"انقذوا رأس غارب".. مساعدة منكوبي السيول تبدأ بـ"هاشتاج"
كتبت- يسرا سلامة:
ضربت السيول مدينة رأس غارب بمحافظة البحر الأحمر مساء الجمعة الماضية، بعد أن التهمت المياه القادمة من جبل الشيخ فضل أُناسا وأشياء، خلفت الكارثة ضحايا في حاجة إلى يد العون، لم تمتد لهم أيدي الحكومة في ظل تضارب في تصريحاتها حول الأزمة، لينتفض عدد من شباب محافظة البحر الأحمر لمساعدة المدينة المنكوبة، بعد إصابة 35 شخصا ووفاة 9 أشخاص، بحسب تقارير وزارة الصحة المصرية، في المحافظة الأكثر تضررا من السيول الأولى في مستهل الشتاء.
محمد شاذلي، 29 عاما، أحد ساكني مدينة القصير بمحافظة البحر الأحمر، التي تبعد عن رأس غارب قرابة ثلاثمائة كيلو، اختار أن ينقذ المنكوبين بدعوة أصدقائه للتبرعات، نقطة للتجمع بالقرب من الجمعية الاستهلاكية، تجمع عدد من المساعدات العينية التي يحتاجها المنكوبين، وهى "البطاطين، الملابس الشتوية، المواد الغذائية والأدوية"، لتتفرق النقطة كـ"الخير في الهشيم" إلى نقاط مجاورة في ميدان الجهار بالقصير، وبالمدارس القريبة نقطة خير أخرى تبدأ بجمع المساعدات العينية.
من مرسى علم انطلقت نقاط مساعدة أخرى في "الحملة الشعبية لدعم رأس غارب"، والتي تبعد عن رأس غارب بحوالي 500 كيلو-، يقول شاذلي – والمدير أيضا لجمعية رؤية الخيرية بالمدينة- إن محافظة البحر الأحمر أشبه بشريط ممتد، تتعدد فيه المدن على هذا الشريط، لكنها تبتعد فيما بينها بعشرات الكيلومترات، وكأنها الجسد الواحد انتفض أبناء المحافظة لرعاية أبناء راس غارب، يصف الشاب وضع المدينة بعد رؤية العين "المدينة اتضربت.. مفيش صيدليات فاتحة، الأدوية باظت، الناس محتاجة بطاطين ومراتب، وشمع لإن الكهرباء مقطوعة".
يذكر شاذلي إن عدد من الجمعيات الأهلية يستعد في أزمات السيول، لكن تلك المرة مفاجأة، يقول "السنة دي غير العادة، السيول نزلت بكثافة شديدة، وسرعة المية أول مرة نشوفها". كما انطلقت الفكرة على أرض الواقع بالتزامن مع الدعاية التي نشرها شباب البحر الأحمر عبر مواقع التواصل بهاشتاج #أنقذوا_رأس_غارب، يستقبل المشاركات والدعم من أبناء المحافظات الأخرى، من المنيا وإلى أسوان.
أبو بكر فضل، منسق الحملة بالأقصر، يقول إن الاستغاثات وصلت لهم منذ مساء الجمعة، مضيفا أن التواصل كان صعبًا من مساء الجمعة بسبب انقطاع الكهرباء وصعوبة شبكات الهاتف، لكن الشباب بدأ التحرك منذ اليوم التالي للسيول، ويضيف أن محافظات الصعيد الأكثر لحاقا لإنقاذ الأهالي من الكارثة بسبب قربها من رأس غارب، يصف عمق الأحداث "اللي حصل كارثة، فيه بيوت كاملة اتدمرت".
يذكر الشاب أن المدينة لا تزال في حاجة لأمصال الانسولين وأدوية الضغط والسكر وألبان الأطفال حتى الآن، مشيرا إلى أن هناك شبه اكتفاء في المواد الغذائية، مضيفا حاجة الأهالي إلى أمصال الثعابين والعقارب، وأيضا احتياجات أساسية مثل مراتب وأماكن للنوم "اللي بيته من دور واحد أكيد قاعد عند حد تاني".
هشام بدوي، رئيس شركة للبالون الطائر بالأقصر، كان واحدا من أذرع الحملة البشرية هناك، يقول لـ"مصراوي" إن مساعدة الأهالي بالغردقة لم تحمل الطابع السياسي أو الحزبي، لكنها "من شخص لشخص ومن الشعب للشعب"، مضيفا أن في الأقصر امتدت كثير من الأيادي لتقديم المساعدات العينية.
المبادرة وصلت لهشام من خلال صديق خارج الأقصر، من محافظة قنا، معها اشتد ساعده للتبرع والتواصل مع من يريد المساعدة، يردف "فيه واحد حالته على قده لكن صمم يتبرع بـ50 جنيه، ورغم إننا لا نقبل المساعدات المادية لكن قبلناها"، ومن ضمن المساعدات من الأقصر أن هناك رئيس شركة أدوية اتصل به لجمع قائمة احتياجات المدينة من الأدوية، يتابع "منطقى رأس غارب تقع في منخفض بين الجبال، ويحتاج المنكوبين إلى أدوية عدة مثل ألبان الأطفال وأدوية السكر والضغط، والاكثر أهمية الأمصال ضد الثعابين والعقارب.
يذكر شاذلي إن المدينة لم تتلق أي مساعدات حكومية حتى اليوم الثالث بعد السيول، قائلا "قرينا في الأخبار امبارح وصول 1000 كارتونة غذائية من أجل رأس غارب وسوهاج"، مثمنًا المجهود الذي تقدمه الجمعيات الأهلية لمساعدة المنكوبين، رغم ذلك يضيف أن هناك عدة مهمات لا تستطيع الجمعيات الأهلية القيام بها، مثل تجريف الطرق من الطين، قائلا إن القوات المسلحة نزلت إلى الأرض بالأمس، لكن أيضا الشوارع الضيقة لم يدخل بها أي مجارف حتى الآن.
وتعاونت عدة جمعيات مع مبادرة انقاذ رأس غارب، إذ يشير شاذلي إلى وصول 15 طن من المواد الغذائية وكذلك المياه المعدنية بالتعاون من جمعيات "رؤية - رسالة- الهلال الأحمر- وجمعيات بالقصير"، وكذلك 1500 كارتونة من بنك الطعام المصري، وجانب عدد من الأهالي والطلبة والشباب في البحر الأحمر.
وكان رئيس مجلس الوزراء شريف إسماعيل توجه إلى المدينة في يوم السبت الماضي، استمع إلى شكاوى بعض الاهالي، فيما يذكر شاذلي إن الغضب يملأ عدد كبير منهم لإن زيارة رئيس الوزراء كانت سريعة ولم يستمع لكل الأهالي في مأزتهم، يحلم الشاب أن تدب الحياة في المدينة المنكوبة، يعود اليوم من القاهرة بسيارة "بلا فراغات" من كثرة التبرعات، ويقول "محتاجين الحياة ترجع للشوارع.. ليه اتأخرت الحكومة؟".
فيديو قد يعجبك: