إعلان

في الجامعة الألمانية.. غمّض عينيك واعزف بخفة ودلع

02:43 م الأحد 23 أكتوبر 2016

كتبت- علياء رفعت:
تصوير- محمود أبو ديبة:

جنبًا إلى جنب؛ عُلِقا على باب إحدى قاعات الدراسة بالجامعة الألمانية. إحداهما كان بوستر لصور أعضاء فريقCairo steps - وهى فرقة مصرية/ ألمانية تقدم نوعًا مختلفًا من الموسيقى يُطلق عليه الجاز الصوفي- أما الورقة الأخرى فكانت اعتذرًا مُهذبًا من إدارة الجامعة بتأجيل المحاضرة -المُقامة في واحدة من أكبر قاعاتها- للغد، لحين الانتهاء من ورشة العمل الموسيقية بالقاعة ذاتها. قبل أن تدلف إلى القاعة، وعلى بُعد أمتارٍ منها تستقبلك النفحات الموسيقية، تنساب النغمات بمنتهى النعومة لتُداعب سَمعك، تجتذبك، فتظن أن من يعزفها هو بالضرورة موسيقي مُحترف، لكنك تُفاجىء بالعكس تمامًا حين تطأ قدماك داخل القاعة الكُبرى.

تلتقط عيناك مجموعاتٍ مُختلفة من الطلبة، تتكون كُلٌ منها من حوالي خمس أفراد، ويصاحب كُل مجموعة أحد عازفي الفرقة المشهورة. في الرُكن يجلس أصحاب الآلات الوترية، حول البيانو يتجمع أصحاب الأصوات اللامعة، أما نافخي الساسكفون والفلوت فهم يحولون ثاني أوكسيد الكربون بمنتهى السهولة لنغماتٍ تقشعر لها الأبدان، بينما يتخد ضاربو الطبول الحجرة المجاورة مقرًا لهم، فتنبعث منها دقات تثير حماسك وترقُبك للحفل المُنتظر.

1

"مكُناش مصدقين الإقبال الكبير من الطلاب على حضور الورشة أول ما أعلنا عنها" قالتها عهود خضر مديرة أكاديمية الموسيقى بالجامعة الألمانية، وهى تروي كواليس الإعداد للورشة التى نظمتها الجامعة قبل إقامة الحفل بيوم واحد. فبرغم جدول الطلبة الدراسي المملوء عن آخره إلا أن الأنشطة الثقافية، الفنية والرياضية بمختلف أشكالها هى جُزءٌ لا يتجزأ من حياتهم اليومية داخل أروقة الجامعة التى يؤمن القائمين عليها أن تلك الأنشطة من شأنها أن تُغير نمط تفكيرهم بل وتساعدهم في بناء شخصيتهم، ورُبما تؤمن لهم مجالًا للعمل مختلفًا عن مجال دراستهم إن أرادوا احترافها، "عندنا طلبة كتير بعد ما أتموا دراستهم اشتغلوا في مجالات فنية مختلفة مبدأوش فيها من الصفر لأن عندهم خلفية قوية عنها، وقدروا ياخدوا جوايز كمان".

الإعداد للحفلة والورشة المُكثفة التى استمرت لمدة يومًا واحدًا –من العاشرة صباحًا وحتى السابعة مساءًا- كان مُرهِقًا حسب عهود، والتى حرصت على أن يكون كُل شيىء كما ينبغي له كي تظهرالحفلة، الفرقة، والطلاب في أفضل صورة ممكنة، ولهذا جاءت معايير اختيار الطلاب المشاركين في الورشة مُحددة وصارمة، فاختير من هم على قدرٍ عالٍ من المعرفة والثقافة الموسيقية لكي يستطيعوا مواكبة أداء الفريق بالتمارين، ومن تتماشي الآلات التى يقومون بالعزف عليها مع الآلات المُستخدمة منه قِبل الفريق الذي سيقوم بدوره بتدريبهم.

2

بعد استراحة قصيرة للغداء، اجتمع الفريق والطُلاب داخل القاعة الكبيرة مرة أخري، ولكنهم هذه المرة اندمجوا في مجموعة واحدة كبيرة جلست إلى جوار بعضها وأعينهم مُعلقة بالفرقة الموسيقية حتى أذِن لها المايسترو بالبدء في عزف المقطوعة التى كانوا يدربون الطلاب عليها. تتصاعد النغمات، ويعلو صوت التصفيق رغم عدم انتهاء العزف بعد، بينما أعين الطُلاب لا زالت مُعلقة بسَحرة الموسيقى أمامهم.

3

خفتت الموسيقى، فوقف في وسط القاعة تمامًا وطلب من الطلبة أن يقتربوا ويجلسوا على هيئة نصف دائرة مفتوحة على الفريق ثم أعاد التعريف بنفسه مرة أخرى وبأسماء أعضاء فريقه اللذين استأذنهم في التحدث لبعض الوقت للطلاب بالعربية التى يعتز بها كثيرًا. لم يكن هدف "باسم درويش" مؤسس فريق Cairo steps إقامة حفلًا ناجحًا بالجامعة الألمانية فقط، ولكنه استجاب لدعوة الجامعة حين قاموا بترتيب الورشة لينقل للطلاب خبرة سنواتٍ طويلة قضاها في التعامل مع موسيقين عالمين، عثراتٍ واجهته حتى كون فريقه، ومواقف مر بها ساعده الالتزام على اجتيازها.

"لازم تحترموا الموسيقى عشان تديكوا، البروفات شيىء مُقدس وكل حفلة هى اختبار حقيقي وجديد لنفسكوا قبل ما يكون اختبار من الجمهور ليكوا".. بكلماته الرنانة تلك بدأ حديثه للطُلاب بعد أن جذب انتباههم. زودهم من خبراته، وروى لهم العديد من المواقف التي واجهته على مدار حفلات عديدة قدمها بنجاح للجمهور، ثم فتح لهم باب النقاش مع أعضاء فريقه.

أسئلة عديدة وجهها الطلاب للفريق، فتلقاها الموسيقيون باهتمام، ترحاب، وابتسامة واسعة أعقبها الإجابة على كُل استفساراتهم. ولدى انتهاء من تلك الحلقة النقاشية، انخرط الطلاب بين العازفين ليقوموا بعزف المقطوعة التي أعدوها ليفاجئوا الجمهور بالحفلة.

4

أوركيسترا صغيرة في طور التكوين قبل موعد حفلٍ كبير، وطلاب يُجِدون بدأب ليواكبوا أداء عازفين محترفين، يحاولون فيخطئوا في المحاولة الأولى ويصحح لهم العازفون لتأتي نتيجة المُحاولة الثانية مُبهرة. وفي الأثناء تُراقبهم "عهود" بفخرٍ شديد وسعادة لا تستطيع أن تُخفيها بسبب نجاح محاولاتهم.

5

تجربة الدمج التى قامت بها الجامعة الألمانية ما بين طلابها وفريق Cairo stepsهى الأولى من نوعها حسبما تؤكد عهود، ولكنها ليست الأخيرة كما ترجو " اتمنى إننا نقدر نكرر التجربة دي مع فِرق مختلفة ونعمم التجربة في كُل المدارس والجامعات، الفن بيهذب الأرواح وبينمي ثقافة تقبُل الاختلاف وده اللي إحنا محتاجين نعلمه لولادنا ونربيهم عليه".

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان