إعلان

الطفل "آيلان" وأسرته.. الموت على أعتاب الحلم

06:12 م الخميس 03 سبتمبر 2015

حملت أمواج البحر "آلان" وشقيقه "غالب" وأمهما لساعا

كتب-محمد مهدي:

 

سقطت "كوباني"، فقدت ملامحها، لم تعد صالحة للعيش، "داعش" الإرهابية أحالت حياة أهل المدينة الصغيرة في شمالي سوريا إلى جحيم، استسلموا، فر بعضهم، من بينهم أسرة "علي الكردي" الحلاق الذي خرج من دياره هاربا من بؤس العيش برفقة الإرهابين، اصطحب زوجته "ريحانة" وطفليه "آيلان"-3 سنوات- و"غالب"-4 سنوات- منطلقا إلى تركيا، عله يجد هناك حياة طيبة، هناك رفضت الحكومة التركية مساعدته غير أنه تمكن من الحصول على منزل صغير في اسطنبول بمساعدة من عائلته.. ظن الرجل أن الرحيل عن الوطن المبعثر هو الخطوة الأولى في حياة مستقرة لأبنائه، لم يكن يعلم ما يخبأه القدر لأسرته الصغيرة.

 

لم يطق "علي" العيش في تركيا لفترة طويلة، عمله في البناء والتشييد لا يكفي قوت يومه، الحياة باهظة الثمن في بلاد الأتراك فقرر الهروب إلى أوروبا، حاول عدة مرات لكنه فشل، خفر السواحل تقف بالمرصاد لكل من يحاول الإبحار دون موافقة من الدولة، لكنه نجح في نهاية الأمر في الاتفاق مع مهربين أحدهما سوري والآخر تركي في توفير قارب يبحر بهم من منطقة بوضروم إلى جزيرة كوس اليونانية مقابل 4 آلاف يورو، وفي الموعد المُحدد كان الرجل يقف على الشاطئ برفقة عائلته منتظرا لحظة الإبحار.

 

بعد لحظات من وصول القارب اكتشف "علي" صِغر حجمه، ووصول نحو 10 أشخاص لتهريبهم مع أسرته، لم يكن يملك أية اختيارات، سيتحمل هو ومن معه من أجل الوصول إلى البر الآخر، وتحقيقهم أحلامهم في عيشة كريمة، تحرك القارب،  القلق ضيف ثقيل في المشهد، الظلام يُزيد المشهد رعبا، بكاء الأطفال لا يتوقف، يربت "علي" على كتف "ريحانه" بينما تضم هي "آيلان وغالب"، دقائق وازداد الوضع سوءا، القارب يئن تحت وطأة الأمواج، المياه تُغرقه، القائد يقف فجأة، يتخلى عن مهمته ويقفز في البحر تاركا وراءه مجموعة من البشر لا تحمل في قلوبها سوى الفزع والشعور بالضياع.

 

لم يصمد القارب طويلا، انقلب بغتة، يسبح "علي" نحو زوجته وطفليه، يضمهم، يقترب بهم إلى ما تبقى من القارب، يتمسكون به، يمر الوقت ببطء، ينظر الرجل حوله، هل من مغيث؟، طفله الأولى ينفلت من يديه، يُحافظ بكل ما أوتي من قوة على وجوده بالقُرب، "آيلان" الصغير لم يتحمل، هدأ فجأة، عيناه فقدت بريق الحياة، صرخ الأب، العجز يلطمه مع الأمواج، يكاد أن يفقد طفله الثاني فقرر ترك الأول للبحر، روحه تتأكل، دقائق وودع "غالب" الحياة ليضطر الزوج إلى تكرار فعلته لإنقاذ الزوجة، قلبه يُمزق، ثم يكتشف أن "ريحانة" لحقت بأبنائه، لم يصرخ  تلك المرة فلا جدوى من الأمر.

 

حملت أمواج البحر "آلان" وشقيقه "غالب" وأمهما لساعات طويل حتى الصباح، المياه تهدهد الطفلين برفق، تنقلهما بهدوء إلى شاطئ "بوضروم" التركي كأنها تخشى عليهما من الاستيقاظ فزعا، تضعهما على رمال الشاطئ وبجوارهما "ريحانة"، وعلى بُعد أمتار منهم يدافع  والدهم عن حقه في الحياة، حتى عثرت عليه قوارب النجاة فاقدا للوعي ونقلته إلى أحد المستشفيات قبل أن يفيق ويطلب دفن أسرته في مدينتهم "كوباني".

 

فيديو قد يعجبك: