ريفيو- "إنها فقط نهاية العالم".. كيف اختصر "دولان" 12 عام في يوم؟
كتبت-رنا الجميعي:
في الفيلم الجديد الذي يُقدمه المخرج "كزافيير دولان"، يرى المشاهدون تحديًا جديدًا من الشاب صغير السن، حيث حاز هذا العمل على الجائزة الكبرى بمهرجان كان، كما يُمثل كندا في فئة أفضل فيلم أجنبي، بالأوسكار، ففي فيلمه الذي يعتمد على عمل مسرحي لجاك لوك لاجارس، تنطلق الفكرة من البطل "لوي"، الذي يعود إلى أسرته بعد انقطاع 12 عام عنهم.
رغم أن الجميع يكرر دومًا أنه لا يوجد شيء يُعتبر نهاية الكون أو العالم، لكنها كانت بالفعل نهاية العالم بالنسبة للوي، يسمع المشاهدون صوته الحزين ببداية الفيلم، الذي عرض داخل المسرح الكبير بدار الأوبرا المصرية، ضمن فعاليات مهرجان القاهرة السينمائي، يحكي عن سبب عودته لأسرته بعد كل هذا الغياب، عليه أن يُخبرهم عن مرضه، نهاية حياته، منذ 12 عام ترك لوي "جاسبار أوليال" أسرته، عاش بالمدينة الكبيرة التي لا يُحددها الفيلم، يُصبح كاتبًا مسرحيًا يُشار إليه بالبنان، نعرف ذلك من حديث أخته سوزان "ليا سايدو"، وهي تشير إلى القصاصات التي جمعتها من الصحف عن أخيها المشهور التي لا تعرفه.
الكل يجهل لوي، لا يعرفون عن ذلك الغريب الذي لا علاقة له بأخته أو أمه أو أخيه سوى أواصر الدم، تكون الفترة الزمنية التي يلعب فيها الفيلم هو يوم واحد، توتر كل تلك السنين يجب أن يظهر على الشاشة، لذا يعتمد العمل السينمائي على الحوار بشكل أساسي، ولقطات الوجه القريبة، يظهر الحزن والندم والتردد بشدة على وجه لوي، دومًا ما يكون هناك كلام على طرف شفتيه لكنه لا يقال، عبارات قليلة جدًا صاغها لوي في حواره مع أفراد الأسرة، يُنصت أكثر مما يتحدث، بينما الخبر الحقيقي الذي قدم لإخبارهم إياه، يظل سرًا خفيًا.
يظهر الاستسلام والخوف على وجه زوجة الأخ، كاثرين "ماريون كوتيارد"، هذه هي المرة الأولى التي تلتقي بها لوي، تُحاول الظهور بشكل لائق تجاه شقيق زوجها، تحكي له عن أسرتها الصغيرة، لكن جفاء الأخ أنطوان "فنسنت كاسيل" لا يُعطيها فرصة، دومًا يقاطعها، تجتهد لتكمل حديثها مع لوي، تظهر ملامح أنطوان جامدة وغاضبة، يفتعل شجارات تعكر اليوم، سواء مع أخته أو زوجته، لا يهاب أحد، يُدلل من خلال غضبه حول عدم امكانية تفاعله مع أخيه العائد.
أما الأم "ناتالي باي" فملامح وجهها أقرب إلى مزيج من الحزن الشفيف والجنون، تثير حركة حتى ينقضي اليوم بشكل جيد، تطبخ أصنافًا من الطعام، ترقص مع سوزان، تثير الضحك في الفيلم من أفعالها الساخرة، تُغطي من خلال ضحكاتها وأفعالها المجنونة حزنًا لبعد ابنها، مازالت تُحبه رغم كل شئ، فتقول له "أحبك.. لن تستطيع نزع هذا الشعور عني".
يظهر على ملامح سوزان التردد ولمحة من الأمل، تُمنّي نفسها بقضاء يوم سعيد مع لوي، تحاول فيه لمّ كل سنين البعد ورتقها، تحكي له عن الزمن الذي فارقهم فيه، كانت بسن صغير حينما ترك البيت، تُعدّ ذلك نقصًا بحياتها داخل تلك البلد الهادئة، التي لا يوجد مستقبل بها.
ظلّت أحداث اليوم الواحد داخل البيت، جاءت المشاهد خارجه قليلة تستعرض طريق السريع للبلدة، انتقلت الكاميرا بين مواقع البيت، سواء غرفة الأخت أو الأم، الحديقة خارج المنزل، والمطبخ، والقبو الذي يتذكر من خلاله لوي أحداثًا سعيدة قضاها في مراهقته.
جاءت الموسيقى لتُقدم تلك الحالة من التيه والندم، وأيضًا هناك مقاطع من الموسيقى السريعة، تزيد من التوتر الموجود، جاء ذلك مع تكثيف الفيلم خلال ساعة ونصف، هي مدة العمل فحسب، يظلّ المشاهدون على أمل أن يُخبر لوي العائلة بسبب مجيئه الحقيقي، غير أنه لم يقل شيئًا، فمع كل مرة يُحاول فيها الحديث، يُقاطعه حوار أفراد أسرته، حتى يجتمع بأمه التي تُخبره أن يُعطيهم أملًا زائفًا بالوصل معهم.
بالمشاهد الأخيرة بالفيلم، يقوم لوي بما أشارت إليه أمه، يُخبرهم أن عليهم زيارته ذات مرة، لكن الصراع يحتدم مع أخيه حد مُحاولة أنطوان لضربه، هنا تنتهي الأمور، على لوي أن يعود من حيث جاء، كأنه غير موجودًا أصلًا، ستتمكن الأسرة من حذف ذلك اليوم من ذاكرتها، على العائد أن يغيب ثانية.
فيديو قد يعجبك: