حِنّ على القُلة.. صناعة الفخار بالواحات تغرق في الوحل (قصة مصورة)
كتب- محمد مهدي:
تصوير- محمد عبدالوهاب السهيتي:
منذ زمن طويل، كانت صناعة الفخار في مدينة القصر بالواحات الداخلة-التي تبعد عن القاهرة نحو 900 كم- محط اهتمام أهالى المدينة، المصنع الصغير في قلب المكان يعمل ليل نهار، الكبار يورثون أبناءهم سِر الصنعة، الصغار يتعلمونها بحماس، والعائد المادي يكفي حاجة الجميع، غير أن الحال تبدل في السنوات الأخيرة، وصارت منتجات الفخار مهجورة، دون أن ينقذها أحد من الغرق في الوحل.. لا شئ سوى محاولات أخيرة ممن تبقى من أهل الصنعة.
بعد ساعات قليلة من شروق الشمس، يتجه "محمد حسين" إلى مصنع الفخار، ليبدأ عمله برفقة شقيقه "شعبان" وعامل آخر، مفتقدا ضجيج العائلات التي كانت تعمل في نفس المكان "كنا 7 أسر كاملة.. بس أغلبهم بطلوا بسبب الحال الواقف".
المصنع عبارة عن مساحة أرض خالية في قلب المدينة، بها غرفة تشكيل الفخار، وحوض مياه، وفرن كبير.
محمد البالغ من العمر 52 عام، يعمل في صناعة الفخار منذ طفولته، تعلم خطوات الحرفة وأسرارها من والده التي تلقاها عن جده، لكن أبنائه يرفضون مساعدته "الجيل الجديد كله رافض يتعلم أو يساعد.. الصناعة هتختفي بعدينا".
يرتدي كلا منهم جلباب بسيط "لزوم الشُغل"،ويوزع العمل بينهم حيث يقوم "محمد" بتشكيل الفخار فيما ينهمك شقيقه في رص الفخار بعد تشكيله، و"عادل" في إعداد "عجينة" الفخار.
صناعة الفخار شاقة، تحتاج إلى موهبة وجهد كبير، بداية من الخطوة الأولى وهي الحصول على "طين" من أرضي زراعية مجاورة ووضعها في حفرة وخلطها بالمياه وتراب الفُرن.
يتم إعداد "الطين" ثم يُشكل للمرة الأولى قبل أن يُترك لعدة ساعات ويعاد تشكيله مرة أخرى، ووضع المنتجات تحت أشعة الشمس، وأخيرًا عملية الحرق في الفرن.
60 هو عدد قطع الفخار التي تُنتج يوميا من المصنع وهو معدل صغير مقارنة بسنوات ماضية "كان الإنتاج كبير، والربح نقدر بيه نصرف على العائلات كلها".
في الماضي كانت "القُلة" والزير هو الأكثر طلبا من قِبل أهالى الواحات، غير أن دخول الثلاجات إلى المنازل أنهى عليهما كسلعة رائجة، وصارت "أبراج الحمام" ملاذهم.
يقضى كلا منهم النهار في العمل، يحصلون على ساعة راحة للغداء ثم العودة مجددًا حتى حلول الليل.
قد لا يحتاجون إلى استخدام الفُرن بكامل طاقته نظرا لقلة عدد القطع المنتجة من الفخار.
العائد المادي لا يساوي الجهد المبذول-بحسب شعبان- من أجل ذلك يعمل الثلاثة في الوحدة المحلية، بجوار المصنع "بنشتغل يوم ونأخد إجازة يومين بنيجي فيهم المصنع".
فيديو قد يعجبك: