشكلت أدبه وأثرت على كتاباته، عشق القاهرة واستعاد تفاصيل محفوظ عنها في أحد رواياته ''هنا القاهرة''.

من ''كفاح طيبة'' امتد السحر، انتهت صفحات تلك الرواية ليبدأ ابن محافظة الإسكندرية رحلة البحث في أدغال روايات ''محفوظ''، فتعرف الصبى على عالم الأديب الخاص، وولع بالقاهرة وأحيائها وأزقتها، كان اهتمامه بزيارة القاهرة منصبا بالأثاث لرؤية أمكنة حكايات محفوظ، بنهم فتى قرر أن يسلك طريق الأدباء صار تمامًا كالمجاذيب، يلهث وراء كتب ''محفوظ''، في خان الخيلي وزقاق المدق والقاهرة 30، فوقع الصبي في الهوى، وظل يتابع مقالات ومجلات تنشر للأستاذ، ''لحد ما أدمنته''.

عندما وطأت أرجله قاهرة المعز في رحلة مدرسية وهو في السابعة عشر من عمره، ظل يتفقد أثر ''محفوظ'' يبحث عن الأماكن التي حفرت في ذاكرته فمن خلال رواياته عرف الصبى حي الجمالية والحسين والأزهر ''كنت بدور على أمينة وسي السيد، وكمال عبد الجواد'' أبطال روايات ''نجيب محفوظ'' الذى تيقن ''عبد المجيد'' أنهم أجساد نابضة جسدها الأديب العالمي شخوصًا في رواياته.

هرب الصبي بعد أن انتهت أيام رحلته ولم ينفذ شغفه بالقاهرة ولم تقع عيناه على ملهمه ولو من بعيد، فذهب وحيدًا في رحلة للبحث عن ''محفوظ:، بعد ثلاث ليالٍ بائت محاولاته بالفشل وعاد إلى منزلة وفي قرارة نفسة العودة مرة أخرى ليعيش في أحياء محفوظ، ليحقق رغبته وهو في العشرين من عمره، ولم يخف داخله حلم مقابلة الأديب.

في شارع ''صفية زغلول'' كانت هي المرة الأولى التي لمح فيها طيف ''محفوظ''، يسير بخطى وئيدة هائما على وجهه، عيناه شاردة وكأنه يسير وحيدًا في الشارع، فسار ''عبد المجيد'' بهدوء على سمت أديبه يتتبع خطواته ويتصارع مع خجله الذي منعه من الحديث معه، لتنتهي المقابلة الأولى في صمت الخجل، وبعد شهور يصادف جمعهم في أتوبيس نقل عام، ورفض أن يتطفل عليه وانسحب في صمت على يقين أن النصيب لن يأت بعد.

ظل ''عبد المجيد'' يقتفي أثر الأديب، فظل يبحث عنه على قهوة ''ريش''، ثم كازينو ''على بابا''، ليعطيه بعضًا من قصصه الأولى، ويتركه دون متابعة، ويلتقي به عقب ذلك التاريخ فتكون البشارة الأولى، ليقول له ''محفوظ'' ''هتبقى كاتب مهم في يوم من الأيام''، ألوان من الفرحة أضاءت بداخل الكاتب الشاب، حتى تاريخ 1996، ليحصل على جائزة ''نجيب محفوظ'' في السنة الأولى لها عن رواية ''البلدة الأخرى، بعد أن تم ترشحه دون علمه.

سعادة غامرة أحاطت بالكاتب الشاب، لتعتريه الانتقادات من بعض الأدباء، بأن الجائزة محاباة من أمريكا واتهامات بالعمالة لها، ليُنصف الأديب الكاتب الشاب، بتصريح في جريدة الأهالي لا يزال يذكر ''عبد المجيد'' نص عنوانه ''الاعتراض على جائزة تحمل إسمي هلوسة، وكاتب الرواية يحمل ثقل للثقافة العربية''، وبعدها هاتفه ''محفوظ'' ''أنا لازم أقابلك''، فتزداد سعادته، فقابله وهنأه على الجائزة وشجعه على مزيد من التقدم والارتقاء في درب الكتابة والرواية.

اللقاء الأهم كان بعد محاولة اغتيال ''محفوظ'' وكانت بمنزله في العجوزة، بدموع الذكري يصف ''عبد المجيد'' اللقاء ''الأستاذ لم ينتظر أن أصل إليه، وجاء لاستقبالي من منتصف بهو العمارة''، في جلسة دامت لساعة أو أكثر قليلًا ظلت عالقة في وجدان ''عبد المجيد'' ، قال له ''محفوظ'' أنه أبدع في رواية ''لا أحد ينام في الإسكندرية'' في أجمل ما كتب عن عروسة البحر، التى كتبها بالأزرق والأصفر، أي البحر والصحراء أماكن الرواية، بعد أن قرأها عليه الكاتب ''نعيم صبري'' في 3 شهور، وأصر على أن ينهى آخر صفحة بها.

وعن أدب ''محفوظ''، يذكر ''عبد المجيد'' إن دراسته للفلسفة أعطت رواياته بعدُا آخر، فالقارئ العادي لن يفقه البُعد الفلسفي في رواياته، التي تظهر في عدد من الأعمال فبطل ''الطريق'' ''سيد سيد الرحيمي'' يبحث عن الإله ولن يجده، و''سعيد مهران'' في ''اللص والكلاب'' لم تصيب سهامه المراد ليجسد به رؤيته للحل الفردي لدى، ويثبت إنه لن يفلح في تغيير المجتمع، و''عمرو الحمزاوي'' في الشحاذ لم يكن يشحذ سوى الحقيقة الغائبة، وأبطال ''أولاد حارتنا'' كانوا في صراع يجسد الصراع بين العلم والدين.

ومن أبطال الروايات، يذكر ''عبد المجيد'' إن تلك الروايات وغيرها خلقوا حينها حالة من الوهج الفكري، ليشكل صراعًا على قضايا كانت تُثرى الحياة الثقافية بين المثقفين، وهو ما خفت برحيل ''محفوظ'' والكثير من أبناء الجيل، لتخفت الحركة الأدبية نوعًا ما، ليذكر إن وقتها رغم الصراع الفكري بين الكتاب، لم يحمل أي أحد الضغينة لكاتب آخر، أو فكر أحدهم في ''قطع عيش'' زميل له.

فضل ''عبد المجيد'' ألا يكون من دراويش ''محفوظ'' الملازمين له، واكتفى بزيارة كل عامين عادة ما تكون في رمضان، يحتسيا القهوة ويتناولا قطع ''الجاتوه'' يتحدثا مليًا عن القصة ومستقبلها في مصر وبعض الأعمال الموجودة على الساحة الأدبية، يتحدث الأديب العالمي قليلًا ويضحك مرارًا، وقبل رحيله بعام كان آخر لقاء جمعهما سويًا ربط فيها الأديب على الكاتب الموهوب وشجعه على مزيد من الإبداع، لو علم ''عبد المجيد'' أنها المرة الأخيرة لظل ماكث بجانب معلمه ينهل منه المزيد.

 

بالصور: بعد 20 سنة.. مصراوي على أرض المعركة التي خلفتها ''طعنة'' محفوظ

أرض المعركة

رسول العناية الإلهية لـ''محفوظ''.. جراحة على شرف ''مطواة''

رسول العناية الإلهية

يد محفوظ.. صديقته التي تعلمت الكتابة في الثمانين

يد محفوظ

مصراوي يرصد حكاية 4 أشخاص لازموا نجيب محفوظ ''ساعته الأولى''

حكاية 4 أشخاص لازموا نجيب محفوظ

عم إبراهيم.. الرجل الذي هزم ''نجيب محفوظ'' في ''القافية''

عم إبراهيم

رفاق ''محفوظ'' في العالم الموازي: ''نجيب'' الأول دائما

العالم الموازي

''عين'' نجيب محفوظ تروي لـ''مصراوي'' ذكريات الأديب

ذكريات الأديب

حجي.. الرجل الذي رسم أحلام ''محفوظ'' ولم يراه

حجي

الحاج ''صبري''.. ''أمين سر'' أحلام نجيب محفوظ

 

 

لمتابعة أهم وأحدث الأخبار اشترك الآن في خدمة مصراوي للرسائل القصيرة.. للاشتراك ...اضغط هنا

 

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان