لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

تفاصيل 11 ساعة تحول فيها الشاهد على مقتل ''شيماء الصباغ'' إلى متهم

01:37 م الأربعاء 28 يناير 2015

شيماء الصباغ

كتبت-إشراق أحمد:

خمس دقائق فقط مرت قبل أن ينتهي كل شيء؛ ضحكات الهابطين على سلم حزب التحالف الشعبي الاشتراكي، تجمع مَن بأيديهم أكليل ورد وبالأخرى لافتة تذكر بالقصاص لأجل من رحلوا، الهاتفين بشعارات الثورة ''عيش.. حرية.. عدالة اجتماعية''، رحيل صانعة البسمة على الوجوه قبيل التوجه لميدان طلعت حرب، وقبل أن تبدأ أوقات ثقال، تبدلت بها المشاعر، من اطمئنان إلى حزن يدمي القلب، وتوجس من القادم، وتغيرت الأحوال خلال 11 ساعة، عاشها 5 أشخاص تطوعوا للإدلاء بأقوالهم في واقعة مقتل شيماء الصباغ عضو حزب التحالف الشعبي، فخرجوا متهمين بالتظاهر بدون تصريح واستخدام العنف.

 

القصة الكاملة لشيماء الصباغ.. اضغط هنا

 

كانت الساعة تشير إلى السابعة مساء يوم 24 يناير الجاري، حين وصل 5 أشخاص برفقة عدد كبير من المحامين إلى نيابة عابدين، بعد أن هرعوا إلى مشرحة زينهم فور علمهم بمقتل ابنة الاسكندرية، وعقب إتمام إجراءات التشريح، ووصول النيابة والحديث عن وجود شهود على الواقعة المبلغ عنها، سرعان ما تطوع 4 من أعضاء الحزب هم نجوى عباس، عادل المليجي أمين تنظيم الحزب، ومحمد صالح، أمين العمل الجماهيري بالحزب، وخالد حواس أحد القيادات، إلى جانب عزة سليمان المحامية التي تواجدت بالصدفة في مكان الحدث.

''نجوى عباس''

نجوى عباس

لم تجف دموع نجوى عباس –عضو حزب التحالف الشعبي- على فراق ابنتها ''شيماء'' كما تصفها، وما لفظت انفاسها من رؤيتها وقد فارقت الحياة بمقهى البستان ''مقدرتش امسك إيديها عشان مصدقش أنها ماتت''، حتى تحملت مسؤولية الذهاب لتدلي بشاهدتها، خاصة وهى مَن لازم الفقيدة منذ الخروج من الحزب، وبالوفد الراغب بوضع أكليل ورد على نصب الشهداء، ووقت تفرقهم وحتى وصولها للمستشفى جثة هامدة.

بطرقة سرايا النيابة جلس الشهود والمحامون المصاحبون لهم، ينتظرون بدء فتح التحقيق، ساعات مرت ثقيلة، فالحدث مفجع واليوم لم ينته بعد، والعقل يحاول استيعاب رحيل ''شيماء''. قبل الدخول تباعا للإدلاء بأقوالهم، أبصر الشهود الخمسة ورفاقهم العقيد الذي تقدم قوات الأمن-معاون مباحث اسم قصر النيل-، مشاعر الغضب غالبت المتواجدين، أفراد الشرطة في نظرهم هم الطرف الوحيد المتواجد وقت الحدث، وذلك الشخص هو قائدهم، لذا لم تخلُ مرات مرور الرتبة الأمنية إلا وبادلوها بكلمات ''يا قاتل هتتحاسب'' يقابلها بأن يحني رأسه إلى الأرض حسب ''نجوى''.

بعد ساعة من التواجد، التقى الشهود برئيس النيابة، الذي طالبهم بالهويات الشخصية، ليرحل عنهم، وينتظر السيدتان والرجال الثلاثة قرابة خمس ساعات حتى الواحدة صباحا، ثم بدأ فتح التحقيق، أخذ الجميع يعيد شهاداته التي سبق أن قالها شفهيا لرئيس النيابة، قبل أن يطالبهم بالتقدم بطلب للشهادة، على إثر مشادة وقعت بينه و''عزة سليمان'' –أحد الشهود- الأمر الذي يصفه ''أحمد راغب'' أحد المحامين المصاحبين للشهود بأنه نوع من المماطلة لا أكثر.

قام الشهود جراء هذا بتحرير محضر ضد وزير الداخلية ومأمور قسم قصر النيل وأفراد الشرطة المشاركين في فض التجمع، مع إثبات وجودهم بسرايا النيابة وأن بعضهم سبق مناقشته من قبل رئيس النيابة في الواقعة، وتم رصد ذلك في تقرير الجماعة الوطنية لحقوق الإنسان عن الواقعة.

ينتصف الليل دون بدء التحقيقات، ليتفاجأ المحامون والشهود بصدور تقرير من النائب العام، عن نتائج التحقيقات، وأن أعضاء حزب التحالف الشعبي الاشتراكي نظموا مظاهرة توجهت لميدان التحرير، وحين عدم استجابتهم لقوات الأمن، أطلقت الشرطة الغاز المسيل للدموع وقبضت على 6 أشخاص، فتقدموا ببلاغ أيضا لإثبات ذلك، حسب ''راغب''.

في المحضر رقم 41 أحوال الملحق بمحضر رقم 805 لسنة 2015 جنح قصر النيل، أدلى الشهود بأقوالهم، والتي اجتمعت على استخدام الشرطة للقوة مقابل المسيرة السلمية، في تمام الواحدة دلفت السيدة ''نجوى'' إلى مكتب النيابة، أدلت بشهاداتها كاملة، حاولت تمالك أعصابها، ليس فقط لاستيعاب رحيل ''شيماء''، لكن للمشاهد التي لاقتها، بدءا من المقهى الذي تُركت به الفقيدة، بعد القبض على جميع المحيطين بها باستثنائها، فقلبها العليل دفعها للتوجه نحو المقهى لحظة الهرولة للاستراحة، قبل أن تأتيها ''ابنتها'' ب''نفس مقطوع''، مرورا بالمستشفى التي حاول قائد قوات فض التجمع بأخذ جثة ''شيماء'' بسيارة اسعاف في لحظة حديثهم لوكيل النيابة حسب قولها، لولا التفاتهم للأمر، والدفعة التي نالتها منه فأسقطتها أرضا، ليتدخل البعض بإيقاف السيارة، إلى أن رحلت بصحبة المحامي ''راغب'' في طريقها للمشرحة.

أنهت ''نجوى'' أقوالها لتلاقي كلمات رئيس النيابة ''أنت متمسكة بشهادتك'' فأكدت السيدة الأمر، فما تبع ذلك إلا ذكر أنها شاركت بالتجمع، فهي إذا متهمة باختراق قانون التظاهر، واستخدام العنف، مشيرا إلى المحضر الذي حرره ضدهم مأمور قسم قصر النيل.

تلقت السيدة الخمسينية الاتهامات بالرفض، وصفتها بعدم المنطقية، تم مواجهتها بلافتة الحزب والبيان الذي أصدره بمناسبة ذكرى ثورة 25 يناير، وكان يوزعه أعضاءه، باعتبار ذلك دليل لاتهام توزيع منشورات تحرض على تغيير سياسة المؤسسات، فلم تجد ''نجوى'' سوى قول ''ما أنا حزب معلن ومعروف أكيد هوزع منشورات سياسية''.

خرجت عضو التحالف الشعبي بعد أن أخلت النيابة سبيلها بالضمان الشخصي، موقنة وفقا لها أن ما حدث ''قرار سيادي تريد السلطة من خلاله توصيل فكرة إن لو حد فكر ينزل الشارع أو التواجد بميدان التحرير حتى لو كان حزب محترم ومعلن وكل اجراءاته سليمة سيكون مصيره القتل''، معتبرة أن مثل تلك الممارسات الأمنية يمكن أن تتسبب في انفجار الشارع المصري مرة أخرى في وقت لا يحتمل ذلك.

''عزة سليمان''

عزة سليمان

توالى التحقيق مع الشهود، ومنهم المحامية ''عزة سليمان''، مَن جمعتها الصدفة بالمكان، حيث كانت الساعة الثالثة والنصف حين سمعت أصوات المسيرة المارة، أمام مقهى ريش بشارع طلعت حرب، الذي تتناول به الغداء بصحبة عائلتها وأصدقائها، خرجت السيدة الأربعينية لترى ما يحدث، فالتقت بعض الأصدقاء من الحزب ''حلمي شعراوي، طلعت فهمي، الهام الميرغني''، ثوان رأت بها عدد لا يتجاوز 30 فرد، بأيدي بعضهم باقات ورد، تبادت الضحكات مع معارفها وفارقوها، قبل أن تقرر تصوير الأمر.

ما لبثت أن تلتقط الصور حتى سمعت صوت ''سارينة'' شرطة، أخبرها ابنها نديم ''هايضربوا أنا شفت الموقف ده كثير قبل كده''، لكن السيدة الأربعينية نفت أن يحدث ذلك وإن كان فهي ''متعودة على الغاز''، لم تكمل عبارتها حتى بدأ إطلاق الأعيرة النارية حسب قولها، أخذت تهرول مع الأخرين وعدد كبير من الشرطة ورائهم، على الرصيف المقابل للمقهى وجدت أحدهم يقع، لم تبصر هويته، فهي لم تلتق يوما بـ"ِشيماء''، فقط ما عرفته بعد دلوفها لممر ''البستان'' أن هناك شابة على وجهها آثار الدماء ومن معها يصرخ ''اسعاااف'' فيما يقترب منهم ضابط ملثم قابضا على سلاحه. ذلك ما أدلت به المحامية أمام النيابة، التي سارعت إليها بعد علمها عقب وصولها لمنزلها أن الشابة لفظت أنفاسها، فعادت أدراجها نحو المشرحة ومنها إلى قسم عابدين بصحبة المحامي وغيرها من الشهود.

تفاجأت المحامية الأربعينية بعد ختام أقوالها، برد رئيس النيابة في فتح تحقيق جديد أنه ''تم القبض على عزة سليمان في سرايا النيابة''، لتهم السيدة الملمة بالقانون بأنه ذلك مخالف له، غير أن النيابة واصلت بتوجيه الأسئلة والاتهام لها بما جاء في محضر الشرطة، من ضرب الأمن واستخدام الشماريخ، مقابل استخدام المياه في تفريق المتظاهرين، فاستماتت في رفضها لكل ما قيل، ليختتم الأمر باستمرار التعامل معها كمتهمة بقرار إخلاء سبيلها حال الباقين.

خبرة السيدة الأربعينية القانونية تؤكد لها عدم قانونية الأمر برمته، فضلا عن قول رئيس النيابة لها ''والله لو عايزة تمشي امشي''، عقب انفعالها لتأخر بدء فتح التحقيق وكانت الساعة تشير إلى الثانية عشر والنصف، لتخرج من سرايا النيابة متسائلة ''كيف أكون حرة في وجودي أو في الإدلاء بشهادتي ثم اتحول بقدرة قادر الي متهمة وهما اللي يقرروا يفرجوا عني؟!''.

يقول ''راغب'' المحامي الذي حاولت الشرطة منعه من التواجد بالمشرحة غير أنه أصر على حقه، '' قانونيا لا يوجد اختراق لأنها لم تكن تظاهرة، فقط وفد توجه لوضع أكليل الزهور، ولو صدقا كانت تظاهرة فإنه لم يتم التعامل معها بالتدرج الذي يقره القانون، وفقا لما اثبتته النيابة ذاتها في المعاينة، إذ خلى المكان من استعمال المياه، وحتى تواجد الطوب المذكور في محضر الشرطة''.

 

''عادل المليجي''

متر ونصف هي المسافة التي كانت تبعد بين عادل المليجي أمين تنظيم حزب التحالف الشعبي و''شيماء''، لم يدرك أن لحظة سقوطها هي الأخيرة، ''كنت متخيل أنها اتصابت''، غير أنه فور ذهابه للمشرحة، اتخذ قراره بالإدلاء بشهادته، التي اتهم فيها قائد القوة الأمنية بالتسبب في مقتل ''الصباغ'' حيث رآه يشير عليهم ثم ضغط ضابط ملثم بجانبه على زناد سلاحه موجهه نحوهم حسب قوله.

تعاطف لاحظه ''المليجي'' من النيابة لكن ذلك لم يغير من لقاء ما واجهه من سبقوه بالشهادة، بالصيغة ذاتها، أنه تم القبض عليه، رغم ''أن كلنا تطوعنا بالشهادة''، وتوجيه الاتهامات المتضمنة بمحضر الشرطة، بتقديم لافتة الحزب التي تواجدت بالمسيرة دليل على ذلك، وكذلك بيان الحزب ''بيتهمونا أننا أحزاب كرتونية ولما نيجي نتعامل مع الناس يقتلونا''.

مع دقات السادسة صباح يوم 25 يناير أغلق التحقيق، فيما يبقى مصير القضية في نظر المحامي ما بين التحفظ أو استكمال سيرها بالتصعيد، وذلك حسب ما تقرره النيابة، لا يعلم الشهود أي مصير سيأخذه مجرى القضية التي باتوا متهمين بها، غير أن لسان حالهم منذ اللحظة الأولى ''عندنا استعداد لأي حاجة مافيش بعد الدم شيء''.

 

لمتابعة أهم وأحدث الأخبار اشترك الآن في خدمة مصراوي للرسائل القصيرة للاشتراك ...اضغط هنا

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان