إعلان

بالفيديو: "شتيوي".. طفل أرهب الاحتلال فرموه بالرصاص

04:05 م الإثنين 07 مارس 2016

الطفل خالد مراد شتيوي

كتبت- دعاء الفولي:

كانت اللهفة تصاحب الطفل خالد مراد شتيوي صباح الجمعة الماضية. ما هي إلا ساعات قليلة وينضم برفقة أبيه لبقية أهل كفر قدوم بمدينة قلقيلية الفلسطينية ضد الاحتلال؛ اعتادوا منذ 13 عاما الخروج كل أسبوع احتجاجا على إغلاق الشارع الرئيس بالكفر من قبل إسرائيل. بين هؤلاء كَبُر خالد، يرفرف قلبه ما إن يرتدي قناع التظاهرات، تنتعش روحه بالهتاف ضد العدو، إلى أن طالته رصاصة إسرائيلية في 4 مارس الجاري، اخترقت عظم فخذه الأيمن، كادت رصاصات أخرى أن تودي بحياته لولا أنقذه أحدهم، سقط الفتى المناضل في العراء، أمامه جنود خافوا من هتافه فاحتموا بسواتر، بدوا من خلفها كأشباح، وأطلقوا عليه الرصاص.. هكذا يصير خالد قصة فلسطينية جديدة تحكي عن خسة المُحتل وشجاعة أهل الأرض.

يوم الحادثة كان خالد -ذو الإحدى عشر عاما- متقدما الصف مع حفنة من زملائه، يخلفه الآخرون ومنهم الأب، لم يكن ثمة جنود في الأفق "ثم سمعنا فجأة صوت طلقات"، كأن الزمن توقف، وقع خالد على الأرض صارخا، مستنجدا بمن حوله، الصدمة ابتلعت الموجودين، ظل الصغير يزحف، بقي بمكانه دقيقتين "خلالهما أطلق الاحتلال قنابل غاز وصوت" على حد قول مُراد، ثم خرج من وسط المتظاهرين أحد أبناء الكفر، ساحبا الصغير إلى دائرة الأمان "فأطلقوا على الأخ اللي حاول ينقذه الرصاص واُصيب برصاصة بالفخذ".

ترعرع خالد وقد وجد أبيه منسق المقاومة الشعبية بكفر قدوم، فاتّبع دربه دون هوادة، سار بجانب المتظاهرين منذ كان في السادسة من عمره، متحدثٌ لبقٌ هو، يعتلي المنابر ليتحدث عن المحتل دون ارتعاش، أوّل ما قاله لمراد حين استطاع الكلام عقب الحادث "أنا كويس بابا دير بالك أنت على حالك"، فيما كان الأب بحالة صدمة "كنت أفضل أنا اتصاب مش ابني".

"الرصاصة اخترقت فخذه الأيمن كسرت العظم وانفجرت بداخله" يحكي مراد عن حالة ابنه حسب وصف الطبيب، بعدما نُقل لمستشفى رفيديا الحكومي، حالة الطفل المعنوية مرتفعة لكنه "لم يستوعب إن في شخص قدر يضرب عليه من مسافة صغيرة أقل من 15 متر وهو شايفه أعزل"، الإصابة لم تكن هيّنة على الطفل الملتحق بالصف الخامس الأساسي، فهو متفوق دراسيا، محبوب من زملائه ومن هم أكبر منه، وهو الآن ينتظر إجراء عملية جراحية لتثبيت عظم الفخذ بقضبان من البلاتين، لن يُنزع من جسده لثلاثة أشهر على الأقل.

الألم الذي عانى منه خالد مجرد جزء من سلسلة قهر فرضها الاحتلال عليه؛ عام 2014 اعتقلوا والده مُراد لأنه يدعم المقاومة الشعبية، ظل الأب بالسجن 10 أشهر، لم يره فيها خالد إلا لماما، التفاصيل التي عايشها أثناء اعتقال الأب تراكمت فصنعت منه كارها لإسرائيل وأعطته أعواما فوق سنه؛ يذكر الأب أنه عقب انتهاء محاكمته الصورية، مدّ خالد يده كي يُسلم عليه "فضربه العسكري الواقف على إيده ضربة شديدة جدا وقال له ممنوع تلمس أبيك"، تحامل مُراد على نفسه لئلا ينهار، وأسرّ خالد الصفعة بنفسه، وحين تحرر الأب سأل والدته عما حدث له ذلك اليوم "فقالتلي إنه ظل 3 أيام نائما بالفراش ومُصاب بصداع دائم"، وأثناء الاشتباكات اُصيب الصغير باختناقات عدة بسبب قنابل الغاز التي يُطلقها الاحتلال، لكنه تعافى سريعا ليعود للمعركة.

اعتادت والدة خالد على الحوادث العصيبة، لكن إصابة الطفل كانت مختلفة، فهو أكبر إخوته –مؤمن ونور وبيسان، رؤية الفيديو حيث يزحف محاولا الهروب كان موجعا، حتى على الأب الذي حضر الحادث من بدايته. انتشر المقطع سريعا على الإنترنت، شبّه كثيرون ما حدث لخالد بما جرى للطفل الشهيد محمد الدرة "نفس المحتل ونفس الإجرام ويمكن الظروف واحدة"، يستطرد الأب أنه لولا العناية الإلهية لأصبح فلذة كبده "محمد درة آخر"

قبل شهرين اُصيب الوالد نفسه برصاصة حيّة في الفخذ الأيمن أيضا "لكن هيك احنا عارفين إنه الاحتلال ما بيترك حدا". لم تنتاب الحيرة مُراد، فكونه أبا لا يتعارض مع نشاطه ضد إسرائيل "واجبي كأب يحتم علي أن أناضل لتأمين مستقبل أبنائي في حياة خالية من الاحتلال".

المظاهرات ماء الحياة لخالد، التجربة مؤلمة لكنه يبتغي العودة لمضايقة الاحتلال، يتندر الأب على علاقة صغيره بالاحتجاج "كنت إذا بدي أعاقبه.. أقوله ممنوع تروح ع المظاهرة"، فينقلب الابن الشقي لفتى مطيع، كانت حكاياتهما عن إسرائيل -ولازالت- لا تنقطع، يسأل الأب ابنه عما يريد أن يصبح حينما يكبر، فيقول: "بتعرف بابا كل واحد بيقاوم الاحتلال بطريقته.. انا بدي أكون مهندس لأنه كل بيت بيهدمه الاحتلال بدي أبنيه".

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان