لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

الألمانية ذات الحجاب.. ما ضاع حق وراءه "فريشتا" (بروفايل)

02:49 م الأحد 12 أبريل 2015

كتبت-إشراق أحمد:
الوقوف في وجه التيار، يصفه البعض بفعل أحمق، وإن كان مَن يركب الأمواج العاتية امرأة، زادت حدة الوصف إلى الجنون، فالسير خلاف ما هو معروف ومعتاد طالما كان مثيرا للجدل، غير أن البعض لم يكن لديهم بديل من اتخاذ سبيل الإقدام، والمضي عكس ما يرضخ له الكثيرون ولو كان ذلك، هو القانون الموضوع باسم حماية الأفراد والسلام المجتمعي، سواء إن وضعته سلطة أو أشخاص ذوي النفوذ، في مواجهة ما يقره هؤلاء يخرجون هم بصوت عالي، ينفون الأسطورة القائلة بأن لا صوت يعلو فوق القانون، يكملون شطر الحديث "طالما يراعي حقوق الجميع"، وهو ما لم تجده "فريشتا لودين" في مجتمعها بولاية بادن فورتمبيرغ الألمانية.

بوجه ذو ملامح شرقية ورأس يغطيه الحجاب، وقفت "لودين" أمام المحكمة رافعة دعوى قضائية هي الأولى من نوعها في ألمانيا، ضد القانون الذي يحظر على المعلمات ارتداء الحجاب أثناء العمل، 12 عاما لم تبرح عتباتها، تتمسك بالحق في أن يحظى الجميع بحرية اختيار عقيدته ومظهره طالما لا يمس حقوق الآخرين، وجدت بالقانون الذي تقره عدد من الولايات الألمانية من العنصرية والاضطهاد، ما يُتهم بها المُسلمات افتراءً بدعوى "أن الحجاب هو رمز اضطهاد المرأة".

عام 1998 واجهت السيدة ابنة الـ42 ربيعا موقفا يخيرها بين الحجاب، الذي ارتضته بمحض إرادتها في الثانية عشر من عمرها والتدريس تلك المهنة المحببة إليها، إذ رفضت المدرسة الحكومية التي تعمل بها تعيينها، لأنها أبت خلع الحجاب، لم تجد مفر من الرحيل؛ غادرت إلى برلين عام 2004، لتعمل في مدرسة خاصة إسلامية.   

كان بإمكان "المرأة ذات الحجاب" –كما باتت معروفة- مواصلة العمل واستمرار الحياة على هذا النحو، غير أن حزن اعتلاها، تساءلت "ماذا عن الأخريات؟، سيقف بطريقهن القانون ذاته، المحجم لحريتهن في اختيار عقيدتهن ومظهرهن، لذا قررت أن تخوض المعركة؛ رفعت الدعوى القضائية ضد قانون الحياد، وهو ما على أساسه تم منع الحجاب في عدد من الولايات بدعوى أنه يعد تعبير عن الرمز الديني، وعكفت على موقفها حتى وصل الأمر إلى المحكمة الدستورية العليا الألمانية.

"الحجاب ليس رمز لظلم المرأة" بصوت واثق قالتها "لودين" في لقاء لها مع وكالة دويتش فيله الألمانية، معترضة على الشرعية القانونية التي وجدتها الولايات التي تحظر عمل المعلمات بالحجاب، استنادا على إقرار المحكمة الدستورية عام 2003 بأن منع الحجاب يحتاج إلى قانون، تخرج معبرة عن استيائها من حرمانها وغيرها من حقهن بالعمل، فيما يتاح لهن الحياة والدراسة والانخراط في المجتمع حتى تلك المرحلة، فيتم تخيرهن إما بخلع الحجاب أو العمل بكلمات "لقد تم اختزالي في قطعة قماش وبناءً عليه تم قياسي".

البعض يبرر تمسك "لودين" بالحجاب لخلفيتها التربوية، حيث ترجع أصول "لودين" إلى أفغانستان، فوالدها دبلوماسي، تنقلت معه بين الموطن الأصلي والسعودية، فيما عبرت المعلمة بأنه حق، ليس بحاجة للسؤال عن سببه، فطيلة تلك السنوات لم تَخُض في مسألة أن كان الحجاب فرضا بل أرادت أن يكون لها الحرية، في بلد يقال أنه يعترف بهذا بقدر معقول.

في الوقت الذي تشهد به "لودين" إصدار كتابها "أسرار تكشفها فريشتا لودين" وتسرد فيه تجربتها مع المحاكم الألمانية لدحض قانون منع الحجاب، جاءت المحكمة الدستورية الألمانية في 13 مارس الماضي، تقضي باعتبار حظر الحجاب على المعلمات مخالف للدستور، ليتكلل مشوار السيدة الأربعينية ومن تبعها؛ تلك المعلمتين بولاية شمال الراين وستفاليا.

"فريشتا لودين" ليست المرأة الأولى التي تقف بوجه القانون، ففي كل بلدان العالم على مدى التاريخ "ذات الحجاب"، ليس بغطاء الرأس، بل بما تحجب من مبادئ وقيم، وتحفظها من التشويه، مَن تخلع عن المجتمع حجاب العنصرية، الرجعية، الظلم، صاحبة المبادرة والإقدام، حاملة لواء الصمود بمصاف الحق، مَن توصف كما "لودين" بأنها أحدثت جدل مهما كان الاتفاق والاختلاف معها، فيما يعتبرها البعض مناضلة سعت، وكافحت، فأبصرت تحقيق هدفها.

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان