جمال خليفة.. فلسطيني عاش بمخيم اليرموك ومات تحت آثار القصف
-
عرض 3 صورة
-
عرض 3 صورة
-
عرض 3 صورة
كتبت-دعاء الفولي:
بين جنبات المخيم اليرموك عاش ستة أصدقاء معا في منزل واحد، أتى كل واحد منهم من جهة مختلفة، جمعتهم الأرض المُحاصرة والهوية العربية، بإرهاق شديد دبروا كفاف يومهم، يشدون من أزر بعضهم البعض، يقدمون المساعدة لأهالي المخيم، من دورات تدريبية إلى نشاطات إغاثية. كانت الأيام بالكاد تمضي قدما، حين سمع الشباب دوي الصواريخ والطلقات ''داعش هون بالمخيم''؛ هرعوا للاختباء، قبل أن يتركهم صاحبهم جمال خليفة ويخرج؛ فلم يعد. انتهت حياته بشظية طائشة اخترقت رأسه.
تركهم للمنزل لم يكن مصادفة، علموا جيدا أنهم مستهدفين لكونهم ''ضد الفكر التكفيري'' على حد قول عبد الله الخطيب، أحد الشباب الستة. كان ''خليفة'' هو من أخبرهم بأن التنظيم في ''اليرموك''، دخل عليهم أثناء ورشة تدريب ''قال إننا خسرنا المخيم''، لملموا ما استطاعوا من حاجاتهم وذهبوا لبيت صديق لهم، لكنهم لم يحاولوا الهروب خارج المخيم ''أصلا احنا متواجدين عشان نحاول نساعد الناس لأنهم أهلنا.. كيف بدنا نهرب؟''.
من حيفا بفلسطين جاءت أسرة ''خليفة'' المكونة من ستة أفراد للمخيم، هكذا وُلد فيه، ثم نزحت عائلته الصغيرة إلى سوريا مرة أخرى ''لكن جمال فضل يبقى معنا في المخيم''. توثيق ما يحدث بـ''اليرموك'' كان شاغل ''خليفة'' الأول، لم يكن الشاب ذو الواحد وعشرين عاما يعبأ بضيق الحال طالما يستطيع تقديم مساعدة ولو قليلة ''كان يساهم في إسعاف المصابين وتوزيع المساعدات الإنسانية''.
قبيل خروج ''خليفة'' إلى الشارع حاملا كاميرا لتوثيق ما يجري على أرض المخيم، وعقب دخول ''داعش'' بساعات، كانت الأنباء تتردد عن الأماكن الذي احتلها التنظيم من ''اليرموك''، القصف مستمر من جبهة ''داعش'' والنظام السوري على حد سواء ''بس هو كان عايز يستكشف بنفسه مدى صحة الأخبار ويوثق''، لذا كان آخر أمر فعله قبل الاستشهاد هو التقاط بعض الصور أثناء القصف بشارع المدارس. أخبار التنظيم لم تكن بعيدة عن أذن الشباب، توقعوا دخوله المخيم في أي لحظة لكن ليس بتلك السرعة، ضربتهم المفاجأة، ثم فاجعة موت صديقهم.
مركز ''وتد'' كان ملتقى الشباب الدائم، تم إنشاءه لتقديم الدورات تدريبية في اختصاصات مختلفة، هي التخطيط والإدارة والتنظيم المجتمعي والإعلام والسكرتارية والدفاع المدني والإسعاف، و''خليفة'' كان المسئول عن تنظيم الدورات الخاصة بالمركز.
مقر المركز كان يعج بانتصارات شباب المخيم الصغيرة على الظلم المحيط؛ نظام ''بشار الأسد''، ''داعش'' وتضييق جيش الاحتلال الإسرائيلي على الفلسطينيين النازحين من أرضهم هربا إلى المخيم، كان ''خليفة'' بين رفقائه هو الشخص الضاحك على أبسط الأشياء، لا يحب الكلام كثيرا، ويفرط في الاهتمام بالطعام وتذوقه ''لدرجة إني مرة ألقيت اللوم عليه لأنه اشترى حبة دراق واحدة بـ10 دولارات'' على حد قول ''الخطيب''.
الخميس 2 إبريل الجاري في الواحدة ظهرا، صعدت روح ''خليفة'' لبارئها فورا، لم يعانِ آلام الشظية التي فرت من القصف العشوائي لتصيبه، خرج الباقون ليواروا جسد الشاب التراب، لم تكن الجنازة ضخمة، ولم يمهلهم الوقت الوصول إلى المدافن ''لأنها تحت سيطرة التنظيم''، فدفنوه بحديقة تُسمى ''عبد القادر''، بينما تتردد في العقول كل قصائد الشاعر محمود درويش التي كان يتلوها الأصدقاء سويا ويعلمونها لأطفال المخيم.
فيديو قد يعجبك: