فرقة "سلام يا شام".. مسرح وحكاوي داخل المخيمات السورية
كتبت-دعاء الفولي:
بين جنبات المخيم يعيشون، رفضوا أن تحكمهم ظروف الحياة القاسية، أصروا أن يزرعوا وسط حياة مخيمات السوريين على حدود لبنان، فن ومسرح، وحكايات ينسجها ست شباب أسسوا فرقة سموها "سلام يا شام"، يقدمون بإمكانيات مادية بسيطة، أفلام قصيرة، أغاني وحتى مسلسلات عن أشياء متفاوتة، بداية من مشاكل الحياة في المخيم، مرورا بأحلام الأطفال، وحتى تفاصيل اشتياق اللاجئين البعيدين عن سوريا إلى أرضها، حتى لو كانوا في باريس.
"الفكرة بدأت في شهر يونيو 2013 بأغاني بسيطة ومشاهد مسرحية جاهزة، وعندما لاحظنا تقبل أهالي المخيم وتشجيع الأصدقاء القدامى بدأنا نطور ونوسع أقسام ومجالات عمل الفرقة"، قال أمجد الغاطي، المسئول الإعلامي للفريق. أصبحت الفرقة فيما بعد تحوي قسم مسرح بما فيه من فنون الأداء والرقصات التعبيرية وقسم مسرح الدمى (العرائس) الذي يستهدف الفئة العمرية الصغيرة وقسم الحكواتي الشامي الذي يعتبر من التراث السوري القديم، هناك كذلك قسم التصوير الفوتوغرافي "بنعمل فيه نشاط كل فترة لتصوير الاطفال وطباعة صورهم ونفكر بإقامة معرض لأعمالهم قريبا"، تضم الفرقة أيضا قسم الافلام القصيرة التي تروي قصصا عن المخيم.
طفل صغير يصلح بعض الأشياء في دراجته الخاصة، يدلف المشهد طفل آخر مرتديا الملابس السورية التراثية، يتحدث الأول عن رغبته في الهجرة، فيما يعنفه الثاني بسبب ذلك المطلب، ويدور حوار بين الصغار، الذين يمثلون حال الرجال داخل المُخيم الذي يعيشون به؛ ذلك المشهد ولقطات أخرى، هي جزء من مسلسل باب الخيمة، الذي يُنتجه الفريق كحلقات موازية للمسلسل الشهير باب الحارة، مُسلطين الضوء على مشاكل أبناء المخيم، ومعتمدين فيه اعتمادا كليا على الصغار "نعمل مع الأطفال تحديداً لأنهم اكثر من يحتاج الدعم واكثر من ننتظر منهم اعادة بناء سوريا الجديدة"، قال الغاطي، وقد وجدت الفكرة صداها على موقع يوتيوب، إذ وصلت مشاهدات بعض الحلقات إلى 6000 مشاهد، بينما عدد متابعي صفحة الفرقة على فيسبوك بوك 5500 فقط.
المصاعب التي تواجه الفرقة كثيرة، أولها قلة الإمكانيات "لا نملك كاميرا احترافية ولا حتى أزياء للمسرح أو ديكور إلا من مجهودنا الشخصي كأعضاء بالفرقة"، أيضا بسبب عدم وجود إنتاج ضخم، فقد تم سرقة بعض أعمال "سلام يا شام"، خاصة الأغاني التي انتجوها وزاد عددها عن 18 أغنية، إذ تستغل بعض الجهات والشركات عدم وجود حقوق ملكية لتسرق بعضها، أما اختيار الأطفال الذي يشاركون بالأعمال فيكون عن طريق فرز المتقدمين لمعرفة من يملك الاستعداد والموهبة ومن لا يملك، ويتم تلقينهم مبادئ أساسية تتعلق بفن المسرح، ويحاول المدربون تعزيز ثقة الأطفال بأنفسهم.
بدأت الفرقة عملها داخل مخيم قريب من مدينة زحلة، ثم انتقلوا فيما بعد لتسع مخيمات أخرى لتقديم أعمالهم الفنية "وأحيانا كنا نقدم الأنشطة لتجمعات السوريين الذين يعيشون خارج المخيمات"، عادة ينحصر عمل "سلام يا شام" داخل المخيمات، لكن "خرجنا من المخيم في عدة أعمال فمسرحية مزاج مجازي وكانت تتكلم عن لاجئين في باريس حيث الترف والرفاهية والحسناوات ومع ذلك ينهار ابطال المسرحية في تراجيديا هستيرية شوقا الى تفاصيل زهيدة في بلادهم كأن يشتاق لصحن فول شامي وهو في الشانزليزيه".
استمرت فرقة الشباب السوري لأكثر من عامين دون دعم مادي، لكن ما يهون على أصحابها كل المصاعب هو حب المتابعين، وسعادة الأطفال حين يشاركون في مسرحية أو فيلم أو أغنية، وقتها يشعر الشباب أن الأمر يستحق العناء، فيما يضايقهم أن عدم ملاقاة بعض أعمالهم النجاح المتوقع لها.
فيديو قد يعجبك: