إعلان

إدوار الخراط.. سلامًا للإسكندرية التي عرفها (بروفايل)

07:48 م الثلاثاء 01 ديسمبر 2015

إدوار الخراط

كتبت-رنا الجميعي:
يناجي الخراط إسكندريته في كتابه الأشهر "ترابها زعفران": اسكندرية، يا اسكندرية، أنتِ لستِ فقط لؤلؤة العمر الصلبة في محارتها غير المفضوضة، مع ذلك، أنشودتي إليكِ ليست إلاّ غمغمةً وهيْنيهة.

نشأ الخرّاط في المدينة البحرية، خاض فيها سنوات شبابه، التي اعترك بها الحياة الوطنية، عرفت شوارعها مقاومته للإنجليز، وتوزيعه للمنشورات، جرأته وعنفوانه، تمرده على الرأسمالية الممثلة بالبنك الوطني الأهلي، فكان يقرأ المجلات الشيوعية بزواياها، أثناء الاستراحة من عمله، بُنيت ذاكرة الخراط بالملح والبحر، ثم وهب الإسكندرية روح الشعر، ونفخ فيها لتُصبح كتبًا عنها؛ فكانت "ترابها زعفران"، "يا بنات إسكندرية"، و"طريق النسر".

وحال أبناء البحر كان الخراط، فالتمرد غيتهم، اختلف الأديب عن التيار السائد في عصره، وهو تيار الواقعية، أنشأ له مسارًا آخر أسماه "الحساسية الجديدة"، وبهذا الأساس سار في طريق آخر، استعرض آرائه في عدة كتب نقدية من أهمها "أنشودة للكثافة"، حيث تمرّد الخراط على الرواية بشكلها المعروف؛ من أبطال وصدامات اجتماعية، فتحوّل إلى الأفكار الشخصية والصراعات الداخلية، كما مزج ذلك بمعرفته بالديانات، يقول الخراط عن دافع الكتابة لديه: "أكتب بدافع التمرد والاكتشاف ولتحقيقِ الذات، والتجديدِ، وإعادةِ النظر في الأمور، أي إعادةِ صياغة العالم والسعي إلى تغييره في المدى البعيد، نحو الأجمل و الأعدل والأفضل".

زمن الخراط كان بالأربعينيات، فكتب عن المدينة وأهلها في ذلك الزمن، يحكي في أحد البرامج عن تلك الفترة، كيف يذكر العلم البريطاني مرفرفًا بكوم الدكة، حيث كانت الثكنات، وكيف سارت رصاصة بجانبه فأودت بحياة رفيقه المُجاور بالمظاهرات، ولحظة اعتقاله التي بدأ بها رواية "طريق النسر" قائلًا :كنت أعرف أنهم سيأتون، سيأتون الليلة، بلا شك، ولكن، ماذا أفعل؟.

رحل الخراط في اليوم الأول من ديسمبر، عاش عُمرا وصل للثمانين، وزاد عليهم تسع، عاش الأديب حياة أخرى بالقاهرة وتوفي بها، غير أن الإسكندرية ظلت دومًا مدينته الأولى، كرسالة حملها على كتفيه، ونشر عطرها بالعالم، فكتب عن أهلها؛ التجار والعمال والطلبة، في مناجاته للمدينة يُكمل :"أنظر إلى البحر وأفقه الغامض، أعرف أنه لا شيء وراءه، أبداً، هذا امتداد لا نهاية له للعباب المجهول، إلى ما لا نهاية له، و كأنني أرى شاطئ الموت نفسه، سوف أعبره، بلا عودة و لا وصول".

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان