إعلان

بعد 30 عاما من الغياب.. عائلة يمنية تبحث عن "نصها المصري"

02:45 م السبت 29 أكتوبر 2016

عائلة يمنية تبحث عن نصها المصري

كتب- محمد مهدي:

غُرفة مُظلمة، في منزل بسيط بمدينة عدن اليمنية، تحمل كآبة الموت، بعد وفاة صاحبها "أحمد محمد ملطوف" لكنها تحوي ما تبقى منه، ومضات من حياته وذكرياته في أوراق وصور وتسجيلات، تُذكر أبنائه "وديد" و"أروى" أن لهم أشقاء من أم مصرية، لم يلتقوا بهم أبدًا، جزء من صُلبهم هناك في القاهرة، فصل من قصة والدهم يقبع في شوارع المحروسة، دبّ الحنين في قلوبهم، شعروا بالمسؤولية تجاه لمّ شملّ العائلة، لتبدأ رحلة بحثهم عن ذويهم "لو اتجمعنا والدي هيرتاح في قبره" يقولها "وديد" متمنيًا العثور عليهم سريعًا.

تسجيلات صوتية، أسماء غير كاملة، حكايات مبتورة سمعها الأبناء من الأب في ساعات الصفاء، هي كل ما يملكانه عن ماضي والدهما وزيجته المصرية في فترة السبعينيات، كان الرجل- في الثلاثين من عمره حينذاك- قد ترك وطنه اليمن، بحثًا عن فرصة عمل بدولة الإمارات "اشتغل سائق معدات ثقيلة في جزيرة داس النفطية" ومن حين إلى أخر ينطلق إلى مصر كدولة سياحية لقضاء إجازته "اتعرف وقتها على زينب" فتاة مصرية خطفت قلبه، مسه عشقها، فقرر الزواج منها.

إلى مَحل عمله في الإمارات، أراد الزوج اليمني اصطحاب زوجته، لكنها لم ترغب. رفضت "زينب" مغادرة مصر، جذورها متشبثة بالمكان، لن تطيق فراق أسرتها، أو ترك عملها كمُعلمة بمدرسة الأقباط بشبرا، تناقشا كثيرًا قبل أن يتفقا على سفره إلى "داس" تاركًا إياها في بلدتها على أن يعود إليها في إجازات طويلة"كان بيشتغل 3 شهور، وينزل مصر شهر ونص"، مرت الأيام دون مرارة، الغياب لم يكسرهما، الوصال لم ينقطع، الشوق لا ينقضي، والحنين يُزيد حلاوة الحُب ليُثمر عن 3 أطفال منحوا الحياة لمنزلهما بالعباسية "قالنا مرة إنه سماهم داليا ووائل وزينة".

 

 

في 19 نوفمبر 1977، جلس الأب أمام التلفاز، يتابع مثل الجميع كلمة الرئيس محمد أنور السادات أمام جمع غفير من أعضاء الكنيست وحكومة الاحتلال الإسرائيلي،لم يكن يدرك أن الأمر قد يمس أسرته الصغيرة، لكن قرار الدول العربية- من بينها الإمارات- بمقاطعة مصر دفعت بزواجه إلى المجهول "مكنش قادر يروحلهم وهي رفضت تعيش في الإمارات فقرروا الطلاق". أنهت السياسة علاقة خب وزواج دامت لسنوات.

الوحدة قاسية، لم يطق "ملطوف" البقاء في الغربة بمفرده، بعد نحو عام من إنتهاء علاقته بـ "زينب"، التقى بـ "فاطمة"، تزوج منها، انجب "أروى" و"وديد"، و4 أطفال آخرين، لكنه ظل مداوما على إرسال أموال إلى "زينب"، تتذكر ابنته الأمر: "كنت بشوفه بيروح البريد ويرسل مصاريف طول ما كنا بالإمارات".

الحياة لم تمنح "ملطوف" الراحة، توفت زوجته اليمنية بعد 8 أعوام من الزواج، تحمل بصبر المسؤولية، أنهى تجربته في الإمارات عام 1996، عاد إلى عدن مرة أخرى برفقة أبنائه، رجل ستيني يحمل على عاتقه تربية 4 أطفال، زادت الضغوط، لم يتمكن من التواصل مع عائلته في مصر باستمرار، انقطعت الرسائل مع مرور الزمن، لكنه لم يخفِ حنينه لهم، كثيرًا ما كان يحكي عنهم لنجلته "كان يوريني صورهم، ويعرفني عليهم، وإنه كان مرتاح معاهم".

مع الوقت، قلّ الحديث عن الأسرة المصرية، تكدست الهموم على رأس الرجل، اعتزل الناس، فقد شهية التواصل مع الآخريين "صار انطوائي، وكان حاسس إنه كدا مرتاح"، كانت جلسته الدائمة داخل غرفته، حتى شعر بوعكة صحية مفاجئة منذ أكثر من شهر ونصف، نُقل إلى المستشفى "اكتشفنا إن عنده سرطان بالرئة بمرحلة متأخرة"، أمضى الرجل نحو أسبوع قبل أن تصعد روحه إلى بارئها.

بين الدفاتر القديمة، بحث الرجل الثلاثيني"وديد" وشقيقته التي تكبره بعامين، عن أي خيط قد يمنحهما الفرصة للوصول إلى أشقائهما لإخبارهم بوفاة والدهم، وإيحاء علاقة الدم التي تجمعهم، حتى عثرا على عشرات الصور لهم، فضلا عن شرائط كاسيت مُسجل عليها لقاءات بين الأب "وزينب" والأطفال-حصل مصراوي على نُسخ منها- ليتعرفوا على مزيد من المعلومات التي قد تساعدهم في رحلة بحثهم عن ذويهم"حاولنا ندور عنهم من خلال الإنترنت.. وتواصلنا مع زملاء في مصر يساعدونا، وياريت أي حد يعرفهم يوصلنا بيهم".

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان