لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

بالفيديو والصور: طموه "الحياة ع المجاري".. ومسؤولون: "الثورة السبب"

01:52 م الأربعاء 07 أكتوبر 2015

معايشة – إشراق أحمد ويسرا سلامة:

على بعد بضعة كيلومترات من ميدان المنيب، وبعيدا عن مقر محافظة الجيزة، وكذلك أنظار مسؤوليه، تقع قرية طموه، يسكن فيها ما يزيد عن 22 ألف نسمة بحسب آخر تعداد سكاني منذ تسع سنوات، ورغم قرب القرية من نهر النيل، إلا أن أزمة المياه تطحن أغلب أهالي المنطقة، حيث تعتبر أزمة الصرف الصحي بالقرية مشكلة رئيسية ضمن أزمات لم تنته في عدد من قرى عديدة بمصر، تفاقمت لحد غرق عدد من منازل القرية.

حلم محطة صرف

"قرية بدون صرف صحي".. بهذا الحال يعيش ما يقارب من 70% من سكان "طموه"، يبحثون عن كوب مياه نظيف، من يستطيع يشتريه بالمال، ومَن لم يستطع يتحمل مياه الصنبور التي يقول عدد من سكان القرية إنها غير صالحة للشرب، "حلمي جمال"، أحد سكان طموه يحكي عن معاناة أهالي القرية، تلك الأزمة التي طالت بها أيديهم بالشكوى دون حل "الدولة معهاش فلوس تجيب لنا مواسير وتدخل ميه وتبني صرف صحي".

1

على مسافة رؤى العين لـ"حلمي"، تقع محطة الصرف الصحي بالمنطقة، رائحة عفنة تشير إلى مكانها، وأكوام من القمامة والطين، مواسير متكسرة تتجمع في المحطة، التي توقف بها العمل منذ أعوام حسب "محمد جمعة" أحد سكان طموه، واختلف التقدير من كل منزل بالقرية عن تحديد سنوات توقف العمل بها، بعضهم قال إنه منذ سبع سنوات، وآخرين أشاروا إلى أنها من ثلاث إلى أربع سنوات، لكن الجميع أكد أن المحطة لا تعمل رغم ما تم بها من أعمال، ومواسير ضخمة تشير إلى تكلفة مرتفعة دون عائد منها على أهل القرية.

مساحة متوسطة للقرية الواقعة بعد قرية منيل شيحة في اتجاه جنوب الجيزة، على مدخلها تعلن "طموه" عن أبرز ما تقدمه لجيرانها من القرى، مصنع بتروجاز ضخم لتوريد اسطوانات الغاز، غير أن سمة أهل القرية تبدو منذ البداية؛ هدوء، بساطة، الأطفال عراة الأقدام، وأكوام الطين المنتشرة في شوارع البلدة المتعرجة، تنذر بالأزمة التي لم يسمع بها من المسؤولين إلا قليلا.

2

"مصر كلها فيها أزمات صرف صحي، بس إحنا المحطة شبه خلصانة لكن متوقف عملها منذ سنوات من غير مبرر"، يقول "محمد البطل"، أحد سكان قرية الحوامدية المجاورة لـ"طموه" أن عدد من الشكاوى تصل له من أزمة الصرف الصحي، لكونه مرشحا مقبلا للبرلمان، بجانب أزمة "وعي" لدى سكان القرية، تحول بين وصول صوتهم إلى عمدة أو كبير بالبلدة، مما جعل قلة المتابعة من المسؤولين لحال المشروع المقام ولم يكتمل تقترب من تهمة "إهدار المال العام" بحسب رأيه، وهو ما يتفق معه قول "حلمي" ابن القرية "بلدنا ملهاش كبير".

الطرانشات.. بديل مؤقت للصرف

أمام المحطة مباشرة، يقع منزل محمود عبدالله وأهله، يقول الشاب العشريني إنه سكن بالمنطقة منذ عامين، اشترت العائلة المنزل بـ"الطرنشات" –حفر عميقة بالأرض تصرف بها مخلفات المنازل-، الطريقة التي يلجأ لها أهل القرية من أجل الصرف الصحي، ويتم تصريفها من آن إلى آخر، بحسب طاقة كل "طرنش" في كل منزل، غير أنه لا تقل التكلفة للمرة الواحدة عن 40 جنيها، بحسب "شيماء" أحد سكان القرية الغارقة في مجاريها، والتي تؤكد ما قاله جيرانها عن جهل أي مسؤول من الحي أو المحافظة بأوضاع القرية.

في شارع أطلق عليه الأهالي اسم "الصرف" يسكن جميع المتضررين، اتخذوا من المحطة اسما يليق بحالة شارعهم، الذي تمتد فيه ماسورة ضخمة، تشير بحسب "أم ولاء" إلى مياه صرف تأتي من منازل بعيدة، وتلقي بما فيها إلى النيل، بناها مهندسون منذ فترة كبيرة، لم يتم بعدها استكمال باقي المشروع في شوارع القرية، فيما ظلت "الطرنشات" الحل المؤقت المعروف، حتى يحين وقت يعتبر به المسؤولون "طموه" على خريطة مصر، بحسب الشابة "فريدة".

بيوت غارقة في المياه

بجهود ذاتية تجتمع الأهالي في "طموه" لردم شارع أو لسد مياه طفحت من الصرف، وتقول "شيماء" إن مياه الصرف كانت تصل إلى البيوت المتواجدة أمام المحطة، حتى أنها تبلغ بضعة أمتار "المجاري ما بترحمش.. لو واحدة حامل ما بتعرفش تمشي في الشارع".

3

وقت طويل وأموال أكثر يحتاجها الأهالي لسحب مياه المنازل؛ لضيق الشوارع بالقرية بحسب "أم ولاء"، "اللي معهوش يعلم به ربنا"، تقولها "أم سيد" في استكانة عن أحوال القرية، لكن أزمتها لم تكن الصرف الصحي فحسب، بل غرق الدور الأرضي من منزلها بالمياه.

بجردل بلاستيكي، ونفس يتقطع من حمل المياه، توقفت "أم سيد" قليلا، "الناس بتيجي تصور وتتكلم ولا حاجة بتتحل" قالتها السيدة الخمسينية بينما لا تزال تملئ هذا الجردل بمياه نظيفة تطفح في داخل منزلها، وتذهب بها إلى النيل الواقع على بعد أمتار قليلة لتسكبها، "ما بنعرفش نصلي من الميه في البيوت.. الناس سابت بيوتها، والشوارع اتدمرت من رمضان إللي فات".

4

تتفاقم أزمة غرق المنازل بـ"طموه" بحسب نساء القرية في منتصف شهر مايو من كل عام، مع زيادة منسوب النيل، وتستمر حتى وقت يختلف من كل عام، غير أن هذا العام المياه "طالت في البيوت" حسب وصف فاطمة جوهر، التي تعاني هي الأخرى من غرق ساحة منزلها، فيما تجتمع عائلتها في غرفتين من أصل ثلاثة غرف كما أغلب البيوت يلجأ سكانها للأدوار العليا.

للقرب من النيل فقط، تظهر المياه في البيوت، دون حلول إلا بعض الأفكار التقليدية والمكلفة أيضا، والتي لا توقف سيل المياه كل عام، منهم مَن يستعين بشكائر الاسمنت لردم المياه، ويظهر ذلك في ارتفاع مستوى الأرض بداخل تلك البيوت عن خارجها، وارتفاع حجرات عن أخرى بداخل نفس المنزل، لدرجة الانحاء من أجل الدلوف إليها.

"عايشين في المجاري"

"خلاص هنطول السقف من كتر ما بنعلي".. تقولها ماجدة أبو الخير-58 عاما، ولدت وعاشت في طموه، لم تر في حياتها مياه نظيفة من الصنبور أو صرفا صحيا، تفتح السيدة باب غرفتيها بالدور الأرضي، المياه تغطي ما يقرب من ربع ساقيها، ثلاجة قديمة وسرير وصلت لهما المياه، تضع على الأخير كل عزالها، لتسبح الغرفتين والصالة في مياه لا تتوقف.

5

حال السيدة الخمسينية أقل سوءا، إذ أنها تقيم مع ابنها في منزله بالدور الأعلى، فأغلب البيوت المتواجدة بالشارع المواجه نهايته لفرع النيل الممتد في طموه، تغطيهم المياه، من يستطع يجلس في الأدوار العليا مع ذويه، ومن لم يستطع يتحمل الحياة وسط الماء، دون أي تدخل من أحياء أو شركات الصرف الصحي.

"إحنا عايشين في مجاري".. بحديث غاضب تتحدث الشابة آيات عن الحياة في طموه، تشير إلى أنها تعيش وأسرتها في الشارع العمومي وهو شارع الصرف، المفترض أن تكون حالة الصرف فيه أفضل من الشوارع الداخلية الغارقة، لكن لم تفرق الكارثة بين منزل وآخر "الشوارع كلها عيال بيلعبوا في الطينة، والأمراض بتاكلنا، ولا حد بيسأل فينا".

6

مسؤلون: إنفلات الثورة هو السبب

منذ شهرين فقط بدأ العمل من جديد في مشروع محطة الصرف الصحي وفقا لـشفيق جلال رئيس مدينة أبو النمرس، التابعة لها "طموه"، وذلك بعد انتهاء عقد الشركة القديمة "مختار إبراهيم" التي لازالت لافتة التنويه إلى مشاركتها بالمشروع موجودة، يبدو عليها فعل الزمن في الصدأ المحيط بها، وهو السبب الذي أدى إلى تعطيل المشروع، الذي استكمل خلاله "95% من صرف طموه" كما يقول رئيس المدينة، الذي أرجع عدم إحساس أهالي القرية بأي تحرك إزاء معاناتهم، لبعدهم عن المحطة "منيل شيحة عشان قريبين مبيشتكوش زي طموه"، مشيرا أن الانفلات الذي شهدته البلاد أثر على سير المشروع حال الكثير من المشاريع.

وردا على تلك الازمات، يقول المهندس احمد عبد العزيز مهندس الجهاز التنفيذي لمياه الشرب والصرف الصحي في الجيزة إن العمل متوقف بمحطة الصرف بطموه منذ خمس أعوام، بسبب توقف العمل في القرية المجاورة في منطقة منيل شيحة، فالعمل في المحطتين مرتبطين معا، وأن الجهاز مسؤول عن العمل في المحطة منذ إنشائها.

7

وتابع عبد العزيز أن ثورة يناير هي السبب، بحسب وصفه، في تأخر العمل في المحطة، مضيفا في تصريح لـ"مصراوي"، أن العمل في محطة شيحة تعطل بسبب منزل مجاور لها، يرفض صاحبه استمرار العمل في المحطة حتى لا تؤثر على منزله، وأن الشركة استعانت بالشرطة حتى يستمر العمل ولا يؤثر على المنازل المجاورة للمحطة، وعن الموعد النهائي لانتهاء المشروع يقول "عبد العزيز" أنه سيكون في 30 يونيو 2016.

وإلى أن يحين الموعد المذكور، لا حيلة بيد أهالي "طموه" سوى الانتظار، والاستسلام للحل المؤقت الذي وفرته الشركة كما يقول "عبد العزيز" من مواسير لصرف المياه من المنازل، والتي لا تقضى على الأزمة، لامتداها بالمنازل غير المتضررة، بل "تُسّكِنْ" معاناة الاهالي، إلى أن تحل وبالها على منازلهم بالغرق مرة أخرى.

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان