لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

"أحمد رجب".. نصف قرن من الشغب..(بروفايل)

04:20 م الجمعة 12 سبتمبر 2014

أحمد رجب

كتبت - رنا الجميعي ويسرا سلامة:

''نحن بلد المتناقضات المُحيرة، عندنا بحران وبحيرات كبرى وصيادون يتعرضون للاعتقال للجوئهم إلى مياه الغير، وعندنا مجانية التعليم تكلف الأسرة أكثر مما تكلف مدارس المصروفات، وعندنا أكبر سوق للساعات وليس عندنا احترام للوقت، وعندنا النيل والأرض ونريد أن نزرع في أوغندا والسودان، وعندنا مهرجانات سينما وموسيقى وأغان وليس عندنا إلا الستر''..بتلك الكلمات وغيرها كان ''رجب'' يصبح على قراءه في جريدة الأخبار.

حلم الكتابة والشغف بها تملك ''رجب'' منذ الصغر، فرغم دراسته للحقوق كانت أيام الجامعة فرصة له للإبداع الصحفي في مجلة ''أخبار الجامعة''، ليصل توزيعها إلى 7 آلاف نسخة، وهو رقم كبير حينها، مهدت له التعرف على الكاتبين مصطفى وعلي أمين، ليكون مهد العلاقة بينهم العمل بمكتب ''أخبار اليوم'' في الإسكندرية، لينتقل بعدها إلى القاهرة.

عمد ''رجب'' إلى الكتابة المختصرة بعد نصيحة للكاتب ''على أمين'' ''اكتب كأنك تكتب برقية ستدفع في كل كلمة فيها قرشًا''، وليتابع مجريات العصر السريع، ويكتب باختصار وتركيز، في ظل منافسة الصحافة لوسائل إعلام أخرى مثل الراديو والتلفزيون، ليصبح بعدها ''ملك التكثيف'' وعبقري ''النص كلمة''.

''اللسان الطويل'' كان سببًا لغضب بعض السياسيين من ''رجب''، ليتم فصله من دار أخبار اليوم شكلًا، لكنه ظل يكتب بها، وظلت له مثل الماء للسمك؛ لم يغادرها لينتشر، أو يعيد إنتاج نفسه، ليعمد الكاتب الساخر إلى عدة قضايا، يكتب عن أزمة المصريين في الاختيار بين مرسي وشفيق، ويكتب عن المشير وقتها ''عبد الفتاح السيسي''، وعن الثورة وغيرها من القضايا.

الهواء الأسود

ولـ''رجب'' أحد المواقف الساخرة مع زملائه، حين ألف رواية أسماها ''الهواء الأسود'' في أقل من ساعة، وكانت عبارة عن جمل وعبارات غير متناسقة أو مترابطة ولا تؤدي إلى معنى معين، وكان هدفه من ذلك السخرية من تيارات العبث واللامعقول المنتشر وقت كتابة الرواية، ليرسلها إلى مجلة ''الكواكب'' مدعيًا إنها لمؤلف أجنبي يُدعى '' فريدريش دورنمات''.

تطوف ''الهواء الأسود'' على عدد من الفنانين والنقاد، ليصفها ''سعد أردش'' بأنها رواية عالمية، وبالغ عبد الفتاح البارودي فقال: ''هذه هي الدراما!''، في حين وصفها ''عبد القادر القط'' بأنها تعبر عن مأساة الإنسان في القرن العشرين، واتفق معه في الرأي رجاء النقاش الذي رأى أنها تشرح بوضوح أزمة الإنسان المعاصر، ثم كانت صدمة الجميع عندما أعلن أحمد رجب أنه المؤلف الحقيقي للرواية العبثية.

يناير 1974 كان اللقاء الأول بين رسام الكاريكاتير، خريج فنون جميلة، والكاتب الأشهر للسخرية، بين أروقة جريدة ''أخبار اليوم''، استمر ذلك المزج بين النكتة والكاريكاتير يوميًا لسنوات امتدت ل29 عامًا، على أيديهما صُنعت العديد من الشخصيات التي تجاوزت الألف، لترصد التنوع الحاصل في المجتمع المصري، كان أشهرها ''فلاح كفر الهنادوة''، ''الكحيت''، ''عزيز بك الأليط''، و''عبده مشتاق''.

بعد عام 2003 حدثت الوقيعة الشهيرة بينهما، نتيجة اختلاف بوجهات النظر، لتخلو صفحات أخبار اليوم من الثنائي الساخر، ويعودا ثانية عام 2009، وبعد وفاة مصطفى حسين الشهر الماضي، اعتاد ''رجب'' على افتتاح عمود ''نصف كلمة'': ''يا رب حياة مصطفى حسين بين يديك، إنا نتوسل ونستجدي، ونطمع في قدرتك يا من تعطي بلا حساب، يا أرحم الراحمين''.

ظهور ''فلاح كفر الهنادوة''

ظهر فلاح كفر الهنادوة، وهي الشخصية الأشهر التي ابتكرها ''أحمد رجب''، مستوحاه من فلاح شاهده في أتوبيس، ليقوم فلاح كفر الهنادوة بالحديث مع المسؤولين، وضمن من تحدث معهم كان رئيس الوزراء ''عاطف صدقي''، ولم يغضب وقتها، بل استحسن أفكاره، في حين أثار حديث الفلاح مع وزير مالية سابق سبّب في وجود عدد من الضرائب، العديد من الانتقادات.

السخرية التي اجتمعا حولها ''حسين'' و''رجب''، لم تكن بشكل هدّام، ولكنها كانت رغبة في أداء أفضل للمسئولين، ومن المواقف التي أثرت بها تلك السخرية في أداء الحكومة، حيث قدما معَا ''''عبده بالنفر'' في الثمانينات، وسلطوا الضوء حول سائق التاكسي المتحكم، وعلى إثرها اجتمع محافظ القاهرة بالسائقين وحدد سعر البنديرة.

لم يسلم الرفيقان من الهجوم طيلة مشوارهما، على امتداد العصور التي عايشوها، من ضمنها في عام 2005 تم كتابة تعليق ''دول ناس شافوا يدوب حتة ديمقراطية، قاموا اتسعروا''، وهو ما استدعى هجوم حاد من الكثير ظنًا منهم أن السخرية عن الشعب المصري، إلا أن مصطفى حسين قصد بالتعليق الساخر بعض الصحفيين من الجرائد.

بعد الثورة تم الهجوم عليهما كثيرًا، بسبب مواقفهما السياسية، ومع ظهور شخصية كمبورة تقدم أحد الأشخاص ببلاغ ضد أحمد رجب ومصطفى حسين بتهمة ازدراء السلفية.

في 20 يوليو، استأذن ''رجب'' قراءه في الانصراف، من أجل إجازة لم يعلم إنها ستطول، لتبقى كلماته ترسم النقد حينًا، والبهجة حينًا آخر، وربما النقد في عيون البعض من عميد الأدب الساخر ''أحمد رجب''، ويترك أيضًا مجموعة من الكتب من مؤلفاته تثري الأدب الساخر منها صور مقلوبة، ضربة في قلبك، الحب وسنينه، نهارك سعيد، كلام فارغ، فوزيه البرجوازيه، بعد عمر يناهز 86 عامًا.

 

لمتابعة أهم وأحدث الأخبار اشترك الآن في خدمة مصراوي للرسائل القصيرة.. للاشتراك ...اضغط هنا

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان