"البعيد عن السيول" لم يسلم من شرها.. "نجع حمادي" مثالًا
كتب-شروق غنيم:
لم تمس السيول مركز نجع حمادي بمحافظة قنا مثلما حدث بقرى أخرى، أمطار قليلة هطلت الأيام الماضية، إلا أن مصارف المياه تأثرت بفعل عكارة السيول. منذ أول أمس والارتباك قد دّب بين الأهالي، لعدم معرفة موعد انقطاع المياه أو عودتها، لكن بحلول الثامنة من مساء أمس، انقطعت المياه عن المركز بأكمله، لتبدأ أزمتهم الموسمية.
أول أمس، استقبل حسين عمر اتصالًا هاتفيًا من صديقه المهندس بشركة المياه، يُخبره أنه خلال أيام سيتم قطع المياه عن المركز. "الإعلام الرسمي مبيقولش حاجة وبنتفاجئ". هروَّل لإخبار أسرته وتخزين أكبر قدر من المياه يُعينهم على فترة الانقطاع، هاتف بعض أصدقائه لاتخاذ احتياطهم "مفيش أسرة تقدر تخزَّن أكتر من 100 لتر. وبتقضينا بالعافية لأغراض الشرب والطبخ فقط".
حالة من الغضب تسيطر على الرجل الثلاثيني "منعرفش الميّة هترجع إمتى"، وهو ما يقلقه بشأن كمية المياه المُخزَّنة، لكن حاله أفضل من إدارات حكومية لم تعرف بشأن انقطاع المياه وفوجئت بالأمر مساء أمس مثل؛ الإدارة التعليمية والتضامن والتأمينات الاجتماعية والشباب والرياضة وهندسة الكهرباء وهندسة الري وجميع المدارس والبنوك-بحسب قوله- "شركة المياه فاشلة وماشيين بالبركة".
"مسألة قطع المياه مش في إيدينا" يقول المهندس عمرو رضوان، مدير شركة مياه الشرب والصرف الصحي بقنا، لمصراوي إن الشركة لا تستطيع منع المركز من التأثر بعكارة السيول رغم هطولها كل عام "ده تيار ميّة منقدرش نتحكم فيه"، كما أنه لا يتمكن من تقدير مدة انقطاع المياه "بمجرد تطهيرها هنفتح محطات الشُرب".
وعلى مدار أمس تابع رضوان نسبة "العكارة" وخلال ساعات تجاوزت الحد المسموح به، إذ أنه من المفترض ألا تزيد عن 20 "إف تي يو" –وحدة قياس العكارة-، لكنها بحلول الثامنة مساء أمس وصلت إلى 25 واستمرت في الصعود.
بالشارع الذي تقطن به ليلى عبدالرحمن، المُدرسة بنجع حمادي، كانت عربة تحمل ميكروفون تجوب مُعلنة عن انقطاع المياه"الميّة هتقطع لمدة يومين". استغلت ليلى كل شئ بالمنزل يمكن تعبئته بالماء "الأزايز، والكولمان، والبانيو وكمان الغسالة". تحاول ليلى أن تُكفيها المياه هي وأسرتها تلك الفترة "بنقتصد في استخدام المياه لحد ما ترجع" وحينما تنقضي الكمية المُخزّنة تلجأ إلى شراء مياه معدنية. لا تنزعج السيدة الخمسينية من مسألة الانقطاع "مادام مخزّنة مياه" فيما يثير حنقها قطعها دون تنبيه مُسبق.
يشرح حسام عابد، مهندس صيانة بمحطة مياه الشرب والصرف الصحي بقنا، عملية اختلاط مياه السيول بمأخذ مياه النيل، وكيفية تطهيرها، حيث تأتي السيول من قرية المعنة بمحافظة قنا-التي تضم تسع مراكز- مُحمّلة بالطمي والتراب وكل ما جرفته بطريقها، تمر بمصبات المياه الموجودة بالمحافظة، ومن بينها مركز نجع حمادي. فيستلزم قطع المياه عن محطات الشرب حتى يتم مُعالجة المياه وتطهيرها، ثم يُعاد تشغيلها مرة أخرى.
السخط من انقطاع المياه تملّك أحمد تقى، الذي يقطن مع أسرته المكوّنة من 12 فردًا بنجع حمادي، لعدم اتخاذ إجراءات استباقية هذا العام "اللي بيخنق الناس إن مواعيد السيول معروفة وكل سنة المياه برضو تتقطع". تحاول أسرته أن تحتفظ بالمياه لكي تُعينهم على أيام الانقطاع لكنها تكفي ليوم واحد فقط "وبنستخدمها كمان للشرب والطبخ بس"، فيما يلجأ أغلب سكان المركز إلى طلبمات المياه، والتي تعد مياهها غير مضمونة "بتبقى ملوثة"، بينما يشتري المقتدرين ماديًا المياه المعدنية، نظرًا لعدم معرفتهم بموعد عودة المياه -بحسب قوله-.
الأزمة بالنسبة لـ"تقى" تتخطى قدوم السيول، إذ يقول إن قرى بمركز نجع حمادي مثل أبو عميري والبطحة –القريبين من الجبل- تنقطع المياه عنها بالأسابيع دون حل "اتكلمنا أكتر لكن المؤسسات نايمة في الخط وبتتفرج علينا".
فيديو قد يعجبك: