قصة مصور صحفي خرج بالعفو الرئاسي.. "اتحبست 3 سنين عشان ماسك كاميرا"
كتبت- شروق غنيم:
في السابع والعشرين من ديسمبر لعام 2013. اتجه محمد علي صلاح حاملًا كاميرته إلى حي مدينة نصر لتغطية مظاهرة هُناك. بموجب تكليف عمل من صحيفة "الشعب الجديد" التي يتدرب بها. لم يكن يعلم صاحب الـ19 عامًا آنذاك أن هذا التكليف سيفضي به إلى زنزانة لمدة ثلاثة أعوام.
يروي المصور الشاب لـ"مصراوي" تفاصيل ما حدث له. حينها تم اقتياده إلى قسم أول مدينة نصر، ومن ثم وُجهِت له "ليستة تهم" من التظاهر إلى إتلاف منشآت عامة وخاصة، وتكدير السلم العام.
قدَّمت الصحيفة ونقابة الصحفيين أوراقًا تُفيد بأن الشاب مصورًا صحفيًا وكان يؤدي وظيفته. لكن لم يشفع له ذلك عند المحكمة التي أصدرت حكمًا بثلاث سنوات بتهمة "التظاهر دون ترخيص وحيازة كاميرا".
ما أضفى سوءًا على الأمر بالنسبة لـ"صلاح"حينما هاتف ابن عمته "محمد خالد" -الذي يدرس الهندسة بجامعة القاهرة، وهو لايزال بعربة الترحيلات لإخباره بما حدث. هَّم "خالد" مُسرعًا إلى قسم أول مدينة نصر للاطمئنان على قريبه ومساعدته. لكن ماحدث هو القبض على خالد هو الآخر وإدراج اسمه بنفس القضية ومن ثم صدور نفس الحكم بحقه.
صدر في 17 نوفمبر الجاري عفوًا رئاسيًا عن 82 محبوسًا، وكان اسم محمد علي صلاح ضمن القائمة. وعلى إثرها خرج قبل إتمام مدة حبسه بـ40 يومًا فقط.
وقتما عرف "صلاح" بأمر العفو الرئاسي انتابته حسرة "أنا هخرج وخالد لسة جوَّة". وهو ما جعل فرحة الأسرة منقوصه. كما أحسَّ أن خروجه "تم استغلاله سياسيًا". فيما حزن لإنه "لسة في مظلومين كتير في السجن وبأحكام كبيرة" يقول المصور الشاب.
خرج صلاح من السجن بعد أن أتّم 22 عامًا. يدور في عقل الشاب العديد من المسائل "لسة بستكشف الدنيا". لكنه بشكل قاطع قد اتخذ قرارًا بعدم العودة للعمل بالتغطية الميدانية "الفكرة اتشالت من دماغي". وينوّه إلى أن ذلك ليس خوفًا من تكرار التجربة بقدر "مفيش مناخ صحفي في مصر".
كان أول تعاطي مع الإعلام حينما خرج صلاح "مؤسف". هاتفته صحفية لمعرفة تعليقه على العفو الرئاسي. لكن المصور الشاب قد تفاجأ بأنها نشرت كلامًا على لسانه لم ينطق به من الأساس، وهو ما عزّز من قراره بالابتعاد عن عالم الصحافة "بفكر اشتغل في الإنيميشن، المونتاج أو الجرافيك".
لكنه في البداية يريد إنهاء دراسته التي توقفت عند العام الجامعي الثاني. فالطالب الذي يدرس بكلية إعلام أكتوبر "رفضت الكلية إني امتحن وأنا جوة السجن". ولذلك عليه أن يعود إلى النقطة التي دخل منها إلى الزنزانة.
لم يكن مُنشغلًا "صلاح" وهو بداخل الزنزانة ما يدور بالعالم في الخارج من أحداث لشعوره بأنه غير قادر على التفاعل معها "مش هتفرق".
لكن الهاجس الأكبر الذي تمّلك الشاب العشريني هو أسرته، وعدم التقائه بهم سوى كل 15 يومًا. ويستشهد بمقولة لـ"نيلسون مانديلا"، التي راودته كثيرًا وهو بالداخل: "السجن نقطة سكون في عالم متحرك". ويضيف: "كل اللي كان هاممني أهلي وإصحابي عاملين إيه".
الوقت داخل السجن مُميت، سنوات تنساب من عُمر الشاب "منافذ الاستفادة جوة قليلة". يُرجِع ذلك إلى التضييق على دخول كتب، جرائد أو أي مصدر للمعلومات بالداخل. لذا كان يستعين بأهله ويسألهم عن الأخبار أو "بالعافية ندخل حاجة".
لكن أكثر ما كان يُمرر مرارة الوقت بالداخل كان المجتمع الصغير الذي التقى به "صلاح" داخل الزنزانة. إذ جمعته بمتخصصين في مجالات عدة مثل الإدارة والعلوم الشرعية. وهو ما استعاض به الشاب عن غياب أدوات للتعلم أو التزود بمعلومات.
لا يتمنى المصور الشاب شيئًا سوى خروج قريبه بسلام، والعثور على طريقه العملي في الحياة. فيما يختصر ما مَّر به بجملة واحد " أنا صحفي ماسك كاميرا خدت 3 سنين. دي القصة كلها".
فيديو قد يعجبك: