لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

من الشعب إلى الرئيس.. "الفِصال" أسلوب حياة

08:15 م الأحد 15 مارس 2015

الفِصال

كتب - إشراق أحمد:

للمصري أسلوبه الخاص المعروف به، ينتشر في تفاصيل الحياة، من البائع المتجول بالشوارع، مرورًا بعقد المواعيد بين الأصدقاء، وتعاملات الشركات، يبدو متسامحا إلا أنه يأبى الخروج إلا منتصرا منتشي بابتسامة الفوز بما يريد، فإن ذكر البيع والشراء في مصر، كان "الفِصال" ثالثهما، قاعدة يتوارثها الأجيال، يَشيع أن النساء لا ينافسها به أحد في الأسواق، لكنه شيمة لا تغيب عن رجال "البيزنس" في تعاملاتهم بالصفقات، فيما يعرف بـ"التفاوض" في قاموس المعاملات بما فيها السياسية، ويسميها المصري "شطارة"، سواء البائع في رفعه السعر الأصلي ليقينه أن "الزبون هيفاصل"، أو المشتري لتوقعه أن السعر أعلى بكثير من أساس القيمة، هكذا معتاد أن تسير الأمور، التي باتت الرئاسة غير منفصلة عنها، بعد أن خرج الرئيس "عبد الفتاح السيسي" في مؤتمر دعم الاقتصاد المصري، متحدثا عن "فصاله" مع الشركات المستثمرة سواء في الأموال وسنوات إنجاز المهمة.

"طب عشان خاطر ربنا بقى كام" الجملة الأشهر في كلمة الرئيس بختام المؤتمر الاقتصادي، التي تضمنت الحديث عن أسلوب التعامل مع الشركات المستثمرة المساهمة في دعم مصر، حيث تحدث "السيسي" بلهجة عامية عن شركة "جنرال الكتريك" المقرر قيامها برفع كفاءة محطات الكهرباء خلال 24 شهر، ليتفاوض الرئيس "ممكن يبقوا 8 شهور" فجاء الرد بالموافقة، حتى بتخفيض الأمور المالية "طب شيل الـ100 مليون دول"، أثارت الكلمات ضحك الحضور فضلا عن التصفيق، والاستغراب مما تم إنجازه، ظهر في كلمات أحد الشباب المنظمين حينما دعا لتوجيه التحية إلى الشركات فقال "لأ التصفيق لك يا ريس عشان اللي عملته ده".

وكما أن "الفصال" خُلق مختلف عليه في الشارع المصري، بين كونه "مهارة" لا تأتي إلا بتراضي طرفي التعامل، وبخس الناس أشيائها في نظر أخرين، ومَن يغالي في استخدامه، لدرجة تدفع البعض لوضع لافتة "الفصال ممنوع"، ومَن يدعمه كسلوك يتمنى اكتسابه، كذلك كان رد الفعل على سلوك صاحب أكبر منصب بالبلاد، فالبعض رآه إثبات لقوة مصر، وقدرتها على تيسير الأمور في أحلك الأوقات، والبعض الآخر وجد به مبالغة خاصة فيما يتعلق بمدة تنفيذ المشروعات، والفترة المستغرقة والتي معها تتراكم الفائدة.

التعامل المادي بالطريقة المصرية خاصة فيما يتعلق بأموال الحكومة جعله مادة خام للسخرية سواء عن طريق الكاريكاتير أو بالسينما، حينما يتم الاتفاق على مبلغ معين، فيتم "الفصال" في قيمة قليلة حتى ولو كانت جنيه، ثم يعقبها مزيد من الفصال "هات بقى اتنين جنيه حق المواصلات"، أو الاعتماد على العبارة الشهيرة "خزينة الدولة لن تسمح"، رغم أن المطلوب لا يزيد كثيرا عما تم المفاصلة به.

"الفصال نمط حياة عند المصريين بيفاصلوا حتى في حياتهم مش بس الطلبات" يقولها أحمد عبد الله أستاذ الطب النفسي جامعة الزقازيق، فهو أسلوب موجود بالعالم كله لكن فيما يتعلق فقط بالبيع والشراء، رافضا تعميم صفة بعينها على مجتمع بعينه، معتبرا ذلك "تعسف"، مفسرا ارتباط تلك الصفة بالمصريين بشكل خاص، لتشابه الظروف التي يتعرضون إليها "دايما المصري يتعامل مع أمور غير محددة، لزجة، قابلة للكلام والمحايلة" لذلك يعتمد على فكرة "تخفيض" الأمور.

وأشار أستاذ الطب النفسي أن أسلوب التفاوض أو "الفصال" بما يحمله من إيجابية تتعلق بمرونة التعامل، غير أنه يصبح وسيلة دمار إن تم تعميمها في كل مناحي الحياة من مواعيد وانجازات وتعاقدات ووعود.

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان