الجبهة الشعبية لـ"تعويم الجنيه".. "اسأل استشير"
كتبت- علياء رفعت:
في الساعات الأولى من الصباح؛ استقبل الجميع نص بيان البنك المركزي المصري بـ "تعويم" الجنيه، حالة ارتباك انتابت البعض، يتساءلون فيما بينهم "يعني ايه تعويم"، حاولوا اللجوء إلى عدد من القنوات، منهم من تابع القنوات التلفزيونية لتفسير الأمر والوقوف على تفاصيله، آخرين حاولوا فهم ما يجري من خلال مواقع التواصل الاجتماعي، فيما اتصل عددا منهم بأصدقاء على علم بالاقتصاد علهم يفكون طلاسم الخطوة.
"مش فاهمين حاجة، بيقولوا كلام كبير في التلفزيون، حاجات ميفهمهاش غير رجال الأعمال" قالتها مروة محمد التى لم تبرح مكانها من أمام شاشة التيلفزيون عقب سماعها بخبر تعويم الجنيه. تتنقل ما بين قناةِ وأخرى وتحاول أن تستقر على أبسطهم في توصيل المعلومة حتى تفهم ما حدث، تستمع إلى الخبراء، وتهاتف ذويها لتسألهم عل أحدهم يفيدها بما لا تعرفه " في ناس بيقولوا إن ده حصل عشان قلق الانتخابات في أمريكا، وفي التليفزيون بيقولوا الحكومة عملت كده عشان توقف السوق السودا".
ما دفع مروة بالأساس لمتابعة الوضع الاقتصادي للبلاد هو بيعها لقطع ذهبية كانت تملكها منذ فترة "اتزنقنا وقولت اتصرف فيهم" لكنها فوجئت بخسارتها لمبلغ مادي كبير بسبب ارتفاع أسعار الذهب المتأثرة بالدولار، لتعود لشِراء مشغولات جديدة بدلًا عن التى باعتها مع تحسن أحوالها "اشتريت من أسبوع، وسعر اللي اشتريته زاد ألف جنيه بسبب إن الدهب بيغلى كل يوم، بس النهاردة يعتبر خسرت ألفين جنيه".
لا تعلم مروة إن كان هذا القرار في صالح المواطن أم ضده في ذلك التوقيت، ولكن كونها رَبة منزل جعلها تقلق على أسرتها الصغيرة من فكرة أن يتقلص راتب زوجها للنصف تقريبًا بحسب ما سمعته وفهمته عن تعويم الجنيه "مفيش مسؤولين خرجوا يطمنونا، والمرتب يا دوب يكفي مصاريف العيال العادية".
في الجامعة؛ كان الوضع مختلفًا قليلًا عما بدا عليه بالنسبة لمروة. فعبد الرحمن الذي يجلس بين رفاقه لم يترك هاتفه من يده ولو لحظة واحدة منذ علم بالخبر "عرفت الصبح من twitter ومن ساعتها متابع لحظة بلحظة". ذلك الاهتمام الذي يُبديه شاب لم يبلغ العشرين بعد، يغيب عن مُعظم رفاقه كما يؤكد "في ناس من صحابي ميعرفوش إن الجنيه اتعوم أصلًا ولا مهتمين حتى باللي بيحصل".
حُب عبد الرحمن لدراسته بمجال القانون وثقافته الواسعة دفعاه للاستزادة من المعلومات المتاحة عبر توتير عن تعويم الجنيه حتى فهم الأمر وأصبح على دراية بأسباب اتخاذ القرار، مؤكدًا أنه يمكن الحصول عليها من مواقع صحفية واقتصادية مختلفة "بعضهم استخدم فيديوهات وانفوجراف عشان يبسطوا المعلومة".
ورغم أن الطالب الجامعي يسعى لنشر ثقافة التوعية بالأحداث السياسية والاقتصادية بالجامعة من خلال انخراطه في جلسات نقاشية حول الأوضاع تعقد بكلية السياسة والاقتصاد، إلا إنه يخشى تدهور الأحوال في الأيام القادمة بسبب تعويم الجنيه "الدولة باللي بيحصل ده رفعت إيديها عن كل حاجة، التجار هُما اللي هيتحكموا في الأسعار وفينا".
على مواقع التواصل الاجتماعي كانت المداولات تتوالى، يكتب محمود حسن "ما حد يفهمنا يا جدعان"، ويعقب محمد عاطف "يعني هو كدا زاد ولا لأ.. وهو مين اللي بينهار الجنيه ولا الدولار"، بينما استنكر محمد حسين طرح الناس لآرائها بعشوائية –حسب وصفه- موضحا "هو أي حد بيفتي وخلاص"، فيما جاءت معظم التعليقات متشائمة من الخطوة، وأخرون فضلوا السخرية طريقا سلسلا لعدم تفسيرهم لموضوع "تعويم الجنيه".
بمقر عملها، كانت هبة تتصفح المواقع العربية والعالمية وتتابع تدفق الأخبار بمؤسستها بحكم كونها صحفية. الهدوء الذي كان يسود أجواء العمل انقلب رأسًا على عقب لدى معرفة الجميع بقرار البنك المركزي بتعويم الجنيه "كنا عارفين إن ده هيحصل عاجلًا أم آجلًا بس لقينا نفسنا مش فاهمين تبعات الموقف واللي هيترتب عليه"، ذلك هو ما دفع هبة والعديد من زملائها لمحادثة الخبراء الاقتصاديين لاستيضاح الأمر منهم ومحاولة صياغته للقارئ بلغة بسيطة يسهل فهمها.
حديث الخبراء الاقتصاديين لم يكن يسيرًا كما تؤكد هبة فهم يستخدمون أغلب الوقت مصطلحات اقتصادية لا يفهمها غير الصحفيين العاملين بالاقتصاد "فما بالك بالمواطن العادي هيفهم ازاى، والصحفي كمان هياخد وقت إنه يفهم فيقدر يبسط المعلومة للقارئ" فهي تعتبر ذلك من أسباب كتابة المحررين لمصطلحات اقتصادية جافة في التقارير المنشورة.
وترى هبة أن ذلك الخطأ الذي وقع به العديد من العاملين بمختلف المؤسسات الإعلامية المقروءة والمرئية لن يساعد القارئ على الفهم ولكنه سيجعله مشوش يلم بقشور الحدث فقط "القارئ في مصر معندوش ثقافة الاهتمام بالخبر الاقتصادي أصلًا، لازم نبسطه ونحاول نضرب له أمثله يفهم بيها قدر الإمكان".
فيديو قد يعجبك: