إعلان

بعد الخروج من حلب.. "العطار" يحلم بزيارة قبر ابنته

02:13 م الجمعة 30 ديسمبر 2016

حلب

كتبت - دعاء الفولي:

لأيام ظل عز الدين العطار يتابع وقائع خروج أهل حلب الشرقية منتصف ديسمبر الجاري. غُصةٌ اجتاحت صدر الشاب السوري؛ عاودته ذكرى ابنته أفنان التي قضت داخل أحد مستشفيات حلب، تذكر لحظات دفنها كأنها الأمس، غالبه الحنين لقبرها، تمنّى لو يزوره، غير أن الواقع انتزعه من الحلم؛ إذ ترك المدينة منذ عام، قاطعا آلاف الكيلومترات لتركيا، خوفا على حياة ابنه الآخر.

23 عاما عاشها العطار في حي المشهد الحلبي. الثورة كانت مبلغ أحلامه، حتى بعدما اُعتقل في اليوم الأخير من اختبارات المرحلة الثانوية، والذي تزامن مع اندلاع احتجاجات في المدينة "ومن وقتها ما قدرت كمل تعليمي فاشتغلت بالعمل الإعلامي".. يقول الشاب لمصراوي.

انقضت أيام الشاب في مدينته ثقيلة، قُتل أفراد من عائلته وأصدقائه في ظل قصف وحصار المدينة، لكنه لم يفكر في تركها؛ فتزوج فيها، إلا أن قراره اختلف عقب 9 أشهر.

إبريل 2014، داخل مستشفى عُمر بن عبد العزيز، بمنطقة المعادي في حلب، اُحتجزت زوجة العطار في انتظار مولودها الأول. خوفٌ اعترى الشابة، فحاولت الممرضات التخفيف عنها، أسمعتها إحداهن آيات من سورة الرحمن، فاختارت اسم أفنان، إذا ما رُزقت بِفتاة.

جاءت أفنان للدنيا.. وفي المستشفى انقطع التيار وأعطاه الطبيب قطعة قماش بيضاء تحمل جسد ابنته

مرّ يومان فقط "وجاءت أفنان للدنيا.. حالتها الصحية ضعيفة صحيح لكنها وُلدت". اختبر العطار لحظات الانتشاء الأولى حين صار والدا. رافقته السعادة رغم قصفٌ قريب من المستشفى، آثر السلامة فأعاد زوجته للمنزل، وقرر البقاء مع ابنته "الأطباء ما رضيو يخلوني أبقى.. شفتها 10 دقائق وكان ييجي جرحى كتير فقالولي تعالى وقت آخر".

لم يُغمض العطار عينيه تلك الليلة، إلى أن ذهب لها في الصباح "هناك قالولي إن المستشفى مُعرض للقصف"، لكن ظل بقاء الصغيرة مفروغا منه، إذ مازالت تحتاج للعناية.

"في اليوم الثالث من ولادتها اتصل بي دكتور قاللي تعالى على المستشفى".. هرع الأب للمكان، استقبله أحدهم مُتجهما "حصل قصف بالأمس مرتين وانقطع التيار عدة مرات ما أدى لتوقف مؤقت أجهزة الأوكسجين والرعاية الطبية"، وقبل أن يفهم العطار، أعطاه الطبيب قطعة قماش بيضاء تحمل جسد ابنته، مُزيّلا حديثه بـ"البقاء لله".

منذ تلك اللحظة انتهت علاقة العطار بحلب، عزم الخروج منها عاجلا، خاصة بعد حمل زوجته بمولودها الثاني بعد شهرين من وفاة أفنان.

بحث ابن حلب عن مخرج آمن "كان لسة طريق الكاستيلو مفتوح وقتها". وهو طريق يقع شمالي مدينة حلب ويعتبر المنفذ البري الوحيد إلى مناطق سيطرة فصائل المعارضة السورية، كما أنه أهم شريان يُمر عن طريقه الإمدادات الإنسانية، وقد تم إغلاقه وفتحه عدة مرات بسبب نزاع الأطراف المُسلحة عليه.

ودّع الشاب حلب في فبراير 2015، برفقة زوجته وبعض أصدقائه وزوجاتهم. امتدت الرحلة لثلاثة أيام، دفع مقابلها أكثر من 400 دولار "لما وصلنا على الحدود التركية ما رضيو يدخلوا أي حدا ماعدا انا وزوجتي لأنها عانت طوال الطريق من آلام شديدة بسبب الحمل".

صقيعٌ وأخطار وحواجز مرت بها الصُحبة، زاد عليها نزيف زوجة العطار ما أدى لولادتها بمشفى فور دخولها الحدود التركية. هُناك أصبح الشاب وزوجته أبوين لـ"بِشر".

لم يعرف أحد من جيران الشاب بخروجه، ففيما هو بالطريق اتصلت جارته تطلب منه القدوم وزوجته "لأنه فيه طبخة كتير شهية. بدنا ناكلها سوا"، ليخبرها المُصور السوري بأنه ما عاد يقطن في الجوار.

أكثر من نصف عائلة العطار داخل سوريا. ومع كل حكاية يسمعها عن حلب يمر أمامه مشهد وفاة ابنته

مازالت أكثر من نصف عائلة العطار داخل سوريا. مع كل حكاية يسمعها عن حلب، يمر أمامه مشهد وفاة ابنته، حين احتضن قطعة القماش البيضاء ثم هال عليها التراب بمنطقة المعادي قريبا من المستشفى، دون إخبار أحد حتى زوجته، فقد علمت برحيل صغيرتها بعد 3 أيام من الموت. يتخيل الشاب قبر أفنان وحيدا دون زائرين، لا يؤنسه إلا القبر المُجاور له لشقيق زوجته ذو الـ16 عاما.

خلال الأيام الماضية، أعلن الصليب الأحمر السوري، عن إجلاء حوالي 35 ألف شخص من حلب الشرقية، أما العطار فمازال محتفظا بمُفتاح شقته في حلب، فيما لم يجرؤ على التقاط صورة لقبر ابنته أو منزله قبل الرحيل "كنت بقول لنفسي يمكن هيك مش المرة الأخيرة ولسة مستني إنه نرجع تاني".

تابع باقي موضوعات الملف

إجلاء ''حلب''.. ليالي ''الشتات'' الحزينة (ملف خاص)

undefined

1 - ''الصليب الأحمر'' يكشف لمصراوي كواليس إجلاء أهل حلب (حوار)

1

2 - سوريون يروون رحلة الخروج من جحيم حلب: العالم كله خذلنا

2

3 - ثنائية الحُب والحرب.. كيف ودع شاب سوري حلب؟

3

5 - كيف تم إجلاء أهل ''حلب''؟ (فيديو جراف)

5

 

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان