من الحبس إلى التضامن داخل المحكمة.. "نبيل وجابر" لم يتنازلا عن "تيران وصنافير"
كتبت - دعاء الفولي:
تصوير - علاء أحمد:
في الدور الثالث داخل مبنى مجلس الدولة، سيطر الازدحام على المشهد. تراصّ محامو هيئة الدفاع عن مصرية جزيرتي تيران وصنافير، ضمنهم المحاميين خالد علي ومالك عدلي، مقابل المستشار رفيق الشريف نائب رئيس هيئة قضايا الدولة، وكيلا عن الحكومة في طعنها الصادر ضد حكم القضاء الإداري ببطلان اتفاقية ترسيم الحدود. ظُهر اليوم قُتحت قاعة المحكمة أمام الحضور، غير أن جميع الموجودين لم يكونوا محامين فقط؛ فظهرت بينهم وجوه من تضامنوا مع قضية تيران وصنافير منذ تفجيرها في إبريل الماضي. الحال بالنسبة لمحمد نبيل وسيد جابر كان مختلفا، إذ كانا ضمن المجموعة التي تم القبض عليها عقب أيام من تظاهرات "جمعة الأرض"، والمطالبة برفض تسليم الجزيرتين للمملكة العربية السعودية، فبعد أن قبعا بداخل قفص المحاكمات بسبب الجزيرتين ذهبا للمحكمة اليوم للتضامن مع القضية.
في الصفوف الأخيرة جلس الصديقان يستمعان لوقائع المرافعات. كان جابر بصحبة آخرين على مقهى قبل أن يتم القبض عليه وترحيله إلى قسم ثان شبرا الخيمة في 21 إبريل الماضي "جم لمونا كنا كذا واحد مع بعض". الاتهامات الموجهة للشاب ذو الثمانية والعشرين عاما وقتها هي التحريض على التظاهر يوم 25 إبريل، والدعوة لتأسيس جماعة "25 إبريل"، والتحريض على قتل ضباط الجيش والشرطة، غير أن التحقيق ظل بعيدا عن تناول تلك الاتهامات "المحققين كانوا بيسألونا رأيكوا إيه في الجزيرتين؟ شايفينهم تبع مين؟ جمعتوا معلوماتكوا دي إزاي".
على عكس جابر، تم القبض على نبيل من منزله بصحبة أخيه الأصغر. اتهامات أخرى حصل عليها الأخير "منها قلب نظام الحكم وحيازة متفجرات" إلا أنه مكث بقسم أول مدينة نصر لمدة شهر، فيما بقي جابر داخل قسم شبرا أربعة أشهر ونصف وبداخل سجن بنها شهرا واحدا قبل الإفراج عنه منذ أسبوعين.
تلك هي الجلسة الثانية التي يحضر فيها نبيل لقضية تيران وصنافير، مازال يذكر حين استيقظ في يونيو الماضي ليقرأ عن قرار الدائرة الأولى بمحكمة القضاء الإداري، برئاسة المستشار يحيي الدكروري، بإلغاء قرار رئيس الوزراء وبطلان اتفاقية ترسيم الحدود بين مصر والسعودية، التي بموجبها تنتقل ملكية الجزيرتين للسعودية "وقتها مكنتش قادر أتلم على نفسي من العياط وكان كل صحابي على الحالة دي"، ما جعل الأمر أكثر بهجة بالنسبة لنبيل هو المعاناة التي لاقاها أهله عقب ابتعاده وأخيه عن المنزل، إذ شعر وكأن القضاء انتصر لهما.
صار الأخ الأصغر لنبيل مهتما بقضية تيران وصنافير، رغم بعده التام عن السياسة فيما قبل "لما اتحبس عشان الجزيرتين بقى جوة الحالة غصب عنه". لم يكن التوتر مُصاحبا لنبيل كما الحال مع جابر حينما تم القبض عليه، إذ أنها المرة الثانية التي يدلف فيها السجن عقب حبسه في الذكرى الخامسة لثورة يناير.
حالة الإنصاف التي استشعرها نبيل وجابر في الأحكام القضائية المتعلقة بالجزيرتين، هي ما جعلتهما يصران على الذهاب للمحكمة اليوم. "أظن بعد الحبس مفيش حاجة أسوأ هتحصل ليا".. يقول جابر الذي اعتاد العمل في مصلحة الجمارك، قبل أن يُطرد على إثر السجن "بالإضافة للمعاملة السيئة اللي شفناها في سجن بنها وإننا كنا في زنزانة واحدة مع أنصار الدولة الإسلامية اللي بيحلوا دمّنا وممكن يموتونا ببساطة".
اهتمام بدا على المتواجدين بقاعة المحكمة بعدما حدثت مشادة بين محامي الحكومة وأحد أعضاء هيئة الدفاع عن الجزيرتين. هرج طفيف لحقته حدة من القاضي، المستشار احمد الشاذلي، أسكتت الموجودين. في أثناء ذلك كان نبيل وجابر قد اشرأبت أعناقهما سعيا وراء معرفة مصدر الأصوات، قبل أن يعودا لمقعديهما محاولين الانصات لما يحدث، فيما بدا على جابر الانبهار بالأجواء، فتلك هي المرة الأولى له لحضور جلسة عن الجزيرتين.
تفاصيل قضية الجزيرتين لم تغب عن جابر داخل محبسه أيضا. ظلت الزيارات بالنسبة له كنافذة مُطلة على الأحداث "رغم الحالة جوة بس حكم بطلان بيع الجزيرتين ردّ لي الروح".
"هي مسارات.. النضال مش إني أتظاهر طول الوقت، في قانون وممكن نستعين بيه عشان ينصفنا" كانت تلك الجملة تُقال في نقاش بين الصديقين على هامش جلسة اليوم. فرغم أن طريق القانون قد يبدو أكثر صعوبة، حسب قولهما، إلا أنه ساعد بالفعل حين قرر مصرية الجزيرتين، لذا فكل من نبيل وجابر لن يتنازلا عن حضور الجلسات لدعم هيئة الدفاع وتسجيل موقف، أيا ما كانت نهاية الأمر "على الأقل منبقاش اتحبسنا على الفاضي".
فيديو قد يعجبك: