عن الجندي.. والسعي وراء ''الحلم''
-
عرض 2 صورة
-
عرض 2 صورة
كتبت - نيرة الشريف:
استطاع عبده الجندي أن يلخص مشواره كاملا في أنه ''سعي'' وراء الحلم، لا شيء آخر أبدا، لا أقل ولا أكثر، ليس الحلم عظيما رغم ما يبدو، ليس الحلم تغيير وجه العالم ولا إحداث انقلابا علميا عالميا، كل ما هنالك هو أن ''نلاقي نأكل'' وبس! لأجل هذا الحلم ارتحل الجندي من البحيرة للقاهرة، ولأجل هذا الحلم عمل الجندي في كثير من الأعمال، لا صلة لبعضهم تجاه بعض، ولا رابط بينهم، سوي أن محلهم جميعا كان هو ''الشارع''.
خمسة وثلاثون عاما هي عدد السنوات التي قضاها الجندي في الحياة، قضي ثلاثين منهم في مسقط رأسه بمحافظة البحيرة، ونحو خمسة أعوام متجولا في شوارع القاهرة، مناديا تارة علي بعض الخضراوات، وتارة أخري علي بيض بلدي وجبنه قريش، ومرة ثالثة علي ليف استحمام.. ''مفيش حاجة سوقها ماشي.'' هكذا يقول الجندي معلقا علي أسباب تردده فيما يتاجر فيه.
فلاح وعامل زراعي، لديه من الأبناء بنات ثلاث، الثلاث في مرحلة التعليم الابتدائي، لن تخطئ غربته في حديثه وسلوكه، فهو ليس من هذا المكان، وربما يكون قد أتي رغما عنه! وهو ما يؤكده الجندي قائلا ''أنا أيه يجبرني علي كل الهم ده؟ ايه يجبرني استحمل الإهانة من البلدية وغيرها، دول بيجروا ورانا ويرموا الحاجات اللي بنبيعها وناكل من وراها عيش.''، المشكلة الأزلية بين البلدية والباعة الجائلين استطاع الجندي أن يبتكر حلا لكي يتغلب عليها ولو مؤقتا.. ''اشتريت ترسكل، جبته بحوالي 13 ألف جنيه، جبته قسط طبعا، بدفع حوالي 600 جنيه كل شهر فيه، مش مهم أن القسط قاطم ظهري، بس أديني بعرف أجري ببضاعتي لما بشوف البلدية في مكان، بدل البهدلة والجري وراهم ولا الجري منهم.'' هكذا يشرح الجندي الحل الذي استطاع الوصول إليه.
حجرة واحدة وحماما، هذا هو البيت الذي يستقر فيه الجندي وزوجته وبناته ''لأجل المطرح ده بدفع إيجار شهري 500 جنيه، وياريته دايم، لكن ممكن ننطرد منه في أي وقت، وأنا ما أقدرش أبهدل البنات معايا، وقت الجد لو أزمت أوي هبعتهم البلد بأمهم يعيشوا هناك، وأعيش هنا لوحدي محروم منهم ولا أنهم يتبهدلوا في الشوارع قدام عيني.'' هكذا يطالب الجندي فقط ''بالستر''.. ستر البنات وأمهم.
''يعني هما شوية البيض والجبنه اللي بيرزقونا؟! ربنا يعلم أحنا علينا التزامات شهرية أد أيه، غير إيجار الشقة، وغير قسط الترسكل، فيه مصاريف مدارس، وفيه أكل وشرب ولبس، بيض وجبنه ايه اللي هيلاحقوا علي كل ده! اللي رايح طول الوقت أكتر من اللي جاي، ومفيش حاجة توافرها هين، بس أهو ربنا اللي بيرزق ويدبر.'' هكذا يرد الجندي علي سؤال حول مكسبه الشهري من تجارته الحالية في البيض والجبنه، أو تجارته السابقة في الخضار.. ''الخضار ما استحملش معايا، لأننا يوم بنبيع وعشرة مش بنبيع، واللي كان بيستني كان بيبوظ، يعني خسارة الخضار أكتر من مكسبه.'' هكذا يضيف الجندي.
كل ما يطلبه الجندي هو قليل من الرحمة من قبل رجال البلدية ''أنتم عندكم شغل، أحنا ماعندناش، أنا عارف أنهم ممكن يعملوا أي حاجة، ممكن يشيلوا الترسكل كله باللي عليه علي عربيتهم، ويدوخوني عليه، لكن الترسكل ده أنا ممكن أروح فيه في داهية، ده فلوس وأقساط ودين وهم ما يعلم بيه إلا ربنا، هم أنا اللي شايله، ومحدش يعرف يقدره غيري''.
يصف الجندي حاله قائلا ''هو أحنا عايشين؟؟ أدينا بنقول الحمد لله وبس! ادينا بنقول ربنا يسترنا لأجل خاطر البنات اللي في رقبتي وبس!''
لمتابعة أهم وأحدث الأخبار اشترك الآن في خدمة مصراوي للرسائل القصيرة للاشتراك ...اضغط هنا
فيديو قد يعجبك: