جورج أورويل.. الروائي الحي (بروفايل)
كتبت - يسرا سلامة:
رغم مرور 65 عاما على وفاته، إلا أن الكاتب الانجليزي جورج أورويل لا يزال حيا، برواياته التي تحتل أفضل الروايات عالميا، أبرزهم رواية 1984، أثرى بقلمه أدب الديستوبيا المعروف بأدب المدينة الفاسدة، المناهض لليوتوبيا، تحدث عن النظم الديكتاتورية والقمعية، وكيف تسيطر الانظمة على شعوبها.
"أكثر ما رغبت بفعله طوال العشرة أعوام الماضية هو أن أجعل من الكتابة السياسية فناً".. قال أورويل ذلك في كتابه "لماذا أكتب"، كان لا يكتب إلا لكذبة يريد فضحها، أو حقيقية يريد إلقاء الضوء عليها، يقول إن مقالاته وكتبه على قدر ما هي لاذعة، إلا إنها ليست منشورات سياسية، لكنها تمزج بين الجمال والنقد السياسي، فهو يرى أن كل كاتب يجب أن يكون بشكل ما "داعية سياسية".
لم يبدأ أورويل حياته روائيا لكنه عمل بالصحافة لفترة في مؤسسة bbc، وأورويل هذا ليس اسمه الحقيقي، وإنما "إريك آرثر بلير"، حصل عل هذا الاسم في عام 1933 بعد كتابه الأول "إلى أسفل وخارج في باريس ولندن"، وهو ابن لأسرة متوسطة من بيهار في الهند، كان أبوه موظفا صغيرا في الإدارة المدنية البريطانية بالهند، وأمه ابنة تاجر أخشاب فرنسي، لم يكمل أرويل دراسته الجامعية لولعه الشديد بالمغامرة والأدب وأن يصبح كاتبا.
عمل أورويل بالصحافة وأشياء أخرى، منها اشتغاله بالشرطة الاستعمارية بالهند، ثم تلقى تدريب على عمله في بورما، ظل بداخل الشرطة خمسة أعوام، أعطته مزيدا من التصورات عن طريقة العمل بداخل الشرطة، وهو ما تبدى في رواياته، وسافر إلي باريس أيضا، وعمل بغسل الصحون من أجل توفير لقمة عيشه.
ولأرويل مبادئ ظهرت في مؤلفاته، آمن بالحرية وكرامة الإنسان، كره هيمنة الإدارة الاستعمارية في بورما ليس على أبناء البلدة وحدها، لكن أيضا على الإنجليز من أبناء الطبقة العاملة، عارض الحكم الشمولي، وتمسك بالاشتراكية الديمقراطية، حتى انتقد بنفسه ايمانه المطلق هذا بالاشتراكية، وجد في آواخر حياته أن الانظمة السياسية تتشابه أحيانا في القمع، وهو ما ظهر في قصة مزرعة الحيوان، التي ترصد حياة مجتمع صغير بعد ثورة من الحيوانات، أصبح فيه الثوار من الخنازير ذي وجه ديكتاتوري أيضا.
كان الكاتب المبدع مريضا بالسل الذي قضى عليه في أواخر أيامه، وبسبب مرضه لم يعود مرة أخرى إلى الخدمة العسكرية، لم يمكنه مرضه وانشغاله بالكتابة والروايات، من الزواج مبكرا؛ فقد دخل عش الزجية قبل وفاته بأشهر قليلة من وفاته، عن عمر يناهز 47 عاما، كان آخر عمل له هو 1984، وضع فيه جل تجربته ورؤيته السياسية، تم ترجمتها إلى 65 لغة حول العالم، فضلا عن نيلها شهرة كبيرة في مصر، عقب إلقاء القبض على طالب من كلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة وهو يحمل الرواية.
تم بيع نسختي مزرعة الحيوان و1984 اكثر من أي كتاب آخر في القرن الواحد والعشرين، وضعته صحيفة التايمز ضمن أعظم 50 كاتب بريطاني منذ عام 1945، استمر تأثير رواياته ليس فقط على القراء، لكن على محبين لطريقته التي خلقها في الكتابة، والتي أخذت أسم "أورويلية"، كما أدخل إلى الثقافة مصطلحاته مثل "الأخ الأكبر" و"جريمة الفكر" و"شرطة الفكر"، كما تتصف رواياته بإنها متجاوزة للأزمنة، فمدام هناك شعب خاضع وحاكم مستبد، فرواياته لا تزال حية.
لمتابعة أهم وأحدث الأخبار اشترك الآن في خدمة مصراوي للرسائل القصيرة للاشتراك ...اضغط هنا
فيديو قد يعجبك: