لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

مبارك.. الشيطان يعظ – (بروفايل)

11:15 م الإثنين 04 مايو 2015

الرئيس الأسبق محمد حسنى مبارك

 

كتب - أحمد الشمسي:

 

رصاصة تخترق جسد الرئيس، فيفارق الحياة، فيما تدُب روحًا أخرى في جسدٍ آخر، متفوهًا بقسمٍ أقسم عليه سابقيه عام 1981 ''أقسم بالله العظيم أن أحافظ مُخلصًا على النظام الجمهوري.. وأن أحترم الدستور والقانون.. وأن أرعى مصالح الشعب رعاية كاملة وأن احافظ على استقلال الوطن وسلامة أراضيه''.

______ 0

ماذا فعل مبارك كي يُحاكم، كى يظل حبيسًا كأبناء شعبه، ظلّ حرًا فيما كان شعبه حبيسًا، وصار شعبه حُرًا وقتما أصبح سجينًا، برأته ساحات القضاء، وكيف تُبرأ ساحات القضاء سجينًا هو أساس المُلك !.

____ 1 (

الجبال تحلف بحياته، ورضخت لأوامره، يتذكر ذلك جيدًا، كان يومًا من أيام شهر رمضان من عام 2006، وتحديدًا يوم 6 سبتمبر، شرخٌ في جبل الدويقة، أعقبة انهيار، لم يصرخ أحد، فلم يكن هناك وقتًا للصُراخ، احتبست الأنفاس، دُقت الرؤوس، سحل الصخر الأجساد، ارتقت الأرواح، ولم يأتى الرئيس مبارك ليُلقي نظرة أخيرة، هو لا يُحبُ نظرات الوداع.

____ 2

حوكم في قضايا عِدة، قالت عنه محكمة جنايات القاهرة فى قضية القصور الرئاسية "الله منّ على مبارك وبوأه حكم مصر وأقسم على احترام الدستور والقانون وبات نائبا عن شعبه فى إدارة شؤونه وقائما على أمواله، لكنه لم يكبح جماح نفسه وأولاده وغيرهم عن المال العام، واستباح منه دون وجه حق، وكان عليه أن يعدل بالمساواة بين أبعد الناس وأقربهم فى قضاء الحقوق، ولكنه لم يفعل ولم يسر على نهج السلف الصالح مثل عمر بن الخطاب الذى سوى بين أبنائه وسائر المسلمين"، هذا علاوة على قضايا تصدير الغاز، قتل المتظاهرين والكسب غير المشروع، نقوه من الذنوب كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس.. كيف تنظر في عيني أم مكلومة تدمع عيناها دمًا على وليدها المقتول؟، كيف تنظر في عيناها وهي تعرف جيدًا أنك قاتلُ رضيعها.

____ 33

 

نصح كثيرًا وصار واعظًا، فكيف يتهمونه بالفساد وخراب الذمم، نصح الرئيس العراقي صدام حسين قبل أعوام بضرورة الرحيل لأنه أفسد، طالب العمال بالصبر على علاوتهم، والفلاحين بالتجلد على بوار أرضهم، والمصريين بتكبد مشقة الأغذية المسرطنة، والطلاب بالجد في مناهج مُغيبة، ونصح الشعب بضرورة اجراء انتخابات رئاسية، ولكنهم لم يثقوا في كلماته، لم يثقوا في خطاباته، اعتقدوا لبُرهة أنه شيطانٌ يعظ.

 

كان مبارك مُحصنًا من وراء جُدران تحميه، وحاشية تُحيطه، وبدلة واقية تقيه شر الحاقدين والقاتلين، وسيارة تُقلُه، لم يفعل كسائر الرعية، يتنقل في المواصلات العامة، يقف في طابور ''العيش''، يُقاتل من أجل ''أنبوبة'' بوتاجاز، كعوبه قدميه لم تذبل من أجل الجري وراء موافقة وزير الصحة على علاج أحدًا من ذويه على نفقة الدولة، إنه لم يركب حتى القطار.

____ 4

 

وقت الفرح دومًا يتحول بفعل حُكمه إلى حُزن، منذ فبراير من عام 1992، وحتى نهاية حُكمه اجتزت القطارات أرواح أكثر من 600 مواطنًا.

 

أن تكون مُسافرًا عبر القطار، تحسب كل دقيقة مُتبقة في رحلتك لرؤية أهلك في الصعيد، تحتضن بين ذراعيك ابنتك، وتغفو زوجتك، وتُصارع أنت النوم لحمايتهما، ويُخاطبك الأهل تليفونيًا وتُطمئنهم، ثم بعد دقائق قليلة يستلموك جُثة مُتفحمة، والجاني صار طليقًا.. إذن فأنت أحد شهداء حادث قطار الصعيد من ضمن أكثر من 400 ضحية، تعرفوا عليك من تحليل الـ DNA.

____ 5

هل تستطيع السباحة؟، وحتى إن كنت تستطيع فماذا ستفعل وأنت في عرض البحر عوامٌ، وأنت تشاهد والدتك تلفظ أنفاسها الأخيرة، تتشبثُ يداها بالماء، فتفشل فينقشع وجهها من أعلى السطح إلى قاعه، هذا مصيرك قريبًا، حاول وجازف وصارع الموج، اشرب من ماء البحر كثيرًا حتى يمتلئ جوفك، فُقدت السيطرة على أناملك، إلى متى ستستمر الأقدام فى الرفس، أملا في النجاة، وكم رأسًا ستنقشع وتختفى من على ظهر البحر، وكم روحًا ستفيئ إلى بارئها، رويدًا رويدًا سينقشع رأسك أيضًا وأنت تُصارع، متذكرًا أولادك وزوجتك، تدعو لهم بالستر والنجاة، حتى وإن لم يُنجيك، أتبكى والدتك، أم تبكي حال أسرتك التي صارت وحيدة، ينقشع رأسك ويُغطيه الماء، يبدو أنك أحد الضحايا الـ 440 الذين ابتلعتهم المياه، وملأت جوفهم، في حوادث العبارات العديدة 25 مايو 1983، 15 ديسمبر 1991، 17 أكتوبر 2005 و 3 فبراير 2006.

____ 6

اليوم 4 مايو ذكرى ميلاد الرئيس الأسبق حسني مبارك، اشتهر بأنه صاحب الضربة الجوية، وعُرف كرئيس لكل المصريين، واحتفل به أنصاره امام مستشفى المعادي العسكري، داعين له بموفور الصحة والسعادة، وخرج هو ملوحًا لهم يداه.

 

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان