في ذكرى وفاته.. أنيس منصور الكاتب الأول للمراهقين (بروفايل)
كتبت - رنا الجميعي:
قامة كبيرة في عالم الأدب والصحافة هو إذا ذُكر الأدب في مصر كان اسمه ضمن القائمة، غير أنه وارى الثرى يوم 21 أكتوبر عام 2011، بعد تدهور صحته إثر اصابته بالالتهاب الرئوي، خاض الكتابة بأفرع عديدة، من أهمها أدب الرحلات، له تاريخ طويل ضمن عصور عاشها، منذ الملكية، فهو مولود بأغسطس 1924، ثُم بعهد عبد الناصر، وقربه الشديد من السادات بعد ذلك وبنهاية عهد الرئيس الأسبق محمد حسني مُبارك، وفتح الستار لثورة 25 يناير، مع نهاية عام 2011 توفي الكاتب الصحفي، أنيس منصور.
على عتبات المُراهقة يقرأه الفتية والصبايا، حيث يُعتبر بوابة عبورهم إلى عالم الأدب، غالبًا ما يُرشحه لهم أحد الكبار أو الرفاق، لجذبهم لحيوات متجددة يعيشونها على الورق، فأهم ما يميزه، هو أسلوبه الصحفي، بين الكلمة البسيطة واللفتة اللماحة يكتب، فيشد تلك الأعين التي ستصير كتبه مفضلاتهم، يمتنون لسنين أن أول من قرأوا له هو أنيس.
غالبًا ما سيكون أول كتاب يقرأه هؤلاء، هو كتاب "رحلة حول العالم في 200 يوم"، رغم ضخامة حجمه، إلا أن التسلية الصادرة منه، والفائدة عظيمة، كما أنهم سينتهون منه سريعًا، فالكتابة البسيطة عن دول لا يعرفون عنها شيئًا، ستجعلهم يعدون وراء الكلمات عدوًا، في أشهر كتاب أدب رحلات لأنيس منصور، يقول فيه "إن هذا الإحساس بأنك على سفر دائمًا.. بأنك ستترك أناسًا وتلتقي بناس.. بأنك ستفقد أحدًا.. أو ستكسب أحدًا.. هذا الإحساس يُسكرني.. إن أتعس احساس في الدنيا أن نكون "هنا" دائمًا.. أو تكون "هناك دائمًا"، نُشر الكتاب في ستينيات القرن العشرين، تحدث فيه مع الدالاي لاما- يُعتبر أول صحفي عمل حوار معه- وهو الرئيس الروحي لشعب التبت، كما تنقل بين بلدان عديدة، بدأ الكتاب من الهند وحتى الولايات المتحدة الأمريكية.
لم يكن كتاب أنيس الوحيد عن أدب الرحلات، لكنه أشهره، حيث حكى عن رحلاته في عدة كتب أخرى منها "أطيب تحياتي من موسكو"، "أنت في اليابان وبلاد أخرى"، وسرد في آخر عن "أعجب الرحلات في التاريخ"، في رحلات أنيس يرصد بعينيه المجتمعات التي لامسهم، عاداتهم، كذلك كل ما يلفت نظره من جديد وغريب، فقلم أنيس جاب شرق الكرة الأرضية وغربها.
لم يحصر أنيس نفسه في أدب الرحلات فقط، غير أن أفرع مثل الترجمة خاض فيها أيضًا، بمسرحيات عالمية ترجمها، منها "رومولوس العظيم" لفريدريش ديرنمات، كما ترجم كتاب "الخالدون مائة"، أما القضايا التي تناولها، فكانت متعددة، حيث كتب مقالات عن الحب في "ألوان من الحب"، ثارت ضده المرأة بسبب مقالاته، منها كتاب "مذكرات شابة غاضبة"، كما كتب عن الكتب والقراءة، في "كتاب عن كتب"، حيث يحكي فيها عن مفضلاته من القراءات، تغوّل في مجال الما وراء الطبيعة أيضًا، حيث أسرت كتبه الشباب مثل "الذين هبطوا من السماء"، و"أرواح وأشباح".
لأنيس منصور جماعة كبيرة من المُعجبين، يُعتبر كاتبهم الأول، له الفضل عليهم في خوضهم معترك القراءة، المقالات كانت الشكل الذي يكتب به أنيس، وعدد صفحات لا يزيد عن الثلثمائة في أغلب كتبه، تاريخه الطويل جعل له نصيبًا من الحكايات المُتعددة، لم تقتصر على ما ذُكر فقط، فالسياسة أيضًا كتب فيها، كذلك تاريخه مع العقاد فكان كتابه "في صالون العقاد كانت لنا أيام".
بأرفف كتب القراء، هُناك نصيب لكتب أنيس، ينظرون إليها بحنين من وقت لآخر، يلمسونها متذكرين ساعات ممتعة قضوها بصحبته، بلدانًا تعرفوا عليها من خلاله، حكايات شيقة أزجت لهم أوقاتًا مملة، وعبورًا لهم لعالم القراءة الوسيع.
فيديو قد يعجبك: