من الزقازيق للقاهرة.. اغتراب "ندى" وأهلها بلا عودة
كتبت – يسرا سلامة:
حالة خاصة من الغربة تحملها تجربة "ندى حواش"، طريق الغربة من الزقازيق إلى المدينة الجامعية في القاهرة قطع ثلاث سنوات، حتى انتهى الطريق في السنة الرابعة، بقدوم أهل "ندى" إلى المدينة المزدحمة، والعيش في القاهرة عاما كاملا، انتهت معه غربة الفتاة، والتي لا تزال تحمل خبرات تحكيها لمن على استعداد للقب "مغتربات" في الأعوام القادمة.
مجموع مرتفع كان وشيكا وشبه مؤكدا للفتاة التي عُرفت بالتفوق، وبين مجموع وتنسيق ورغبات اختلفت من كلية لأخرى، كان الاغتراب هو النتيجة الأكيدة لـ"ندى"، تجربة جديدة، وعوالم مختلفة من العلم والحياة دقت على أبواب الطالبة، التي أصبحت في ليلة وضحاها على أبواب كلية السياسة والاقتصاد جامعة القاهرة.
بعض الأقارب في القاهرة، لم يمنعا الفتاة من قرار دخول المدينة الجامعية، حتى جاء لـ"ندى" اليوم الأول في المدينة، لا تنسى قسوة الليلة الأولى التي كانت للفتاة في أرجاء المدينة، تتذكر مكالمة هاتفية لوالدتها "أنا أمتى هتشال من هنا؟"، بكاء وخوف، مستوى متدنِ من الخدمة بداخل أروقة المكان، تأقلمت الفتاة على الوضع بقرب الصحبة، من أصدقاء لها في الكلية ومن زملاء في المدينة الجامعية أيضا، تقول "الصحبة فعلا بتهون حاجات كتير".
الاستقلال.. أكثر ما تعلمته الفتاة التي تغربت في القاهرة ثلاث سنوات، فقط شيئين كانا ينغصان يومها، أقلها الاستقلال المادي الذي ظل عبئا على العائلة، وثانيها قيد الوقت والحركة الذي كان مربوطا بالثامنة مساءً؛ آخر موعد لدخول الفتيات إلى أبواب المدينة الجامعية، ظلت "ندى" تمقت هذا القيد، الذي منعها –كما كثيرا من الفتيات المغتربات- من الحركة والانضمام إلى الأنشطة الجامعية، والتي تكثُر في كلية الاقتصاد والعلوم السياسية، بحسب ما ترى.
شعرت "ندى" بمعنى لفظة "مغتربة" في مواقف عدة، إلا أن موقف مع زميلتها في التاكسي قبل موعد إغلاق المدينة الجامعية بساعة واحدة لا تزال تتذكره، وقت أن أتخذ السائق طريقا آخر، وأغلق التاكسي على الفتيات الأربعة، ليخرجن بحيلة اتصال بأحد الزملاء، وخداع السائق أنه ضابط بالأمن، تقول الفتاة "وقتها خفت جدا وشعرت بمعنى الغربة".
وفي داخل المدرج الواحد، وبين فتاة مغتربة أخرى، شعرت "ندى" أن الحواجز بين الطلاب كانت حاضرة، تلك الحواجز توجد بشكل كبير بين الطلاب القاهريين والمغتربين، لكنه يقل حين لا يخجل الطالب أو الطالبة من أصله القروي، والذي – كما ترى الفتاة- يجعل الخجل سمة أغلب الطلاب المغتربين.
حدث التكيف بين الفتاة وأقرانها بعد وقت قليل، وأصبحت الفتاة الطالبة بقسم اللغة الإنجليزية بوصفها "totally independent"، وتشعر أن الاستقلال أصبح هو الغريب حين قرر أهلها أن يعيشا هنا في القاهرة، بعد أن نجحت شقيقتها في الثانوية العامة، وتم قبولها في كلية الإعلام في جامعة أكتوبر، بعد أن كان من الصعب أن تأتي العائلة في وقت قبل ذلك "كان مجازفة"، لتقول "سنة واحدة وأخيرة في الكلية مع الأهل، شعرت أن الوقت متاح وأن أهلي جنبي لو حصلي حاجة.. آمان".
نصيحة توجهها الفتاة التي تخرجت الآن لكل مغترب أو مغتربة، أن يكتشف الأجواء في البداية، وألا يكون "فاعل" بعد أن يعرف كل شيء، وفي نفس الوقت ألا يخجل المغترب من انضمامه لأنشطة، أو يجعل من كونه مغتربا أو من خارج القاهرة سببا للانطواء وعدم معرفة ما يدور حوله.
عودة شبه مستحيلة تحملها "ندى" لموطنها الأول "صعب أرجع الزقازيق تاني"، تشعر الفتاة في زيارتها إلى بلدتها بشيء من الغربة، أجواء الترفيه والمعيشة اعتادت عليها الفتاة في القاهرة "الحياة هناك مبقتش شبهي تماما".
تابع باقي موضوعات الملف:
في دنيا المغتربات.. ''المعافرة صنعة'' (ملف خاص)
رحلة 3 بنات من الساحل إلى مدينة ''الزومبي''
حكاية ''منة'' بنت مطروح.. ''كواليس المدينة وسنينها''
يارا.. بنت صعيدية مش طالعة من التليفزيون
رنا وإسراء.. بين ''مرمطة'' دار المغتربات و''نار'' السكن المستقل
''سارة''.. من دمنهور للقاهرة ''كعب داير'' يوميا
بنات بحري في المنيا.. ايه اللي رماك على المُرّ؟
القاهرة التي تسكنها ''سارة''.. ''مكنتش على البال''
الروح تدب مطرح ما تحب.. حكاية ''مغتربة'' اسمها ''ندى''
فيديو قد يعجبك: