إعلان

هدية ثابت.. أول "ريّسة" لقرية حاجر الضبعية بالصعيد

05:52 م السبت 05 مارس 2016

هدية ثابت

كتبت - دعاء الفولي:

سبعة كيلو مترات تقطعهم هدية ثابت يوميًا، من بيتها بقرية البعيرات بالأقصر، وصولا لمقر عملها بقرية حاجر الضبعية بالبر الغربي. لا تتململ الفتاة الصعيدية رغم مشوارها، في ديسمبر الماضي علمت بترشيحها من قبل العميد أيمن الشريف، رئيس مركز ومدينة القرنة، التابعة لها القرية التي ترأسها "هدية"، لتكون بذلك أول سيدة تتولى رئاسة تلك القرية. صاحبها التردد وقتها وانزعجت أسرتها؛ كيف ستدير فتاة العمل بقرية صعيدية وسط عمال وموظفين؟، لكنها استقرت في النهاية أن التجربة خير مُرشد، لتكتشف أن ذلك العمل -رغم صعوبته- لكنه يستحق العناء.

جواب تلقته "ثابت"، بنهاية العام الماضي يخيّرها بين قريتين "كان أهم شيء بالنسبة لي إني مخدمش في قريتي"، خافت أن يؤدي بقاءها بنفس المكان لمشاكل أسرية، فبقية عائلتها بنفس القرية "وكنت عايزة أخدم الناس اللي معرفهمش عشان محدش يظن إني بعمل دة لقرايبي"، وافقت الفتاة الحاصلة على بكالوريوس الزراعة على المنصب بقرية حاجر الضبعية، وبدأت العمل تحديدا في 14 ديسمبر.

قبل ذلك العمل، كانت ثابت موظفة شئون مالية وإدارية بالمحافظة، لم يكن لها احتكاك بالشارع، قبل والداها عملها على مضض "كانوا عارفين إني بروح وباجي بس جوة مكتب مقفول.. دلوقتي مبقتش اقعد في المكتب خالص"، أسست الشابة بضعة قواعد للتعامل مع المواطنين منها "إن التلات من كل أسبوع في يوم مفتوح للناس عشان نتكلم في المشاكل أو ننظم فاعلية للناس"، في يومها الأول بالمكان اجتمعت ثابت بالموظفين، البالغ عددهم 25 شخصًا، تحدثت معهم عن إعادة هيكلة العمل وتوزيع المهام.

أول ما لفت نظر الشابة كان تراجع نظافة القرية لحد ما، وانتشار أكوام القمامة، بالإضافة لتغطية الأشجار لأجزاء من الطريق، ما يعوق حركة السيارات "طلبنا لودرات عشان نرفع الشجر الزيادة ونقصه"، ثم تم نشر حاويات قمامة بأجزاء القرية المختلفة "بقيت أخبط على الناس أقولهم فيه صناديق زبالة مترموش في الشارع"، وجدت ردود أفعال إيجابية عكس ما توقعت، فاستغلت الفرصة لتحثهم على زرع شجرة أمام كل منزل، إذ أن دراسة الزراعة لم تترك وجدانها بعد.

حوالي 25 ألف نسمة تخدمهم الفتاة الصعيدية، معظم المشكلات التي تأتيها فردية بطبيعة الحال، لكن هذا لا ينفي مشاكل عامة أخرى "مدخل القرية مثلا كان بيحصل عليه حوادث كتير لأنه مفيهوش مطب فعملنا مطب"، بالإضافة لعدم وجود مدرسة ثانوية، ومشكلة أخرى متعلقة بقلة عمال النظافة في القرية "ودة مرتبط بأمر التعيين من الحكومة" على حد تعبيرها.

السابعة صباحا يبدأ عمل هدية بالمكتب، وينتهي ليلا أو عصرا "حسب ظروف الشغل". على الأرض لا تسير الأمور بسلاسة دائما، بعض المواطنين يبدون استيائهم من وجودها بالشارع، وبقائها جنبًا لجنب مع العُمال "يبقى واحد معدي فيقولي واقفة بتعملي ايه؟"، فترد رئيس القرية سريعا "بنحاول نساعد.. لو حابب تنضم لينا اتفضل"، تعودت مع الوقت على ابتلاع التعليقات السخيفة.

في المقابل تجد ابنة قرية "البعيرات" ما يسرها أثناء وجودها وسط الناس، تذكر خروجها ضمن حملة نظافة منذ أيام، فجاءها بضعة طلاب بالمرحلة الابتدائية يسألونها إذا كانت تحتاج لمساعدة، فيما لا تنسى نزولها برفقة آخرين لإزالة منزل صدر له قرار لمخالفته "توقعت إن الناس هتبقى حادة معايا جدا"، فما كان من صاحب المنزل إلا أن قال لها: "معلش يا ريّسة اصبري عليا كام يوم". مع الوقت صار التعامل مع المواطنين أسهل، عرفوها اسما وشكلا، لا تجد غضاضة في توجيه النصح لبعضهم، تتعايش عائلتها مع حياة ابنهم الجديدة، بينما تسعى هديّة لتنفيذ نصيحة والدتها: "حبي الناس عشان يحبوكي".

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان