إعلان

"نيڤين" وأولادها.. التربية على طريقة "شريم"

02:49 م الثلاثاء 12 مايو 2015

كتبت-إشراق أحمد:
أن تربي أبناءك، تهتم بشؤونهم، توفر لهم ما بوسعك من حياة طيبة، تبذل من أجلهم الجهد، كل ذلك شيء منطقي لفعله، فهم "لحمك ودمك"، ومسؤوليتك تجاههم طبيعي، غير أن ""نيڤين شريم" لم تكتفِ بذلك، أبصرت ما يعانيه الآباء مع أطفالهم من مشاكل، أيقنت أن الوالدين السبب الأول لها، لذا قررت أن تبني شخصية صغارها ومَن مثلهم، ترى زرع يدها وتشاركه مع غيرها من الأمهات والمربين أينما كانوا، مستلهمة من مشاعر الفرحة لحظة تعلم أولادها شيء جديد دافع، لمواصلة طريقها في التربية بمزيد من ابداع وفن وابتكار، يخرج من بيتها الصغير في كندا، وينطلق عبر الانترنت إلى غيرها من البيوت.
طفلان يجلسان بجوار بعضهما البعض، أمامهما صينية بها أكواب ماء ملون، يقود الصبي الحديث عن تجربة علمية يجريها مع شقيقته ليظهرا في مقطع مصور كيف يثور البركان، يبدأ "يحيي" ذو التسعة أعوام وتقلده "لبانه" -5 أعوام-.. بات وجه "يحيي" و"لبانه" بطلا في كافة الفيديوهات والصور المنشورة على صفحة "شريم للفنون والحرف-Shrem arts and crafts-"، التي أنشأتها والدتهما لطرح أفكار مختلفة لتعليم الصغار، وأحيانا ينضم إليهما الابن الأصغر "يوسف" ذو الثلاثة أعوام.

شاهد يحيى ولبانه وتجربة البركان

للقراءة لوحة، لزيارة الأقارب والمعارف "عربة الأصدقاء"، للملل "مرتبان"، وكذلك الأفعال الحسنة، أما العقاب فله صندوق يحجب الألعاب المتروكة بإهمال، وقميص يجمع الأشقاء مصير جدالهم، وللنوم جدول بالاسم، وللصلاة مواعيد معلقة، وسجادة ينتظر ظهرها تظليل خانة الفريضة، وللطعام فن مصنوع باليد.. أفكار متنوعة تطرحها "شريم"، فللصغار أنشطة وكذلك المراهقين، 90% منها تأتي بها من البحث على الانترنت مع وضع لمستها الفنية مما تهواه، وتعرضها جميعا "وعلى الامهات اختيار ما هو ضروري بالنسبة لأطفالها".

1

حياة الصغار بكل تفاصيلها، وما يمكن أن يطور شخصيتهم تقدمه "شريم" تهدف في ذلك "مساعدة الأمهات على تربية جيل مسلم يغير صورة الإسلام السيئة بأعين غير مسلمين"، في كل مكان تجد السيدة المقيمة في "كندا" نشاط بإمكانيات بسيطة، في المنزل، بالمدرسة، وحتى الطريق، فصنعت له مع أبناءها "حقيبة السيارة"، بها ما يُشغل وقتهم في شيء مفيد من ألعاب ذكاء وقراءة وغيرها حتى نهاية "المشوار"، فتلك قاعدتها الأولى بالتربية "استغلي كل لحظة لتعليم أطفالك".
الظهور الدائم للأبناء الثلاثة جعل المتابعون يظنون أنهم أطفال "شريم" الوحيدين، غير أن الواقع ليس كذلك، واهتمامها كأم بشؤون التربية لم يكن بعمر ابنها "يحيي" بل قبل 23 عاما، حين وُهبت ابنتها "منى"، ومن ثم "سامي" ذو 18 عاما، لكن نشر يوميات الأبناء بدأ قبل نحو 6 سنوات، كانت الأم تعرض نشاطها مع أولادها على صفحتها الشخصية حيث الأهل والأصدقاء، حتى نصحتها شقيقتها أن تتوسع بنشر ما تقوم به، فيما كانت تتابع الصفحات المولية الاهتمام بالأمهات فلاحظت أن"٪٩٠ من الأفكار تتكون من طبيخ"، حينها عرضت أحد الأنشطة وكان لرد الفعل تأثير كبير عليها.

لوحة أسماء الله الحسنى صنع يد يحيي ولبانه.

أسماء الله الحسنى تزين لوحة بصنع أيدي أبناء "شريم"، نشرتها الأم على الصفحة المشاركة بها مع الأمهات، "كانت ردود الأفعال رهيبة" كما تقول، انهالت عليها الأسئلة تريد معرفة طريقة صنع اللوحة وعما إن كان هناك أنشطة أخرى، فشاركت السيدة الفلسطينية الأصل أردنية المولد بخمسة نماذج للأنشطة، ومعها طالبتها العديد من الأمهات بفتح صفحة خاصة بها، فكانت في 25 ديسمبر 2014، وبلغ عدد المتابعين نحو 150 ألف شخص خلال 5 شهور.
علب كارتونية صغيرة معلقة باسم كل أفراد العائلة، على باب حجرة يجتمعون بها، أطلقت عليه السيدة ذات العقد الرابع "صندوق بريد"، هو إحدى وسائل "شريم" التي تحرص بجانب ذلك على نشر ما تقوم به غيرها من أمهات مع أطفالهن تحت اسم "إبداع الأصدقاء".

3

كل ما يخطر ببال أي أم أو أب لتربية أولادهم يوجد على صفحة "شريم"، بطريقة بسيطة وجذابة، الأفعال المادية، والقيم المعنوية حال الانتماء، فرغم الغربة التي عرفتها السيدة الأربعينية منذ سن 15 عاما، لكنها ما أرادت أن تبعد صغارها عن الوطن، ففي شهر أغسطس 2014 حين وقعت الحرب على غزة، جمعت أطفالها، وبدأوا العمل؛ رسومات ينفذونها بأيدهم، تحمل علم فلسطين، قبة الصخرة والقدس بصنع الصغار، وتقول الأم إنه منذ ذلك الحين لم ينقطع سؤال الأبناء عن أخبار الموطن.

الجانب الروحي والعقائدي له جانب أساسي في مشروع "شريم".. الصلاة، الوضوء، الأذكار وغيرها من مظاهر العبادة تحرص الأم على تعويد أبناءها عليها عن علم وليس مجرد تلقين، بمجرد أن تعرف شيئا "أفكر في نشاط حتى أجد طريقة له"، وذلك ما حدث حين استمعت لإحدى الدروس عن أسماء الله الحسنى "فقمنا بصنع لوحة مع تفسير الأسماء"، وهكذا تسير الأمور بمشاركة الأبناء؛ تصنع الجوارب الجذابة للصلاة، تعلمهم فوائد الوضوء، تشاركهم في ترديد الأذكار باللغتين العربية والإنجليزية.

شاهد يحيى ولبانه ومراجعة الأذكار

"شريم" ربة منزل، يظن المتابعون أن ذلك يمنحها براح الوقت لتنفيذ واستمرار الفكرة، فيما تؤكد أن ذلك ليس سببا، لكنها فقط العزيمة وإخلاص النية، فالأمر لم يكن يسيرا خاصة بوجود طفلها الصغير "يوسف" الذي يعاني التوحد من الدرجة الرابعة، غير أن ذلك كان سبيل لبث الاطمئنان لغيرها من الامهات، اللاتي نقلت لهن تجربتها وعائلتها.
لم يغير وجود الصفحة من حياة "شريم"، فقط ساعتين باتت مخصصة يوميا لمتابعة الصفحة ونشر الأنشطة، أما الفنون فتحدد لها عطلة الأسبوع، فيما تتسع بقية الأيام للبحث عن وسائل جديدة، وصور وكتابة مقالات عن الأنشطة المطروحة، وحتى لا يكون في ذلك تفرقة بين الأبناء، يتولى الكبار منهم المسؤولية "منى تبحث عن أنشطة مختلفة للأطفال ولها دور كبير في حياة يحيي، وسامي يهتم بأمور الصور ومساعدتي بإنجاز بعض الأنشطة مع يوسف"، فالعائلة كاملةً شريك في الصفحة.

4

"يحيي ولبانه" أصبحا مألوفين لمتابعين الصفحة، الأمر الذي يتقبله الصبي تظهر في سلاسة وتلقائية تعامله في المقاطع المصورة، فيما تستحي الصغيرة ذو الأعوام الخمسة، تخبر والدتها أنها "لا تحب أن يراقبها أي شخص ولا تود أن تكون مشهورة ابداً"، فتبتسم لها الأم وتحدث صغيريها أن العديد من الأمهات تدعوا لهما بالتوفيق، وأنهما أصبحوا جزء من حياة العديد من العائلات.
توسعت أنشطة "يحيي ولبانه" حتى أصبحت بعض لوحاتهم المرسومة تُعرض في متحف للصور في كندا، فضلا عن طلبات شراء أعمالهم المشتركة مع والدتهم والتي قبلت ذلك على أن تُخصص الأرباح للمدرسة الإسلامية.
الصفحة التي بدأت باهتمام باتت مشروع، يزيد طموح "شريم" تجاهه، فهي تعمل حاليا على تأليف كتاب باللغتين العربية والإنجليزية، يضم جميع الأنشطة التي عرضتها، بالإضافة الى أخرى ستحتفظ بها للمُؤَلَف، الذي يقوم على الهدف ذاته بمساعدة الأمهات في تربية أبنائهم، موقنة برسالة واضحة هي لسان حالها كلما نشرت نشاط مع أطفالها "واضح أنه أنا وأنت لن نكون ممن ذُكروا في كتب التاريخ، ولكن هذا لا يعني بأنه لا يمكن أن نربي جيلا يُذكر بكتب التاريخ".

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان