عم جمعة.. رزقه من ضحكة الأطفال
كتبت- نيرة الشريف:
يعرف الضعف، يعرفه جيدا، فقد ابتلي به في جسده الذي لا يستطيع أن يتحرك كثيرا، في عينيه التي لا يستطيع أن يري بها جيدا، في حيلته لكسب الرزق فليس بيده لا علم ولا صنعة، الآن تجاوز عمره الستون عاما، تجاوزهم بنحو خمس سنوات، ليضيف إلي ضعفه ضعفا جديدا، هو ضعف العجز وكبر السن.
جمعة عبد الحميد، بجوار مسجد السيدة زينب بالقاهرة تجد جمعة جالسا في الشارع، ساندا ظهره إلي حديد المسجد، ناظرا بعينيه الثابتة بلا حركة إلي الأمام، فلم يعد شيئا كثيرا يثير فضوله ليجعله يلتفت حوله يمنة ويسرة، أمامه منضدة خشبية وضع عليها مجموعة من لعب الأطفال.
لسنوات طويلة من عمره، تحديدا ما يعادل 34 عاما من حياته، أدرك جمعة أنه سيستقر في مهنة بائع لعب الأطفال "جربت العجز والضعف، جربت الحزن وذقته، مكانش قرار إني اشتغل في بيع لعب الأطفال، هما محتاجين لي وأنا محتاج لهم، أنا بجيب اللعب وأنا يشغلني أزاي أسعدهم، وأزاي اللعب مايكونش سعرها غالي عليهم ولا علي أهاليهم، أنا كمان محتاج لهم، جزء كبير من رزقي بشوفه في إصرار العيال إنهم ياخدوا اللعبة اللي بيشوفوها، وإجبارهم لأهاليهم علي شرائها، بشوف رزقي في زن العيال وبكاهم."
رجل من الجنوب، تحديدا من محافظة سوهاج، يشهد اسمرار بشرته علي أن هذا المكان، حيث العاصمة، ليس بمكانه، وأنه قد ترك مكانه الأصلي لسبب أو أسباب يعرفها وحده، لم تجعله مرور الأيام يحتفظ بشعرة واحدة سوداء في رأسه.
بدأ جمعة حياته يعمل في العمالة الحرة "راجل أرزوقي علي باب الله، لكن لا الصحة ولا الهمة بقيت مساعدة علي جهد الحركة والشيل والحط، كان لازم أبدأ أدور علي شغلانة أقدر أعملها بأقل قدر ممكن من الحركة، واديني أهو بروح اشتري الكام لعبة دول وأجي أقعد مكاني هنا لغاية ما يتباعوا".
"عارفة قسوة الدين؟ عارفة الحزن اللي علي وش المديون؟" هكذا يسأل جمعة ناظرا إلي أصحاب المحلات والباعة من حوله "الناس اللي شغااله دي كلها وبتنطط وهي بتنده علي بضاعتها كلها مديونة، لا مكفية احتياجات عيالها ولا حتى مغطية ثمن البضاعة اللي بتشتريها بالسلف، أكتر حاجة بتوجع، أكتر من إنك تروح البيت تكلم الحيطان، وما تلقيش حد مجهز لك لقمة، هو إنك يبقي عليك دين، وماتبقاش عارف هتعيش بكرة عشان تسدده ولا هتموت وأنت مديون، ويهون كل ده ابتسامة علي وش عيل بعد ما بياخد اللعبة اللي عاوزها ويمشي وهو مبسوط بيها".
فيديو قد يعجبك: