بـ"هاشتاج" وتعليق.. الواقع الافتراضي يقلب موازين الواقع الحقيقي
كتبت – يسرا سلامة :
في دوائر إلكترونية، لا تنفصل عن الواقع، يستقبل الفضاء الإلكتروني قرارات وردود أفعال مسؤولين، كلمات ساسة، وزلات لسان لا يمررونها دون تعليقات، كلمات من أجهزة إلكترونية، تصبح بديلا عن صوت معارض، اختفي ربما لأسباب سياسية، وتصنع تلك التعليقات رأيا عاما تبدو قوته في قرارات إزاء تلك الأفعال.
عدة وقائع غيرتها مواقع التواصل الاجتماعي، لم تصبح في الآونة الأخيرة استثناءً، بل إشارة لقوة الرأي العام وإن كان إلكترونيا، تعددت الوقائع والانتقادات كانت واحدة، تفرقت في عدد من البلدان، وتواجد الانتقادات حادة لتلك الوقائع، لتجعل من تلك المواقع الافتراضية أقوى أدوات الواقع.
وزير العدل وعامل النظافة
"ابن عامل النظافة لا يمكن أن يتولى منصبا في القضاء".. تصريح كالنار قلب مواقع التواصل الاجتماعي رأسا على عقب، بعد أن تفوه به وزير العدل المصري محفوظ صابر، في برنامج البيت بيتك، ليشعل الغضب تجاه الوزير، بين تعليقات تصفه بالتمييز وعدم احترام الدستور.
"احتراما للرأي العام" قدم صابر الاستقالة بعد أن نسب له أن التصريح ووصف بأنه "زلة لسان"، وقالت الحكومة المصرية في بيان لها إن الحكومة تحترم كل شرائح المجتمع، وتقدر الأيدي العاملة، ويضطر الوزير للاستقالة، بعد أن ثارت الواقعة الغضب على مواقع التواصل الاجتماعي، بهاشتاج #أقيلوا_وزير_العدل.
مصورة مجرية تعرقل اللاجئيين
في 20 ثانية فقط.. كانت سببا في الإطاحة بالمذيعة المجرية بيترا لاسيزيو، بعد أن شاركت في تغطية إعلامية لقناتها N1 TV، وأثناء تغطية القناة لطرد الشرطة لعدد من اللاجئيين السوريين على الحدود المجرية الصربية شاركت المراسلة في هذا الفعل بعرقلة اللاجئين بقدميها.
تلك العرقلة سجلتها إحدى الكاميرات، وانتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي، والتي صورها مراسل القناة الألمانية ستيفين ريتشارد، ونشرها على موقع تويتر الخاص به، وقد أسس النشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي صفحة باسم The Petra László Wall of Shame أو حائط العار للمذيعة المجرية.
ونشرت الصفحة صورا توضح ما فعلته المذيعة، وصورا لمن سقط بعد تلك العرقلة، والذي انضم لها قرابة 5 آلاف مشترك على الفيسبوك في خلال ساعات، مما سبب في ضغوط على القناة، والتي قررت فصل المذيعة، وأصدرت بيانا أن فعل المذيعة يعتبر من غير المقبول.
رئيس المراسم الملكية
الإهانة تكررت أيضا في المملكة العربية السعودية، والتي التقط فيها نشطاء مقطعا مصورا يظهر فيه الوزير محمد عبد الرحمن الطبيشي-رئيس المراسم الملكية السعودية- وهو يصفع مصورا صحفيا خلال استقبال العاهل السعودي لنظيره المغربي.
الطبيشي كان تلك المرة موضعا للانتقادات، والتي انتشرت أيضا عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وجعلت من الأمر أيضا قضاة على مكتب الملك السعودي، ليصدر عاهل المملكة سلمان بن عبد العزيز قرارا بإعفاء الطبيشي من منصبه، وتعيين خالد بن صالح العباد بديلا عنه.
طالبة الصفر "مريم ملاك"
أبرزت كذلك مواقع التواصل الاجتماعي قضية الطالبة مريم ملاك، والمعروفة إعلاميا باسم طالبة الصفر، بعد أن حصلت على درجة ونصف في الثانوية العامة، وقامت باختصام وزارة التربية والتعليم أمام النيابة العامة، من أجل الحصول على حقها.
أنا مصدق مريم ملاك.. هاشتاج عبر موقع تويتر، أبرزه عدد من النشطاء تضامنا مع قضية الفتاة، وارتفعت التعليقات بعد قرار الطب الشرعي بعد أحقية الطالبة في أية درجات مرة أخرى، مما أشعل الرأي العام تجاه قضية الفتاة، وعلى إثرها قرر رئيس الوزراء المصري إبراهيم محلب أن يستقبل الفتاة في مقر رئاسة الوزراء، وإعادة فتح التحقيق في قضيتها مرة أخرى، والتحقيق في القضية في القاهرة بعد إغلاقها في محافظتها بأسيوط.
التأثير يختلف من حكومة لأخرى
الانتقادات تكاد تتشابه لكن التأثير يختلف، هكذا يقول أسامة مصطفى خبير في تكنولوجيا المعلومات، إن عدد من الوقائع تحدث في العامل يلتقطها النشطاء، ويتفاعلون بتعليقاتهم، لكن التأثير يختلف من بلد لأخرى، مشيرا إلى أن سرعة رد الفعل ليست سياسة في مصر، بشكل قليل بعد ثورات الربيع العربي.
ويتابع الخبير التكنولوجي لـ"مصراوي" أن سرعة رد فعل الساسة على تلك الفيديوهات جاء لأن مواقع التواصل أصبحت بوقا إعلاميا بديلا، خاصة في الوقت الذي تقل فيه مساحات الرأي العام، مشيرا إلى أن الحكومة التي تتفاعل جيدا مع مواطنيها يجب أن تخاطبهم بنفس لغتهم، وأن يكون هناك فريقا إعلاميا للحكومة للرد على أي انتقادات موجهة لها، على نفس الوسيلة.
وضرب الخبير التكنولوجي مثالا بانسحاب رئيس الوزراء إبراهيم محلب من مؤتمر صحفي في تونس، إثر سؤالا من أحد الصحفيين عن اتهامه في قضية القصور الرئاسية، وردت الحكومة في بيان عقب الواقعة بساعات كثيرة.
ليس الإعلام الإلكتروني فحسب، حيث يميل مصطفى إلى أن القضية تشتعل عندما يتحدث عنها الإعلام الرسمي في مصر، بعكس ربما دولا أخرى، وقال إن مصر بدأت في هذا الشأن على استحياء مثل الصفحة الرسمية لوزارة الداخلية لمتابعة الوقائع.
فيديو قد يعجبك: