من جاور البرلمان.. "يتوقف حاله"
كتبت - يسرا سلامة:
في الوقت الذي تدور فيه أول جلسة بالبرلمان المصري، ووسط إجراءات أمنية مشددة حول سور مجلس النواب، الاستحقاق الأخير في خارطة الطريق، كان "محمود شحاتة" يتبادل البيع والشراء لمأكولات ومشروبات في محل بقالته الصغير المواجه بشكل مباشر مجلس النواب المصري، حركة بدت بطيئة من المارة، لم يمر أول أيام البرلمان دون أن يلقي بظلاله على البائع خارجه.
"الحالة واقفة والبيع مش أد كدة".. قالها الرجل الستيني سريعا حين سئل عن أحوال شارع مجلس الشعب في أول أيامه، زحام المارة وتكدس سيارات النواب والموظفين بالخارج لم يجلب كثير من التفاؤل للبائع، ليقول محمود إن الإجراءات الأمنية المشددة حول البرلمان تنذر بقلة الحركة وبالتالي البيع، في الوقت الذي تتوارد إليه أخبار البرلمان إمام من موظفين يخرجون لشراء بعض الحاجات بحركة أقل من المعتاد بحسب محمود، أو من تلفزيون بالمطعم المجاور له، وأحيانا من ألسنة المارة أمامه حول حلف اليمين الذي لم يكن انتهى حينها.
ما يقارب من أربعين عاما، ظل محمود بائعا في مساحة دكانه الصغير، والذي لا يتعدى مترا ونصف المتر، في العمارة رقم 7 بشارع مجلس الشعب كان حظه أن يتولى بيع بعض قطع الحلويات والمشروبات للمارة، رأى فيهم حركة نواب وساسة مثلما يذكر من وقت حكم أنور السادات حتى الآن، يرى أن موقعه مميز للبيع والشراء، لكن في حالة وجود حركة من الزبائن والمارة، "إحنا في عمارة اتبنت غلط أدام مجلس الشعب على طول"، يقول البائع متهكما.
"مفيش أحسن من برلمان مبارك.. النواب كانت كتير والفلوس كانت في ايدينا".. يرى البائع أمام مجلس الشعب أن الأسعار المرتفعة و"الدنيا الضيقة" أسباب لأن يعتقد أن زمن مبارك وبرلمانه أفضل من الآن، مفسرا "الأسعار كانت بتغلى وقتها آه.. لكن اللي داخل كان كتير"، يذكر نوابا من برلمان مبارك يمرون من أمامه "كان كل نايب بيجله خمسة سنة عايزين طلبات ومصالح، فبيعزمهم على حاجة ومن هنا بكسب، إنما أنا مش متفائل بالبرلمان ده".
منذ أيام انعقدت الإجراءات المشددة حول البرلمان استعدادا للجلسة الإجرائية الأولى التي بدأت صباح اليوم، يعتقد البائع أن النواب بالداخل "بشوات"، يقول "تفتكري واحد زي توفيق عكاشة أو مرتضى منصور هيجي ينفعني؟ دول بشوات وبيركبوا عربيات ميعرفوش الناس الغلابة اللي زينا"، البائع المقيم بمنطقة العمرانية بالجيزة لا يعرف اسم النائبين عن دائرته، يذكر ابنه العامل معه بنفس المحل اسم أحد النواب "محمد فؤاد"، ليردف البائع أنه لا فرق كبير بينهم، لم يتحمس كثيرا للنزول إلى أي انتخابات أعقبت 30 يونيو "أصوتنا مبقاش ليها لازمة، والنواب مفيش في إيديهم حاجة، هيعملوا إيه للبلد؟!"، بحسب وصفه.
لا تحد قلة التفاؤل لدى محمود من آمال في أوضاع معيشية أفضل، يتشارك معها مع زوجته وعائلته، في أن يعمل ابنه عمر في وظيفة محترمة، بعدما تخرج ببكالريوس تجارة منذ خمس سنوات، "بيشتغل في مصنع ثلاجات بمرتب قليل، ومش عارف يتجوز أو يكون نفسه، وكمان نفسي ابني التاني يكمل تعليمه ويشتغل هو كمان".
يذكر محمود برلمانات سابقة، انعقدت وحلت وظل هو بائع "رسمي"، يرتدي بذلة أشبه بالعاملين في الحكومة، يرى أن "نعمة الله" يجب أن تظهر عليه، يعلم أن وقف الحال لا يتوقف على قلة حركة العاملين أمام مجلس النواب، التي تقل إذا كان سير العمل بالداخل "شديد" بحسب قوله، لكن تتوقف الحركة كليا عند قدوم رؤساء جمهورية زاروا البرلمان، "أوقات مبارك كنا بنقفل واللي يفتح يدفع غرامة يجي بـ300 جنيه"، يعتقد أن ذلك سيكون المشهد أيضا إذا كان الزائر القادم هو الرئيس السيسي، "مخدتش راحتي في البيع وقت زيارة رئيس إلا وقت مرسي.. الأمن كان سايبنا نفتح".
عدد من المحتجين وأصحاب المطالب يذكرهم محمود أمام شارع مجلس الشعب بميدان الفلكي، الذي ازدحم في أول أيام البرلمان، ليس فقط بالأمن وعربة المطافئ والإسعاف كما رصد مصراوي، وكذلك بكلاب الحراسة على البوابات، لكن أيضا بتواجد كبير لعربات الملاكي التي اكتظت بالشوارع حوله، وجعلت الحركة بطيئة نسبيا، وعقب ثورة يناير كما يقول محمود لم ير أي وجه لاصحاب المطالب والمحتجين أمام البرلمان، يعتقد أن ذلك مظهر لن يتكرر "أي حد بيتظاهر بيقبضوا عليه؛ لإنهم بيفتكروه إخوان".
فيديو قد يعجبك: