لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

بالصور:''فرخندة'' الأفغانية.. قتلوها أم قتلتنا؟ (بروفايل)

02:13 م الأربعاء 06 مايو 2015

كتبت-إشراق أحمد:

نعش محمول على الأعناق، تتشبث به الأيدي، لكنها أيدي ناعمة، عرفت ما هو أشد قسوة من الموت، فتسابقت لحمله، فمثل هذا اليوم، أفضل ما يتمنى المرء فيه حمل كفنه بيده، مستقبلا ما بالوفاة من خير ورحمة عزت على بني الإنسان، وإن كانت مَن بالنعش عزت على رجال، فالنساء أولى بها.. خرجت سيدات كابول –عاصمة أفغانستان- مشيعة ''فرخندة''، كاسرة تقاليد التشييع المتعارف عليها، في مشهد تقشعر له الأبدان، أسى وعجز بدا في صلاة الصفوف المصلية على الجثمان صلاة مودع، مترحمة في دعائها على الأحياء قبل مَن باتوا في معية رب العباد صالحهم وطالحهم.

جنازة فرخندة محمد نادر في كابول

قرابة 25 دقيقة، واصل جمع مما تُعرف هيئتهم بالرجال في ضرب فتاة اسمها فرخندة محمد نادر، فيما واصلت هي لفظ أنفاسها، سقطت على وجهها، قطعت الأنفاس، لكنهم لم يكتفوا، سحلوها وجوار سور كوبري، أشعلوا النار بجسدها، ''أين الشرطة؟'' تتساءل ربما؛ بالفعل تواجدت، لكن لتشاهد كغيرها، مكتوفة الأيدي، لا تقوى على شيء، إلا نقل جثمان الشابة المحترق.

عند ضريح ''شاه دوشامشيرا'' في 19 مارس المنصرف وقعت الواقعة، بعد مشادة كلامية حدثت بين الشابة العشرينية ومَن يتاجرون بالأحجبة والأدعية على أنها علاج لكافة المشاكل والأمراض، حاولت ''فرخندة'' نهي الناس عن التعامل مع مَن يُسمون ''حماة الضريح''، فغضبوا وكُذبت الفتاة وقتلت -كما ذكرت كافة الروايات-.

رحلت ''فرخندة''، قُتلت، لكن معها قَتلت إنسانية ظُن أنها باقية، خيال لم يصل براحه لهذا الواقع، حتى الكلام قتله موتها، وشهد مقتلهم جميعا المكان الذي سمُى تيمنًا بأحد القادة المسلمين المعروفين بكابول، وهو ليس بعيد عن مقابر من فتحوا الهند، ودخلوها سالمين، لنشر التعاليم الحنيفة، وحث أبناءها على الفضيلة والأخلاق، ملتمسين من رسولهم المثل في كونه رحمة للعالمين، لكن للأيام فعلها.

ليست ''فرخندة'' أول مَن ينال منها قسوة ''تشوية'' العقيدة، فمن قبلها ''ملالا يوسف زي'' -وإن كان الأذى أقل وطأة-، والفاقدين حياتهم بـ''سوريا'' والعراق، والمقتولين على يد ''داعش''، وكل مَن لقى مصرعه امتداد لـ''الفتنة الكبرى''.. مقتل عثمان وابن أبي طالب، والحسين، والحلاج...، فكلٌ كان له مبرر واهي لقتله، والنتيجة دم يمحو بعضه البعض، لكن لا يمُحى ثأره.

المسلم مَن سلم المسلمون –وفي روايات أخرى الناس- من لسانه ويده.. في أوطاننا العربية هذا الحديث بين أول ما ينشأ عليه الصغار، يكررونه حتى يكاد يكون محفوظا بالسليقة، لكن أُترى هل وصل رنين معناه للقلوب؟، هل بلغ صداه واقع يجن له العاقل، ويُفتن به القابض على دينه؟، هل كان في معية المتحدثين بتعليم مبادئ الدين بديار الإسلام؟، هل هناك أصلا مَن يُرسل إلى تلك الديار، يطمئن على عقيدتهم، يربط على قلوبهم، يداوي مَن يمرض فيهم بالجهل؟.

زعموا بهتانًا أنها حارقة للمصحف، وهي الحافظة له، فيما يحملونه هم أسفارا، لا يفقهون حروفه، فمن قُبض عليهم أميون –بلغ عدد الماثلين أمام المحكمة في القضية 49 شخص بينهم 19 شرطي بتهمة التخلي عن واجبهم-، لكن رُب مَن لا يعرف القراءة والكتابة، يكون به مِن العقل ويسبقه قلب يفقه به، وحينها يَسلم غيره مِن لسانه ويده، ولا يعبأ أخرون بأن ذلك تشويه لصورة الإسلام في الخارج، بقدر أن العدالة والإنسانية اختل ميزانها.

ليست القضية إن حرقت ''فرخندة'' القرآن -وقد برئتها التحقيقات- ولا غيرها مِن الحاقدين والعنصرين حقا إن فعلوا، فلا خلاف أنه أمر جلل يستلزم الوقوف ورد فعل، لكن صدقا أيكون الرد دون بينة بالضرب حتى الموت، الإتيان بالعصى وطرحها على الجسد بلا هوادة، وعدم الاكتفاء بذلك بل المجيء بحجر يهشم الرأس، والقفز بالأقدام على الجثمان الملقى بلا حراك والمداومة على ركله.

ماذا تريدون بفعلكم؟ ربما لاح عقل الشابة العشرينية بالسؤال بينما يسيل الدم من جسدها، وهي ابنة ملة قاتليها، والمحجبة، الدارسة للشريعة الإسلامية، لتكون مُعلمة دين، فماذا إن كانت بعقيدتهم كافرة، لكنها كانت كذلك، هم ليسوا على الدين ذاته.

هل أتى على الإنسان حين من الدهر يكون فيه دافع أخيه لحب الموت على الحياة جواره؟، أن يدفعه دفعا للكفر ''لأن البلد كافر.. والجوع كافر.. والمرض كافر'' وقد تكالبت كل الأشياء الكافرة، فلا حيلة لديه، إلا رفض فعله السيء بـ''مشهد تمثيلي''، مظاهرة، أو ''هاشتاج''، وربما بالتجاهل، فهو لا يريد أن يأتي يوم يصيح فيه أحدهم ''الله أكبر'' فوق جثته، يزهو زورا وبهتانا أنه انتصر لدينه، معلنا عن جهل بَيِن تنصيب نفسه إلها، ولو كان كذلك ما فعل، وما سمح لغيره ليفعل، بل لقال ''لو خلقتموه لرحمتموه'' فهذا قول الحق وفعله، ليعلم الظالمون أي طريق يسلكون.

لمشاهدة الفيديو.. اضغط هنا

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان