حل مشكلة "الزحمة".. مشروع مصري يحصد المركز الثاني لأكبر مسابقة عالمية للمحمول
كتبت - إشراق أحمد:
من العبور إلى القرية الذكية، مشوار يومي لسميرة نجم، نحو 70 كيلومتر تقطعها مهندسة الكمبيوتر من منزلها إلى عملها، تذوق بها -حال الكثير- ويلات الطريق، تكدس لا ينتهي، وقت مهدر، وتعب لا أحد يعرف لماذا يجب تكبده، فقط من أجل الانتقال من منطقة إلى أخرى، ساعات مهدرة ذهابا ومجيئا، لا تجد منقذ لها، ولا حلول خارج إطار إنشاء طرق، وتوسعة أخرى، وفي لحظة خطر لها سؤال "ليه كل مجموعة رايحة نفس المكان متركبش عربية واحدة فالزحام يقل؟"، ظل يلح عليها حتى وجدت الإجابة في "رايح"، تطبيق على الهاتف المحمول، استحوذ على أنظار العديد، منذ كان فكرة، حتى نال المركز الثاني في مسابقة المؤتمر العالمي لتطبيقات المحمول لعام 2016، التي تقام بإسبانيا في شهر فبراير من كل عام.
قبل نحو عامين كان "رايح" مجرد فكرة، أول المتحمسين لها شقيق "سميرة"، فانضم أحمد نجم إلى أخته الكبرى، إلى جانب صديق يسمى حسن، نقاشات تمخض عنها، إمكانية خروج الفكرة إلى النور، بعد دراسة وبحث، جاء التأكيد والمحفز الأول لهم، حين شاركت "سميرة" ببرنامج تدريبي في ألمانيا طيلة شهرين ونصف، لتأهيل الأشخاص من أجل إقامة مشاريع خاصة بهم، على أن يقدم المشاركون أفكار يمكن تنفيذها، فتقدمت سميرة بـ"رايح"، لتصبح بين 18 فكرة اختارها القائمون على البرنامج التدريبي، وأقاموا بينها مسابقة، حصدت بها "سميرة" المركز الثاني بين الثلاثة المراكز المختارة "كان ساعتها رايح لسه فكرة"، فزاد الأمل والحماس لدى الفريق الصغير بإمكانية تنفيذ مشروعهم.
تقليل الزحام، ومن ثم تكلفة التنقل، واستهلاك السيارات، وما يترتب على ذلك من عائد على الاقتصاد والبيئة وكافة نواحي الحياة، هو ما يهدف إليه التطبيق، الذي تقول "سميرة" لـ"مصراوي" إنه يعتمد على تنسيق البيانات بين المستخدمين، المتواجدين في المكان ذاته "مش محتاج تلف على صحابك وتقول لهم هتمشوا أو هتروحوا أمتى مجرد تدخل على التطبيق وتعرف ده".
بين الجيران، زملاء العمل، الجامعة، المعارف. تلك دوائر "رايح" التي يعمل على التواصل بينها لحل مشكلة الزحام، بتوفير عدد السيارات المتواجدة بالشوارع، دون إغفال عامل الآمان "مش هتركب مع حد متعرفوش لكن ممكن علاقتك به مش قوية"، فالمستخدم هو مَن يتحكم في دائرته، ويوجد بالتطبيق خاصية للفتيات والنساء لعمل دائرة خاصة بهم وسياراتهم التي يستقلونها، فالفكرة أشبه بموقع تواصل اجتماعي -افتراضي وعلى الأرض- لأصحاب السيارات حسب وصف المهندسة، ولهذا كان الاسم المختار يليق بالفكرة "سميناه رايح عشان الناس تفتكره كل ما يبقوا رايحين مشوار".
بعد عودة "سميرة" من ألمانيا، بدأت أولى خطوات تنفيذ المشروع، باللجوء إلى وزارة الاتصالات، تقدموا بالفكرة إلى مركز الابداع التكنولوجي وريادة الأعمال، الذي وفر لهم الكثير من الدعم حسب قول "سميرة"، فمنحهم مقر عمل كامل الخدمات لمدة عام، فضلا عن الدعم المادي، لتنفتح الأبواب أمام الأخوين "نجم" وصديقهم حسن، ويخرج التطبيق بحلول عام 2015.
لم يتوقف سعي الأخوين "نجم". تتولى "سميرة" الجانب التقني، باعتبارها الأكثر خبرة بالمجال الهندسي، فيما يبذل "أحمد" –الدارس أيضا للهندسة- أقصى طاقته في شؤون الدعاية للتطبيق، فكانت الخطوة السابقة للمؤتمر العالمي، بالمشاركة في مسابقة التحدي العربي للموبايل، وتأهلهم ضمن خمس فرق من الدول العربية إلى مسابقة المؤتمر العالمي لتطبيقات المحمول، وهو أكبر مؤتمر على مستوى العالم في هذا المجال، وكانت المفاجئة بحصدهم المركز الثاني، رغم أنهم ليسوا الوحيدين المتقدمين بتطبيق يتعلق بالطرق والمواصلات، لكنهم نالوا تقدير وإعجاب لجنة التحكيم كما ذكرت "سميرة".
تجد المهندسة الشابة أن سبب استحواذ التطبيق على قدر كبير من التقدير، هو بساطة الفكرة، استغلالها لطبيعة المجتمع الذي خرجت منه، وتكلفتها الزهيدة مقارنة بإنشاء وتخصيص طرق جديدة، خاصة في المجتمعات الشبيه بمصر "أحنا على طول بنركب مع بعض لما نكون رايحين فرح مثلا.. بطبعنا بنحب اللمة لكن منعملش ده بشكل مقصود"، وما يقدمه "رايح" كتطبيق خدمي هو تنظيم ذلك.
رغم المسابقات، والفوز في أكبر مسابقة عالمية، وتخطي عقبة البحث عن أشخاص تعمل معهم، فصاروا عشرة أفراد بعد أن كانوا ثلاثة فقط، وتواصل بعض الجامعات والشركات لإدخال الخدمة إليهم، قبل أن يتولوا هم التسويق للتطبيق، فبات منفذا في الجامعة الألمانية، وجاري العمل لتطبيقه في الجامعة الأمريكية، والمنيا وشركتين، غير أن "سميرة" لا تشعر بالنجاح بعد، فالتطبيق لازال في طوره الأول، غير متاح للجميع، ويعملون على تطويره والتسويق له، فعندما تتحقق أمنيها "بأن التطبيق يصل لكل الجامعات والشركات والناس كلها" حينها وفقط يمكنها القول أنها نجحت.
فيديو قد يعجبك: