الأطفال المفقودين.. أن يضيع شقا عُمرك هدر (صور وفيديو)
كتب - محمد مهدي:
تصوير - علياء عزت :
لا شيء أسوء من الفقد، أن تستيقظ في يوما ما ولا تجد أحد الأحباء بجوارك، يختفي بغتة، دون سابق إنذار، دون أي استعداد للأمر، لتلك الفجوة السوداء الكبيرة التي ستبلعك داخلها، لهذا الألم العارم الذي سيدك حصونك ضد الحزن حتى تنهار، وما يزيد الأمر سوءا إن كان مسؤولا منك، طفل صغير لا يعي من الحياة شرورها، لا يفقه في الخبث أو التدبير أو الجريمة، يترك نفسه ببراءة شديدة لمن يمكنهم بخسة اقتلاعه من جذور عائلته، اختطافه من أحضان ذويه، وزرعه في أرض أخرى، في حياة قاسية يُجرد فيها من طفولته، يُدفع إلى الشوارع، أو يُستخدم جسده كقطع للبيع، أو أداة للانتقام. فيما يُترك والديه عُرضة للقلق والمخاوف والألم ومشاوير الأسئلة في كل مكان كمن يبحث عن "إبرة" في كومة قش.
"فين هبة يا ريس"، جملة تعلو يافطة بلاستيكية تكسوها صورة لطفلة صغيرة، كوردة بديعة في طور التكوين، فيما يقبض والدها القادم من سوهاج بيديه بقوة على اليافطة، كأنه يمسكها هي، كأنه لا يريد أن يُفلت ما تبقى من آثر ابنته، يقف أمام نقابة الصحفيين، علّ أحدهم يرى ويهتم، يُمرر مشكلته للمسؤولين فيتحركوا، أو أن يدلهم أحدهم على سبيل ينقذهم من ويلات الحزن على اختفاء "هبة".
منذ الليلة الأولى من شهر رمضان الكريم الماضي، لم يظهر "عبدالله هاني"، اختفى في زحام الشارع في ذلك الشهر المبارك، صام أهله عن الفرحة من يومها، لم ينعموا بنوم هانئ، رحلة بحث دائمة دون كلل أو ملل، أين يا تُرى مصير الفتى ذو الـ 3 أعوام، من انتزعه من أحضان أمه المكلومة، ومن يمكنه إعادته بعد مرور نحو 10 أشهر على غيابه، أسئلة لا تغادر عقل والدته الجالسة على أعتاب النقابة، تنتظر الفرج، الذي تأخر كثيرا.
وجه مبهج، ينضح بالحياة والحيوية، أصبح صورة يُمسكها شقيقته العابسة الغاضبة من شهور البحث عن شقيقها "محمود لطفي شامة" بصحبة والدتها التي لا تفارقها خوفا من مرارة المزيد من الفقد، يجلسان بجوار بعضهما يتبادلان الحزن، يتجرعان من كأس الغياب، وملل الانتظار، وقلة الحيلة، يرتديان الأسود لأنه يليق بقصتهما، على وعد أن يتغير عند العثور على "محمود".
"ندى رمضان" من العباسية اختفت في ظروف غامضة في أبريل من العام الماضي، قطعة من والدتها البسيطة، التي لا تترك ابنها الأصغر من وقتها في أي مكان، معها كظلها، ومعه كدليله، تضمه بيد، وبالأخرى تحمل صورة ابنتها المفقودة، لا تقوَ على الوقوف من الإرهاق، لكنها تقاوم الشمس وحرارتها، وتجاهل أولى الأمر، تترك منزلها وتذهب إلى كل مكان يمكنه أن يساهم في إعادة "ندى".
"ابني الوحيد.. نور عيني فين يا ريس"، تقولها والدته وتكتبها على 3 يافطات، ملامحها مرهقة بائسة، ابنها "يوسف محمد صابر" صاحب الـ 3 سنوات، مختطف من منطقة فيصل منذ ما يقرب من 6 أشهر، ورغم وضع مكافأة مالية قدرها 100 ألف جنيه لمن يُعيده إليها، إلا أن الوقت يمر ولا جديد، قالوا لهم أبناء الحلال "اعملوا وقفة قدام النقابة"، وها قد فعلوا، هي خطوة على كل حال في طريق السعي نحو الوصول لأبنائهم المفقودين.
فيديو قد يعجبك: