لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

بعد اعتزاز الرئيس بـ "النواب".. هل يملك المجلس استقلاليته؟ (تقرير)

11:28 م الثلاثاء 11 أكتوبر 2016

الرئيس عبد الفتاح السيسي

كتب- محمد زكريا:

قبل أيام احتفل مجلس النواب بمرور 150 عاما على بدء الحياة النيابية في مصر، بحضور الرئيس عبد الفتاح السيسي، الذي عبر عن فخره واعتزازه بالصلاحيات الواسعة لمجلس النواب الحالي في ممارسة سلطة التشريع، وإقرار السياسة العامة للدولة، وإقرار الخطة العامة للتنمية، والرقابة على أعمال السلطة التنفيذية. وهي الكلمات التي أثارت تساؤلات حول مدى جدية المجلس النيابي في ممارسة سلطاته بشكل مستقل عن السلطة التنفيذية.

التشريع

قبل أن يعقد مجلس النواب الحالي أولى جلساته في يناير الماضي، كان مُحملا بمهمة مناقشة وإقرار ما يزيد عن 300 مشروع قانون بقرار، صدروا في غيبته، غير أن تمرير المجلس لبعض القوانين في 15 يوما فقط، صب على المجلس انتقادات عدة.

منذ انتخاب مجلس النواب الحالي قبل 9 أشهر، لم يُظهر أي من مظاهر الاستقلالية عن السلطة التنفيذية، حسبما يرى رامي محسن، مدير المركز الوطني للاستشارات البرلمانية.

ويضيف رامي محسن لـ"مصراوي": أن هناك علاقة غريبة بين البرلمان والحكومة، لم يرَ لها مثيلا في أي وقت مضى، حتى وقت سيطرة الحزب الوطني على مجلس الشعب كانت العلاقة بينهما تحكمها التفاهمات لكن أيضا ظهرت بعض من المناوشات، بعكس العلاقة بين المجلس الحالي والسلطة التنفيذية التي تحكمها مقولة "البرلمان والحكومة أيد واحدة".

أبرز الانتقادات التي واجهت المجلس في أيامه الأولى، كانت بخصوص قانون "مكافحة الإرهاب"، الذي صدر عن الرئيس منتصف أغسطس الماضي، والتي نصت أحد مواده على أنه " لا يُسأل جنائيا القائمون على تنفيذ أحكام هذا القانون إذا استعملوا القوة ﻷداء واجباتهم.. "، بعدها واجه المجلس سيلا من الاتهامات فيما يتعلق بمدى استقلاليته عن السلطة التنفيذية، وأطلقت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية مبادرة تحت عنوان "مايعدوش" تتضمن تقريرا من 11 قانونا ترى المبادرة عدم وجوب تمريرهم من مجلس النواب، إذ اعتبر التقرير أن القانون "يجرم أعمالًا محمية تحت مظلة حرية تكوين الجمعيات والحق في التجمع السلمي والإضراب وحرية الرأي والتعبير".

وفي وقت سابق أقام المحامي الحقوقي خالد علي، دعوى يطعن فيها على دستورية المادة 102 من قانون الشرطة والتي تسمح لرجال الشرطة باستخدام الرصاص الحي لفض التظاهرات.

قانون التظاهر كان له نصيبا أيضا من الانتقادات الحقوقية. في مايو الماضي، وصف منصف سليمان عضو المجلس القومي لحقوق الإنسان قانون التظاهر بـ "سيء السمعة"، مطالبا بتطهيره من العقوبات وتيسير العمل بإجراءاته، خلال اجتماع أعضاء المجلس القومي بلجنة حقوق الإنسان بالبرلمان.

بعدها بأقل من شهرين أعلن علي عبد العال، رئيس مجلس النواب، في حوار مع الإعلامية إيمان الحصري، أن قانون التظاهر غير مطروح للنقاش، لافتا إلى أن القانون صدر في توقيت كانت الأخطار تحيط بالدولة، خاتما حديثه عن القانون بـ "الحكومة لم تعرض تعديلا عليه وسار مفعولا حتى هذه اللحظة".

يرى "رامي"، أن المجلس الحالي يتبع سُنّة جديدة في علاقة المجالس النيابية بالحكومات، إذ لا يقوم باعتماد أي تشريع إلا إذا كان مقررا من الحكومة، ولا يتقدم بأي تعديل على القوانين التي تشرعها، وهو ما حدث مع النائبة أنيسة حسونة عندما قدمت مشروع بقانون لمكافحة التمييز، الأمر ذاته مع النائب محمد زكريا محي الدين عند تقديمه مشروع قانون إزدراء الأديان، فلم يلقَ كلا منهم إلا رد وحيد "هننتظر القانون اللي جاي من الحكومة".

السياسة العامة

عندما عرضت الحكومة موازنتها العامة على البرلمان، وهي التعبير المالي عن السياسة العامة للدولة، تم مناقشتها وإقرارها في 9 ساعات فقط، وسط رفض بعد النواب وصلت حد وصف علاء عابد رئيس الهيئة البرلمانية لحزب المصريين الأحرار الموازنة بـ"الأسوء في تاريخ مصر"، قبل أن يغير "عابد" وجهته في الساعات الأخيرة بموافقة "المصريين الأحرار" على المشروع المالي للعام 2016/2017.

الموافقة على الموازنة بعد 9 ساعات فقط من المناقشة أثار دهشة مدير المركز الوطني للاستشارات البرلمانية، الذي يعتقد أن الوقت المطلوب لإقرارها قد يصل إلى شهرين ونصف في المتوسط، إذ يتعجب من إتخاذ مثل تلك القرار بعد ساعات قليلة من توزيع خطة الموازنة على النواب، في صباح يوم إعلان موافقة المجلس على المشروع المالي للعام الجديد.

في الوقت نَفسه أصر نواب تكتل "25-30" على موقفهم الرافض للموازنة المالية، حيث وجه النائب هيثم الحريري انتقادات حادة لأسلوب إدارة الجلسة خلال مؤتمرا صحفيا للتكتل:"سلق المناقشة غير مقبول، فكيف تناقش موازنة الدولة في 10ساعات"، فيما أضاف خالد عبد العزيز شعبان أن " هناك تدليسا في الأرقام المدرجة بمشروع الموازنة العامة للدولة، من حيث مخالفة في المستحقات الدستورية المخصصة لقطاعي الصحة والتعليم"، ليُضيف النائب أحمد الطنطاوي :"يجب علينا أن نصحح الصورة، فلسنا مجلس الحكومة إنما هم حكومة المجلس".

لم يغب التخبط أيضا فيما يخصّ السياسة المصرية تجاه قضية مياه النيل، صُلب الأمن القومي المصري، وقلب السياسة العامة للدولة، إذ لم يتم مناقشة الملف حتى اللحظة في جنابات المجلس النيابي، ولن يتم مناقشته إلا بعد استطلاع نتائج الملف الفني، حسب حاتم باشات، رئيس اللجنة الأفريقية بمجلس النواب.

ويضيف حاتم باشات لـ"مصراوي" أن المشكلة لا تكمن في اكتمال بناء السد، لكونه كتلة خرسانية تتعلق بسيادة دولة أخرى، لكن المشكلة يمكن أن تترتب على نتائج بنائه، وشكل إدارته، ودرجة أمانه، وفترة ملئ الخزان.

نفس الأمر عندما اعترض عدد من نواب المجلس على إغفال البرنامج الحكومي الذي عرض عليه لأي حديث عن أزمة "النهضة"، حينها قال رئيس المجلس: أن طبيعة هذا الأمر ليس محله برنامج الحكومة؛ لأنه يتحدث عن عمل تنفيذي خلال مدة زمنية محددة، بينما مشكلة سد النهضة لها أكثر من جانب من ضمنها جوانب لا يمكن أن يكون محلها البرنامج، وأردف "عبد العال" أن برنامج الحكومة يخضع للمناقشة والموافقة والمراقبة البرلمانية للتنفيذ، وسد النهضة مشكلة ذات طابع أمني ودولي وفني.

الدور الرقابي

في يوليو من العام 2015، نشرت الجريدة الرسمية، قرارا أصدره الرئيس عبد الفتاح السيسي، يُجيز لرئيس الجمهورية إعفاء رؤساء وأعضاء الهيئات المستقلة والأجهزة الرقابية من مناصبهم، في حالات حددها مشروع القانون. قبل أن تصدر رئاسة الجمهورية في ديسمبر من نفس العام، بيانا تعلن فيه تشكيل لجنة تقوم بتقصي الحقائق فيما خص تصريحات رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات هشام جنينة عن تكلفة الفساد داخل مؤسسات الدولة.

وبعدها بثلاثة أشهر أصدر الرئيس "السيسي" قرارا جمهوريا بإعفاء "جنينة" من منصبه اعتبارا من الـ28 من مارس، بموجب القانون رقم 89 لعام 2015، الذي مرره البرلمان في يناير الماضي بموافقة 328 نائبا ورفض 134 وامتناع 13 نائبا عن التصويت، فيما رد "عبد العال" على رفض بعض النواب تمرير القانون؛ لعدم وجود أغلبية كبيرة للموافقة عليه، بقوله "القانون يحتاج إلى الأغلبية فقط لتمريره". فيما اعتبرت منظمة "هيومن رايتس ووتش" قضية محاكمة الرئيس السابق للجهاز المركزي للمحاسبات " تنتهك الحق في حرية التعبير وتضر بالجهود المبذولة لمكافحة الفساد".

برقية شكر

قبل أقل من شهر على الاحتفال بمرور 150 عاما على بدء الحياة النيابية في مصر، قرر مجلس النواب إرسال برقية شكر للرئيس عبد الفتاح السيسي، تقديرا منه للمسؤولية التي يحملها على عاتقه في قيادة البلاد، وفي ثنايا الاحتفال قام الرئيس بتهنئة "النواب" على إنجازه لمهامه في ظل ظروف سياسية واقتصادية فرضتها مرحلة انتقالية تلت الـ30 من يونيو 2013. فيما يرى رامي محسن أن بعض قرارات مجلس النواب تُمرر لصالح السلطة التنفيذية.

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان