لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

بالصور.. مصراوي يحاور المصري المرشح للذهاب إلى المريخ

08:48 م الإثنين 23 فبراير 2015

حوار- دعاء الفولي ومحمد مهدي:

تصوير- علياء عزت وإبراهيم حسن:

فيلم أجنبي يتحدث عن الفضاء، يجلس أمامه الطفل مشدوها، ينظر بإكبار لرواد الفضاء الذين حالفهم الحظ لرؤية القمر، أو من ابتعدوا عن حدود كوكب الأرض ولو قليلا، ينتهي الفيلم، يخرج إلى الشرفة، يقتنص نظرة إلى النجوم، يسأل نفسه عن مكان الكواكب، أين عطارد؟، لماذا يُسمى المريخ بالكوكب الأحمر؟، كيف هي الحياة خارج الأرض؟. يكبر فتأخذه مناحي الحياة، لكن الشغف القديم يبقى، يتنقل من عمل لآخر ولا يجد ضالته، يشتري تليسكوب وجده بأعجوبة في مكتبة الإسكندرية، ليرى القمر من منزله؛ حب الفضاء يأخذ بتلابيب عقله، تجمعه الصدفة البحتة بإعلان شركة "مارس وان" الهولندية، عن بعثة لرواد الفضاء، يذهبون فيها إلى المريخ عام 2024، بلا عودة؛ يجد نفسه وقد ملأ الاستمارة، لا يعرف إذا كان سينجح أم لا، حتى أتته البينة باختياره ضمن المائة مرشح للتدريب على الذهاب إلى المريخ، قبل التصفية النهائية التي ستضم 24 شخص، هكذا يصبح "محمد سلام" هو المصري الوحيد والأول الذي وصل لتلك المرحلة المتقدمة، من هذه الرحلة العجائبية.

لماذا فكرت في الالتحاق ببعثة "مارس وان"؟

منذ كنت طفلا وأنا أعتبر الفضاء أهم شيء في الحياة، الأفلام الأجنبية كانت أحد العوالم التي تقودني إليه، "لدرجة إني لو بتفرج على فيلم محدش يقدر يقف قدامي"، وبعد انتهاء الفيلم كنت أخرج إلى الشرفة لأنظر إلى النجوم، لكن بعد ذلك "انشغلت" ولم أعد أفكر كثيرا.

-ما الذي دار في ذهنك عندما رأيت إعلان البعثة؟

كنت أتصفح الإنترنت بالصدفة عام 2013، وقتها "في حاجة نورت في عقلي تاني"، فبالرغم من انقطاعي عن مجال الفضاء منذ فترة إلا إنني كنت متابع جيد لما يدور، أما كلمة "بلا رجعة"، فلم تستوقفني سوى لعشر ثوان، قبل أن أملأ استمارة التقديم.

-في خلال العشر ثوان؛ هل فكرت في التراجع؟

لا. عمري الآن 32 عاما، قضيتهم أبحث عن الشيء الذي أحبه، تنقلت للعمل بين شركة وأخرى "بس أول ما قريت إعلان البعثة تخيلت نفسي هناك وإن دة اللي هكمل فيه.. وإني بفيد البشرية".

-قيل إنك هارب إلى المريخ لأنك كاره لمصر.. تعليقك؟

كلام خاطىء تماما، لو كاره للبلاد كنت سأرحل لأي دولة أخرى لماذا أذهب إلى المريخ؟!.. وعلى عكس ما قيل أنا عاشق للوطن وتواجدي من أجل مصر لأنها خطوة أن يشترك مصري لهذا الحدث.

وأريد أن أشير إلى أنني أرى أن الأمل في جيلي من الشباب لإعادة بناء مصر وليس الهرب منها.

-قبل أن تملأ استمارة التقديم، هل تخوفت من تعامل المقربين لك والأصدقاء مع الأمر؟

"فيه حاجات الواحد لازم يبقى أناني فيها"، لو كان العلماء الذين ذهبوا إلى القمر فكروا بنفس الطريقة، لم نكن لنصل إلى أي شيء، كان إحساسي وقت رأيت الإعلان هو الانبهار، كيف وصل بنا الحال لأن نستطيع الذهاب إلى المريخ بهذه السهولة؟، والدي ووالدتي تُوفيا عام 2000، لدي أخ صغير في الثامنة والعشرين، لكنه يستطيع تولي أمور نفسه، أما الأقارب فقد تفهموا أمر اختياري "بالعكس بيدعموني، لأنهم عارفين أد إيه الموضوع مهم بالنسبة لي".

-حتى عام 2013، لم تحاول ولو مرة البحث عن أي شيء في مجال الفضاء؟

انتهى الأمر منذ كنت صغيرا؛ إلا أنني عقب الثورة في 2011، توقف عملي بسبب حظر التجوال، لذا قررت الحصول على تليسكوب، لم أعرف إذا كان مسموحا به، وهل موجود في مصر أم لا، بعد البحث علمت أنه متوفر في مكتبة الإسكندرية "وروحت اشتريته ومكنتش عارف أجمعه إزاي لأني مش متخصص ومكنش معاه أي إرشادات"، بعد مشاهدة عدة فيديوهات استطعت تجميعه "مكنتش هنام اليوم دة غير لما أشوف القمر منه.. وكان أحلى شعور في الحياة على الإطلاق".

-هل لدراستك علاقة بالفضاء ؟

دخلت كلية الإعلام جامعة 6 أكتوبر في البداية، ثم تركتها بعد عامين، لالتحق بدراسة النظم والمعلومات، لكن مع كل عمل كنت أشعر بالضياع "كنت بأنجح في أي شغل، بس مكنتش بحب اللي بعمله"، والآن أعمل في شركة للتأمين.

-احكِ لنا عن المراحل السابقة لاختيارك ضمن المائة المرشحين للذهاب.

بداية عندما ملأت الاستمارة لم أتخيل أنه سيتم اختياري، لأني عربي مصري وعلم الفضاء ليس موجودا عندنا تقريبا، ولا حتى على المستوى الإفريقي، ونحن لم نقدم شيء فيه، لكن كنت ضمن 202 ألف و586 شخص تقدموا، ثم تم تصفيتهم ليصبحوا 1058 شخص، منهم 10 مصريين فقط، وكنت أنا وشخص آخر فقط نعيش في مصر.

-ماذا حدث بعد ذلك؟

أول عام 2014 طُلب منا تقرير كامل بالحالة الصحية، قدمه البعض وآخرون لم ينجحوا، ليتبقى 660 شخص، وهم من دخلوا مرحلة المقابلة الشخصية، والتي يجريها شخص واحد لضمان شفافية الاختيار، أمدونا بمعلومات عن الرحلة، والمهمة وأشياء متعلقة بالفضاء والكواكب، وكان المطلوب دراستها لأنها جزء من أسئلة المقابلة، بالإضافة للأسئلة الشخصية، وقتها علمت أنهم سيقومون باختيار 50 ولد و50 بنت، أجريت المقابلة الشخصية 8 يناير وعلمت النتيجة 16 فبراير.

-ماذا شعرت عندما علمت باختيارك في قائمة الـ 100؟

بالفرحة والفخر.. هدفي طوال فترة الاختبارات أن أرى علم مصر وسط هذا الحدث الهام، وسعيت من أجله طوال عامين، يوميا أشاهد أفلام وأقرأ الكثير من الأبحاث والدراسات عن المريخ، ولم أفكر أبدًا في التراجع.

-ما تفاصيل المقابلة الشخصية التي اُجريت معك؟ 

كانت أغلبها أسئلة عن سبب اختياري للذهاب، وكانت إجابتي أن الاستكشاف يستحق، أنا أهتم بالأشياء الغامضة، وفي هذا العالم هناك ما تحت البحر أو خارج حدود الأرض، أما الأولى فمن الممكن أن أذهب للغطس في شرم الشيخ، لذا فتجربة الفضاء كانت المختارة، كما أنها لن تأتي سوى مرة واحدة. و كان هناك سؤال عن كيفية التصرف في بعض المواقف العسيرة، ولماذا أعتقد أني شخص مؤهل للخوض في هذه التجربة، ثم 3 أسئلة تتعلق بالمعلومات، وهنا كانت المشكلة؛ إذ أخطأت في السؤال الأخير "وكان ردي إني مش عارف إجابته. ولما قال لي خمن قولتله مينفعش لأن دة مفهوش تخمين، هو اتبسط من دة على عكس ما كنت متوقع وسألني 3 أسئلة تانيين وجاوبتهم رغم إنهم كانوا أصعب".

-كيف تعاملت معك الدولة ووسائل الإعلام بعد اختيارك ضمن المرشحين للذهاب للمريخ؟

رحلة الترشيح للذهاب إلى المريخ بدأت منذ عامين، عانيت فيهما من التجاهل التام، حتى أنني حاولت الوصول إلى إحدى القنوات التابعة للتلفزيون المصري لكن لم يهتم أحد بالتواصل معي، بينما المرشحين جميعا كانوا ملأ السمع والبصر في دولهم، كل يوم ينشرون على صفحاتهم الشخصية لقاءات صحفية وتلفزيونية للحديث عن التجربة العامة.

- ماذا كنت تشعر تجاه هذا التجاهل؟

غضبت.. شعرت أنني أريد الظهور في وسائل الإعلام فقط لكي يعلم زملائي الآخريين في مختلف الدول أننا دولة تهتم بالعلم، وليس سعيا وراء شهرة.

- وهل تغير الوضع بعد وصولك لقائمة الـ 100 ؟

فوجئت باتصالات عديدة من قنوات وصحف من الشرق الأوسط، أصبحت فجأة مادة جيدة للنشر، لكن في مصر الوضع مختلف تماما، وهو ما يحزنني لأنني أريد اهتمام بلدي لأن العالم كله سيتحدث لسنوات عن المصري الوحيد الذي سيصعد إلى المريخ.

-قبل انضمامك للمرشحين في بعثة "مارس وان"، كيف كانت ردود الأفعال على حبك للفضاء؟

"كان فيه صحابي يقولوا لي ربنا يهديك"، كلمة رائد فضاء كانت غريبة على الأذن، خاصة أن الوطن العربي لا يهتم بهذه الثقافة من الأساس، وكنت اُتهم بالجنون عندما يعلم الأصدقاء بجزئية عدم العودة "بس كنت بفهمهم مخاطر الرحلة وإني لو رحت ورجعت هعدي بالمخاطر مرتين. زائد إن حاليا مفيش أي تكنولوجيا تتيح إننا نرجع. عشان كدة بيدوروا على ناس عندها استعداد للوجود ضمن فريق يقدر يعيش مع بعضه في كل الظروف".

-ماذا عن المرحلة المقبلة من رحلة "مارس وان"؟

المفروض أن يجتمع المائة شخص الذين تم اختيارهم في مكان لم يتم تحديده بعد، وسنبدأ تدريبات متعلقة بكيفية التأقلم هناك، وستكون هناك محاكاة لستة أشهر كأننا على سطح المريخ، سيتم دراسة مدى تعاملنا مع العزلة والضغط النفسي "مش عارف هأقدر ولا لأـ لكن لو وصلت للمرحلة دي هيبقى صعب أسيب نفسي أقع"، ثم سيتم اختيار 24 شخص ليدرسوا العلوم لمدة تسع سنوات قبل الرحلة النهائية 2024.

-ما هي الأشياء التي ستأخذها معك خلال فترة التدريب الأخيرة؟

"هأخد أورج لأن المزيكا حياتي، السماعات والايباد بتاعي، وكتب كتير".

- بحسب معلوماتك.. ما هو شكل الحياة على كوكب المريخ فور وصولكم؟

لدينا برنامج يومي يشمل الخروج من المستعمرة لمدة ساعة أو ساعتين للتنقيب والحفر والأبحاث، وبالداخل سنبني حياة من الصفر، سنزرع أكلنا، ونصنع ملابسنا، ونعالج أنفسنا، ونتكيف مع العالم الجديد بكل ما سنتعلمه خلال الـ 8 سنوات قادمة.

-قلت إنك لا تحب القراءة، لكنك شغوف بالعلم، فكيف تتعامل مع النقيضين؟

لم أتعلم في المدرسة أن أحب القراءة، كان يتم إجباري كالطلاب المصريين على الحفظ والذهاب للامتحان، إلا أن مجال الفضاء كان استثناءا، فكنت ولازلت أهتم بالقراءة عنه "موقع ناسا مثلا زي فيسبوك بالنسبة لي وفاتحه 24 ساعة"، كان على الكبار أن يهتموا باكتشاف ما أحبه كي أدرسه.

- في حالة اختيارك للذهاب إلى المريخ.. هل ستحرص على اصطحاب شىء في رحلتك؟

القرآن الكريم.. لا أجد شيء آخر أهم، وإن كنا سنذهب إلى المريخ ونعيش حتى اللحظات الأخيرة في عمرنا لابد دائما أن نعرف من نحن.

- ماذا لو قررت أنت أو غيرك الانسحاب والعودة إلى الأرض؟

لن يحدث لعدة أسباب أولها أن جميع المسافرين إلى المريخ سيتم تدريبهم على التكيف هناك والمسؤولية تجاه قرارتهم لا يمكن التراجع أبدًا.. الأمر الأكثر أهمية أن علميا العودة مستحيلة.

-لماذا مستحيلة؟

فور وصولنا إلى المريخ سيتغير جسدنا فسيولوجيا، أعضائنا بعضها سيطول، وكثافة العظام ستقل، لأن الجاذبية هناك ثلث جاذبية الأرض.. ولا أحد يعرف ماذا سيحدث في حالة عودتنا إلى الأرض قد نصاب بأمراض خطيرة أو نموت فورا.

هناك أيضًا استحالة إمكانية إطلاق صاروخ من المريخ يعيدنا إلى الأرض مرة آخرى.. هذا أمر لم نصل إليه بعد.

-من سيبني المستعمرة التي ستعيشون داخلها على المريخ؟

في عام 2018 سيتم إرسال "ستالايت" يدور حول المريخ من أجل الاتصال، ثم "روبوت" ينزل على سطح الكوكب ينقب في أرضه ويتعرف على طبيعة الجو، وفي عام 2020 يُرسل إليه أجزاء المستعمرة، وفي 2024 يصل أول 4 بشريين ليضعوا اللمسات الأخيرة للتأكد من صلاحية المستعمرة للعيش داخلها.

-ماذا لو فشلت في الوصول للقائمة النهائية التي ستذهب إلى المريخ؟

سأشعر بالفخر بالمكانة التي وصلت إليها باجتهادي الشخصي دون مساعدة أحد، وأنني مثلت بلدي بشكل مشرف.. رغم أنني أريد الذهاب إلى المريخ.

-ما هواياتك الأخرى بجانب الفضاء؟ 

 الموسيقى أولا، ظللت عازفا على آلة الكمان لعامين في أكاديمية الفنون، ثم تأتي كرة السلة، التحقت بمنتخب مصر في سن صغيرة وبقي اهتمامي باللعبة حتى بعد الكبر.

-لدينا أكثر من نموذج مصري يعمل في مجال الفضاء.. هل حاولت التواصل معهم؟

تابعت خطوات "عصام حجي" وعمله في ناسا كباحث.. فخور جدًا بأنه مصري، وحاولت التواصل معه برسائل فور اختياري ضمن الألف المرشحين للذهاب إلى المريخ لكنه لم يرد.

-هل حاولت مرة أخرى بعد وصولك لقائمة الـ 100؟

بعد وصولي لقائمة الـ 100 لم يعد لدي الوقت الكافي لمحاولة التواصل معه.

-من مثلك الأعلى من رواد الفضاء؟

العالم الروسي يوري جاجارين، وهو أول إنسان يتمكن من الطيران إلى الفضاء الخارجي والدوران حول الأرض عام 1961، وكانت الحرب الباردة بين أمريكا وروسيا تشتعل في هذه الفترة، فأراد هو صنع انتصار لبلده بشكل ما "ودة اللي أنا عايز أعمله، مش ضد حد بعينه لكن عايز مصر والوطن العربي يبقى ليهم دور ويتعرف ولو بعد 100 سنة"، وفي الوقت الحالي هناك رائدة الفضاء سونيتا ويليامز وهي أمريكية الجنسية.

-إن تركت رسالة إلى البشرية قبل رحيلك للمريخ.. ماذا ستقول؟

   رحلتنا إلى كوكب المريخ من أجل البشرية، ستغير التاريخ ومعالم كثيرة في البحث العلمي، وسنحصل من خلالها على إجابات لمسائل عديدة ستفيد العالم

لمتابعة أهم وأحدث الأخبار اشترك الآن في خدمة مصراوي للرسائل القصيرة.. للاشتراك ...اضغط هنا

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان