خالد السرجاني.. الرحيل في يوم الزفاف
كتب- محمد مهدي ويسرا سلامة:
عطاء لم يتوقف طوال حياته، فراق حل كالصاعقة على أبناء لم ينجبهم من الصحفيين، فهو أشهر عازب في الوسط الصحفي، نهاية مأساوية إثر أزمة قلبية أحلت به عن عمر يناهز الـ 54ـ ، جعلته يفارق الحياة بعد حفل للزفاف بيوم واحد، كأن قدرًا له أن يعيش للصحافة، ويموت تاركًا ذكرى عطرة وتاريخ مُشرف، وتلاميذ وأصدقاء لا ينكرون فضله، ولا تتخلى ذاكرتهم عن ذكريات هي الأهم في تجربتهم مع ''أستاذهم''.
جيل الدستور
''في أوائل 2005 استقبلنا في جريدة الدستور برفق ودعم كامل لجيلنا'' يقولها الكاتب والصحفي تامر أبوعرب، عن الراحل ''خالد السرجاني'' الذي عمل معه حينما كان يرأس قسم الأخبار بالدستور.
يلجأ إليه الجميع في أي زمة-بحسب أبوعرب- يَنصح بمحبة، ويساند بتواضع، يقف مع المظلوم مهما كانت العواقب.
''موسوعة ثقافية تمشي على الأرض'' هكذا يصف ''أبو عرب'' الراحل، مؤكدًا أن معلوماته غزيرة فيما يتعلق بالأدب والسينما والموسيقى، يعشق القراءة، ويدفع غيره من الصحفيين إلى دروب الفن ''معظم الناس كانت تستعير منه كتب.. وكان أحيانا كتيره يتطوع هو ويدي حد كتاب عشان يقرأ''.
لا ينسى ''أبوعرب'' أن الأستاذ هو أول من وقف بجواره لنشر كتابه الأول ''فراعنة لا أهرامات''، سعى من أجله للبحث عن دار نشر مناسبة، ودعمه بكافة السُيل حتى يظهر الكتاب للنور ''كفاية إنه كان أول الحضور في حفل توقيع الكتاب، وبيدعو الناس إنها تحضر بكل حماس عشاني''.
يعتبر ''أبوعرب'' أن الوسط الإعلامي ومصر كلها فقدت برحيل ''السرجاني'' رجل ذو مبادئ، ومواقف ثابتة، من القلائل الذي وقفوا ضد تأليه الحاكم وظلم الأنظمة '' كان بيتمتع بروح جيل الثورة''.
كان من المفترض- بما للكاتب الراحل من ثقافة ومعرفة ومهنية- أن يظهر في الإعلام بشكل أكبر ويقدم برنامج لكن ''الشللية والوسايط'' كما يرى ''أبوعرب'' منعته من الوصول إلى تلك المكانة.
"موقف لا يُنسى"
''مش هنسى يوم ما دخلت عليه في الدستور بموضوع وأنا لسه في الكلية واهتم بيه ونزله نصف صفحة'' يذكرها بأسى الصحفي مصطفى طاهر ، متذكرا فَضل ''السرجاني'' الذي رحل بغتة، ويرى ''طاهر'' أن الرجل كان بحرا واسعا من الثقافة والمعرفة والاطلاع خاصة فيما يتعلق بمهنة الصحافة، معتبرا إياه من أكبر المتخصصين في العمل الإعلامي.
النُبل شيمة الراحل، لم يتأخر في مساعدة وخدمة شباب الصحفيين ''شخصيا بعتبر السرجاني صاحب الفضل في أول فرصة ليا في الصحافة''.
''أكتر حد بقابله صدفة في السينما'' فالكاتب الكبير كان عاشقا للسينما، لا يبتعد كثيرا عن دور العرض شغوفا بالجلوس أمام الشاشة العملاقة مستمتعا بالفن السابع.
عانى الراحل من الاضطهاد في عهد ''مبارك''، كما يؤكد ''طاهر''، فهو من دَفع بفضيحة الصور التعبيرية الخاص بمبارك في جريدة الأهرام ''لما الموضوع وصل له اهتم بيه وفضحهم انتصارا للمهنية''.
كلمات قليلة رغم الحزن يذكرها ''إبراهيم منصور'' رئيس التحرير التنفيذي لجريدة ''التحرير'' برحيل ''السرجاني'' ليذكر ''صديق وأخ، وواحد من العظماء من أبناء جيله في الصحافة''.
مناصب
مهتم بالشأن العام والثقافة، يتابع جديد الإصدارات من دنيا الكتب ''قلما صدر كتاب أو فيلم ولم يكن يعلم عنه السرجاني شيء'' بعضويته في لجنة الثقافة والفنون بالمجلس الأعلى للثقافة، وبآخر منصب تولاه كمسئول عن المركز الصحفي لمهرجان القاهرة السينمائي قبل انطلاقه في الفترة من 9 إلى 18 نوفمبر.
عُرف عن ''السرجاني'' أنه نموذج للصحفي الناقد لوضع مهنته، بعد أن أمضى ردحًا من حياته في صاحبة الجلالة، متنقلًا من تجارب صحفية خاصة مثل الدستور في طبعته الأولى في عام 2005، ليشرف على صفحة الصحافة أيضًا بالأهرام، ينقل من خلالها هموم المهنة، وهموم العاملين فيها، ويضع في مقالاته رؤية لتطوير الإعلام.
''هشام المياني'' الصحفي بالأهرام أمضى فترة عمله مع ''السرجاني''، كان فيها رغم رئاسته له بسيطًا ومتواضعًا ''بيعمل نفس اللى احنا بنعمله''، كما يبدى تعجبه كيف لم يتقلد شخص مثله- لديه معرفة جمة- منصب وزاري.
8 آلاف كتاب بعضها من الإصدارات النادرة تحويها مكتبة ''السرجاني''، يؤكد ''المياني'' إن ثري عربي عرض عليه شراء المكتبة مقابل 2 مليون جنيه، لكنه رفض اعتزازًا منه بالثقافة والكتب، كما أشار إلى أن صفحته المتخصصة عن شئون الصحافة وأحوالها وهمومها فتحت الأبواب للبرامج التلفزيونية التي تستطلع أحوال المهنة.
نصائح
المصداقية والتأكد من المعلومة نصيحة لا ينساها ''اليماني'' من لسان معلمه ''السرجاني''، ''ما تكتبش معلومة إلا وأنت متأكد منها، لو كذبت مرة صعب ترجع ثقة القراء'' تلك النصيحة وغيرها من النصائح كان ''السرجاني'' يعطيها لصغار الصحفيين.
لم يكل أو يمل طوال حياته في حل مشكلاتهم ''بيقدم اللى بيقدر يعمله''، لا ينظر فقط للصحافة من موقع تنظير لكن يندمج في الواقع العملي، مقدمًا رؤى من خلال مواقعه الصحفية كنائب رئيس تحرير الأهرام أو الصحف الخاصة.
لمتابعة أهم وأحدث الأخبار اشترك الآن في خدمة مصراوي للرسائل القصيرة.. للاشتراك ...اضغط هنا
فيديو قد يعجبك: